3/17/2014 -

 هاااام..ابحثوا عن «أرجنكون» المصرية.. الدولة المتخفية داخل الدولة؟؟؟

في تركيا...سبع وعشرين قنبلة يدوية تم مصادرتها من كوخ صغير في عام 2007 .. وبعد تعقب مصدر القنابل .. ثبت أن المصدر يعود لظابط عسكري متقاعد !
وبعد الوصول الى المصدر تم أكتشاف مخابئ أسلحة أخرى ومخططات أغتيال ومؤامرات أنقلابية .. وأنتهت التحقيقات الطويلة الى أعتقال 250 ظابط عسكري و400 شخص من بينهم أكاديميين وسياسيين وصحافيين ورجال دين ووجهاء بلد
البداية كانت من سنوات ماضية طويلة عانت فيها تركيا من تنظيم سري سيطر على حكوماتها .. التنظيم نفذ في الخمسين سنة الأخيرة أربع عمليات..أنقلاب في 1960-1971-1980-1997 .. يسمى التنظيم " ERGENEKON " أو " أرجنكون " وطبعاً هذا الأسم الدارج والمحلي للتنظيم..أما الأسم الرسمي والأعلامي فهو " deep state " ويعني " دولة داخل دولة "
هدف الأرجنكون هو المحافظة على التقاليد العلمانية الليّ أسسها أتاتورك .. أتاتورك من هدم الخلافة الإسلامية وفصل تركيا عن العالم العربي والإسلامي..وأتاتورك من قضى على المدارس الدينية والأوقاف ومنع الأذان باللغة العربية ومنع القران والحجاب وأمر بتحويل الكتابة من العربية إلى اللاتينية...وحول مسجد السلطان محمد الفاتح الى متحف ومنع الحج وكل ما يمت للدين بصلة .. واللمسة الأخيرة كانت أنشاء الأرجنكون للحفاظ على هذه المبادئ وبقائها.
على سبيل المثال .. عصمت إينونو بعد خلافتة لأتاتورك حافظ على تقاليد اتاتورك وتعاونت معة الأرجنكون .. لكن يوم وصل عدنان مندريس للحكم تم الأنقلاب علية وأعدامة بالشنق لأنة أعاد الأذان للغة العربية وأعاد البرامج الدينية للإذاعة وسمح بالذهاب للحج .. عدنان مندريس بهذه الطريقة خدش تقاليد أتاتورك فطبيعي تقوم الأرجنكون بعملها وتلغية من الوجود
الأمر الليّ ساعد الأرجنكون على البقاء والسيطرة والنفوذ هو أختراقها للمؤسسة العسكرية التركية .. ونقدر نقول أن الأرجنكون هو تنظيم عسكري سري !
فكانت الأرجنكون ولسنوات طويلة محافظة على تقاليد اتاتورك العلمانية وبكل أقتدار .. الى أن وصل أردوغان .. يقول أردوغان : ( هذة العصابات ليست جديدة على بلادنا ونراهم في الموسسات الأكثر أهمية .. الأشخاص الذين عملوا في مؤسسات الحكومة عملوا أيضاً لصالح هذة المنظمات وهدفنا هو التخلص منهم
اما في مصر...فكلما اقترب الشعب المصري خطوة من امتلاك زمام الولاية على نفسه والتحرر من قيود الاستبداد والفساد والفشل؛ جن جنون «الدولة العميقة» في مصر، وطاشت تصرفاتها، وراحت تدبر وتنفذ جرائم القتل والحرق والترويع، وتستميت في سبيل إجهاض نجاحات ما بعد ثورة 25 يناير، وتفعل كل شيء من أجل قطع الطريق على ما تبقى من ملامح اي استقرار في مصر. ولن يهدأ للدولة العميقة في مصر بال، ولن يغمض لها جفن حتى تتمكن ـــ إن استطاعت ـــ من الانقلاب على الشرعية الشعبية التي يمثلها برلمان الثورة المنتخب او الانقلاب على قيادة المجلس العسكري.
ليس عندي شك في أن مصر مبتلاة بـــ» دولة عميقة» غير الدولة الرسمية التي نعرفها ونحترم مؤسساتها. هذه الدولة العميقة هي التي تقف خلف الجريمة المروعة التي جرت في ملاعب كرة القدم في كل من مدينة بور سعيد والقاهرة، وهي التي تقف خلف كل أعمال الفوضى والعنف والتخريب التي تقع في البلاد. هي التي اختارت هذا التوقيت الشيطاني لجريمة بورسعيد المناسبة السنوية الأولى لثورة يناير، ومع بدء عمل أول برلمان يعبر عن إرادة الشعب من جهة، والأحداث التي سبقتها ورافقتها من جهة أخرى مثل أعمال التحريض، وحوادث التجمهر أمام مجلس الشعب ومحاولات اقتحامه، والسطو المسلح على سيارات نقل الأموال من البنوك، وقطع الطرق، وخطف المواطنين والسائحين الأجانب، وممارسة أعمال الترويع بصورة منهجية مبرمجة. وكل هذه الجرائم لا تخرج عن تدبير ما نسميه «الدولة العميقة».
