4/18/2013 -
 
 اخوتنا احبائنا في الله...كما تعودنا في شهر رمضان الكريم ان نتناول يوميا صورة من الاعجاز العلمي في الكتاب والسنة...فموضوعنا اليوم عن الجبال وما ذكر فيها من حقائق علمية لم تثبت الا بالعلم الحديث..
فقد قال رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام:" لو ضرب الجبل بقمع من حديد, لتفتت ثم عاد كما كان" وسبحان الله الذي لم ينطقه عن الهوى..فتعالوا نعلم ما اثبته العلم الحديث من حقائق وصلت للمسلمين منذ اكثر من 14 قرن...
فقد قرأتُ العديد من الأبحاث في إعجاز القرآن الكريم والتي تدور حول حديث القرآن عن حقائق علمية في علم الجبال قبل أن يكتشفها العلم بقرون طويلة. ولكن الذي أثار اهتمامي بهذا الموضوع ما قرأته على أحد المواقع الذي ينشر سلسلة مقالات بعنوان: أكذوبة الإعجاز العلمي!!

وقد تناولوا في إحدى مقالاتهم نشوء الجبال وأكدوا أن القرآن قد أخطأ علمياً في الآية التي تقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [النحل: 15]. وأن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلاً وليس المتحركة ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.

وبما أن هؤلاء لا تقنعهم كلمات علمائنا من المسلمين، فسوف نلجأ إلى علماء الغرب وهم من غير المسلمين ونتأمل في آخر ما توصلت إليه أبحاثهم وماذا يقولون حول هذا الموضوع وسوف نرى التطابق الكامل بين ما تكشفه الأبحاث الجديدة في علوم الأرض وبين القرآن العظيم.

فقد تابعتُ ما يعتقده علماء الغرب اليوم حول الجبال، وقرأتُ ما يدرِّسونه لطلابهم من أشياء يعدّونها حقائق facts وإليك عزيزي القارئ ما اكتشفه هؤلاء العلماء وهم من غير المسلمين:

"التوازن الأرضي هو توازن لبنات القشرة الأرضية العائمة على الغلاف الصخري للأرض. الجبال تملك جذوراً تمتد إلى داخل الغلاف الصخري بهدف تأمين التوازن"
وهذا ما نجد وصفاً دقيقاً في كتاب الله تعالى عندما يقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [النحل: 15]. إذن سمّى القرآن الجبال بالرواسي تشبيهاً لها بالسفينة التي ترسو ويغوص جزء كبير منها في الماء. وهو ما تفعله الجبال فهي ترسو وتغوص في قشرة الأرض خصوصاً إذا علمنا أن القشرة الأرضية تتألف من مجموعة من الألواح العائمة على بحر من الحمم والصخور المنصهرة..
ولو بحثنا عن معنى كلمة (رسا) في المعاجم مثل مختار الصحاح نجد معناها (ثبت)، وهذا ما تقوم به الجبال من تثبيت للأرض لكي لا تميل وتهتز بنا. ويؤكد العلماء اليوم أن كثافة الجبال تختلف عن كثافة الأرض التي حولها، تماماً مثل قطعة الجليد العائمة على سطح الماء.

فإذا وضعنا قطعة من الجليد في الماء نجد أن جزءاً كبيراً منها يغوص في الماء ويظهر جزء صغير منها على وجه الماء ولولا ذلك لا تستقر قطعة الجليد وتنقلب وتميل.

ونحن نعلم من هندسة تصميم السفن أن السفينة يجب أن يكون لها شكل محدد لتستقر في الماء ولا تنقلب. والجبال قد صمّمها الله تعالى بشكل محدد فهي لا تنقلب برغم مرور ملايين السنين عليها!! ومن أعجب ما قرأت حول هذه الجبال ودورها في التوازن الأرضي أن العلماء عندما قاسوا كثافة الجبال وكثافة الأرض المحيطة بها وجدوا أن النسبة هي ذاتها كثافة الجليد بالنسبة للماء.