ويسأل سائل: ما المقصود بالدولة العميقة وأين هي في مصر؟ ولماذا تريد هذه «الدولة العميقة» الانقلاب على الشرعية الشعبية؟. هنا لابد من استحضار الحالة التركية كي نحدد المقصود بالدولة العميقة، وكي نعرف أيضاً لماذا تريد الدولة العميقة الانقلاب على الشرعية الشعبية.
«الدولة العميقة» اسم كان ولا يزال شائع الاستعمال في الخطاب السياسي التركي ـــ وفي بعض البلدان الأخرى وخاصة أمريكا اللاتينية ـــــ والمقصود به هو شبكة من العملاء المنتمين إلى تنظيم غير رسمي وتربطهم مصالح واسعة مع قوى داخلية وخارجية، ونقطة القوة الأساسية في هذا التنظيم هو أن قياداته الكبيرة تشغل مناصب رسمية في مؤسسات الدولة المدنية والسياسية والإعلامية والأجهزة الأمنية والعسكرية، وهذا ما يعطيها قوة هائلة على التخفي والفاعلية في تحقيق أهدافها في آن واحد من خلال تسخير مؤسسات الدولة الرسمية ذاتها لخدمة الأهداف غير المشروعة للدولة العميقة .
ما نعرفه عن الدولة العميقة في تركيا هو أنها ليست تنظيماً خارجاً عن القانون فحسب؛ بل هي تنظيم يعمل من داخل مؤسسات الدولة، وفي يده صنع واتخاذ قرارات خطيرة باسمها بحكم المناصب الرسمية التي يشغلها أعضاؤه. هو تنظيم له وجهان: وجه خفي لا يعلمه إلا أعضاء المنظمة السرية، وآخر علني يظهر به في صورة مسئول حكومي، أو حزبي، أو نقابي ، أو نائب في البرلمان، أو مسئول عسكري، أو أمني رفيع الرتبة، أو رجل أعمال، أو صحافي، أو نجم من نجوم الفن والرياضة.
ومن المهم أن نبحث قليلاً في خلفيات نشأة الدولة العميقة بهذا المعنى في تاريخ تركيا الحديثة؛ فربما نعرف منها ما الذي يحدث في مصر هذه الأيام ولماذا يحدث.
كانت تركيا أول دول العالم الإسلامي غرست فيها المخابرات الأمريكية « نواة ما عرف فيما بعد باسم الدولة العميقة، وذلك في سنة 1952 ، وكان الهدف الأساسي هو التحكم في قرارات قيادات الجيش، وصناع القرار والمسئولين السياسيين الكبار في مختلف مواقع السلطة والإدارة العامة في الدولة التركية. وبمرور الوقت تضخمت «الدولة العميقة» غير الرسمية، حتى أضحت دولة موازية للدولة التركية الرسمية. وكلما كانت تركيا تتجه خطوة نحو التحول الديمقراطي بإجراء انتخابات حرة تأتي بأحزاب وقوى وطنية وإسلامية للسلطة، تحركت أركان الدولة العميقة وأشاعت الفوضى بأعمال العنف في البلاد لإجهاض هذه الخطوة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها. وهكذا عانت تركيا من سلسلة جرائم بشعة ارتكبتها «الدولة العميقة» ولم تتوقف عن ارتكابها منذ سبعينيات القرن الماضي.
ولكن لما وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بانتخابات حرة في ديسمبر سنة 2002، وأصبح رجب طيب أردوغان رئيساً للحكومة. وجدت حكومته أنه قد آن أوان التخلص من الدولة العميقة واستئصال شأفتها، وتقويض أركانها، وخاصة أنه كان قد نما لعلم حكومة أردوغان أن «الدولة العميقة» أعدت خطة سنة 2003 للإطاحة بها بعد شهور قليلة من الانتخابات التي أتت بأغلبية برلمانية نسبية لحزب العدالة والتنمية!!. وأدركت حكومة أردوغان أن صعوبة هذه المعركة وتعدد وتعقد أطراف الدولة العميقة تفرض العمل وفق خطة محكمة وطويلة النفس للقبض على أقوى شبكة منظمة للدولة العميقة وهي المعروفة باسم «أرجنكون»، وتقديمهم للقضاء وفق الإجراءات القانونية.
وبالفعل تذرعت حكومة أردوغان بالصبر على الأرجنكون وأركان الدولة العميق من جهة، وتذرعت من جهة أخرى وفي نفس الوقت بالعمل الجاد في إصلاح الأحوال الاقتصادية، ورفع متوسط الدخل الفردي، ومحاربة الفساد في المحليات/البلديات وفي البيروقراطية العامة للدولة؛ وذلك كي تضمن أن كل مواطن من السواد الأعظم قد امتلك قوت يومه، وأصبح لديه شيء يخاف عليه، حتى إذا ما بدأت المواجهة مع دولة الفساد العميقة ضمنت الحكومة تأييداً شعبياً واسعاً لها. وهكذا لم تبدأ المواجهة الحقيقية بين حكومة أردوغان والأرجنكون إلا في يونيو سنة 2007؛ أي بعد أن أنهت مدة ولايتها الأولى، وكانت قد نجحت في مضاعفة متوسط دخل الفرد ثلاث مرات من 2300 إلى حوالي 9000 دولار في السنة.
توالت وقائع المواجهة بين حكومة أردوغان والدولة العميقة بطريقة «خطوة خطوة»» أو «قضمة قضمة»؛ بدأت بإلقاء القبض في يوليو سنة 2007 على عدد من المتهمين العاديين كانت لهم صلة بأعمال إرهابية وتخزين أسلحة في أحد مساكن اسطنبول. ثم تطورت المواجهة في مارس ويوليو من عام 2008، عندما تم القبض على مجموعة أخرى مكونة من 14 شخصاً كانوا يشغلون مناصب رفيعة، منهم مثلاً زعيم حزب العمال المعارض، وقائد سابق للأمن الداخلي، وقائد سابق للجيش الأول التركي. وفي خطوة ثالثة تم القبض على 84 متهما جديداً في قضية الأرجنكون أيضاً، وفي تلك المرة تصاعدت حملة القبض وشملت ذوي مناصب أرفع من سابقيهم، كان منهم ثلاث من قيادات الجيش المتقاعدين، وعدد آخر من رجال الجيش والشرطة وبعض الصحفيين ورؤساء الجامعات المتقاعدين. ثم تواصلت الحملة في يونيو 2009 باكتشاف مؤامرة عرفت باسم «مواجهة الرجعية» دبرها بعض قادة الجيش من سلاح البحرية. وكان المقصود هو التمهيد لانقلاب عسكري والإطاحة بحكومة العدالة والتنمية بعد انتخابها في ديسمبر سنة 2002(لاحظ أن الحكومة لم تعلن عن هذه المؤامرة إلا في يونيو 2009، وقدمت المتهمين للمحاكمة بأدلة دامغة بعد أن نشرت صحيفة «طرف» التركية وثيقة تتضمن خطة الانقلاب ضد الحكومة المنتخبة).
وظلت المواجهة بين الحكومة والدولة العميقة مفتوحة: الحكومة تعمل وتنجز في الداخل والخارج، والبحث جار على قدم وساق للإمساك بأعضاء منظمة الأرجنكون وحلفائها في الدولة العميقة. وفي فبراير 2010 تم القبض على عدد آخر منهم، ثم في يوليو 2010 دخلت المواجهة مع الدولة العميقة طوراً أكثر خطورة بالقبض على 196 متهماً دفعة واحدة، من بينهم 25 جنرالاً كانوا لا يزالون في خدمتهم بالقوات المسلحة التركية. وبلغت المواجهة ذروتها في الأسبوع الأول من يناير هذا العام 2012 بالقبض على رئيس أركان القوات المسلحة السابق بشحمه ولحمه واسمه إلكر باشبوغ، وهو قيد الحبس على خلفية علاقاته بمنظمة الأرجنكون والتآمر معها للإطاحة بحكومة العدالة والتنمية المنتخبة من الشعب.
أنا أدرك تماماً أن ثمة فروقاً واختلافات كبيرة بين الحالة التركية وحالتنا في مصر. ولا يمكن أن نقول إن حالتنا هي حالتهم بالتمام والكمال. ولكن ثمة أيضاً أوجه للشبه بين حالتنا وحالتهم، وثمة أيضاً الكثير من الدروس المفيدة التي يمكن استخلاصها مما أوردناه بشأن وقائع المواجهة بين دولة الإرادة الشعبية التي تمثلها الحكومة المنتخبة بزعامة أردوغان، وبين دولة الفساد والاستبداد ومنظمات الأعمال الإجرامية التي تسمى «الدولة العميقة»؛ في تركيا وفي مصر... تُرى: أليس في مصر ما يشبه الأرجنكون التركية؟؟؟

إرسال تعليق Blogger

 
Top