وهنا تتجلّى عظمة القرآن في دقة التشبيه وروعته، ولذلك قال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء: 31]. فشبّه الجبال بالسفن الرواسي وهو تشبيه دقيق جداً من الناحية العلمية!! فمن الذي أخبر النبي الأمي عليه الصلاة والسلام بهذه الحقائق؟
ثم إن جميع العلماء يؤكدون اليوم بأن الجبال لها أوتاد تمتد في الأرض وتغوص لعشرات الكيلو مترات، وهذا ما حدثنا عنه القرآن العظيم بقوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) [النبأ: 6-7]. فإذا كان القرآن يصرّح بأن الجبال هي أوتاد، والعلماء يقولون إن للجبال جذوراً تثبت الأرض وتعمل على توازنها..فجميع جبال الدنيا تمتد عميقاً في الغلاف الصخري للأرض، ويبلغ عمق هذه الجذور عشرات الكيلو مترات، ونجد أن عمق جذر الجبل يزيد على ارتفاعه فوق سطح الأرض بأكثر من عشرة أضعاف!!! وهذا ما نجده في الوتد. فالوتد من الناحية الهندسية وحتى يؤدي مهمته في التثبيت يجب أن يغوص في الأرض لعدة أضعاف الجزء البارز منه. فسبحان الذي سمى الجبال (أوتاداً) وهذا التشبيه أفضل تشبيه من الناحية العلمية.

رأى جديد في معنى الجدد والغرابيب؟؟؟

قال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ أنَزَلَ مِنَ السماء ماء فَأَخْرَجْنَا به ثَمَرَاتٍ مّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ.وَمِنَ النّاسِ والدواب وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " ( فاطر27-28).

المفسرون القدماء لم يختلفوا في أن المقصد الرئيسي من تلك الفقرة هو بيان اختلاف الألوان مثل قوله تعالى :"صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىَ بماء وَاحِدٍ"ولكن اختلفوا في كلمتي جدد و غرابيب, فابن كثير ذكر أن ابن عباس قال : " الجدد هي الطرائق " أي الطرق, جمع جدة. بينما نقل الشوكانى في تفسيره عن الفراء أن الجدد تكون في الجبال كالعروق وهذا قريب مما نقله القرطبي في تفسيره عن الجوهري : " والجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه " وهو ما ذهب إليه البيضاوي. كما ذكر القرطبي أن الجدد هي القطع. وذكر كذلك أنها قد تكون طرائق تخالف لون الجبل. أما كلمة "غرابيب سود " فذكروا أن غرابيب جمع غربيب وهو شديد السواد. ولكن القرآن لا يكرر ألفاظا, هل يقول القرآن: شديد السواد أسود ؟ إن قيل للتوكيد فتوكيد الألوان لا يتقدم عليها, بل يقال عندئذ ( سود غرابيب ).

اما رأى علماء الإعجاز العلمي:

د . عبد الله عمر نصيف ( أستاذ الجيولوجيا السعودي ) لفت الأنظار إلى مسألة جديرة بالتدبر وهى إشارة تلك الفقرة القرآنية إلى دور الماء في تلوين الصخور, وهى مسلمة علمية جيولوجية قال ذلك في ورقة له في المؤتمر الأول لجيولوجية العالم العربي بجامعة القاهرة.

وهو ما أشارت إليه بإعجاز بداية الفقرة القرآنية التي نحن بصددها. أما " الجدد" فقد انحاز علماء الإعجاز المعاصرون إلى رأي الفراء الذي قال أن الجدد هي العروق في الجبال، أي ما يسمى الآن " القواطع " Dykes ثم ذكروا أن الإعجاز في فصل القرآن بين ألوان الصخور الفاتحة (بيض وحمر) من ناحية وبين الداكنة (سود) من ناحية أخرى وهو تصنيف الصخور المشهور في الجيولوجيا Felsicإلى Mafic. ولم يتعرضوا لقضية لماذا لم يذكر القرآن سود دون غرابيب أو العكس فقط د. عبد الله عمر نصيف رأى أن الغرابيب هي التراكيب الجيولوجية البازلتية السوداء التي تكون على هيئة الوسادة أو ما يسمى PILLOW LAVAكذلك رأى د. حسنى حمدان أن المقصود بالجدد القواطع (DYKES)العديدة التي على هيئة سرب SWARMليتحقق تعدد الألوان, وليس القواطع المنفردة.

نبذة عن نشأة الجبال:

أكثر أسباب نشوء الجبال خاصة سلاسل الجبال الكبيرة هي:-

أ‌- التضاغط بين لوحين من الألواح المكونة للقشرة الأرضيةTectonic plates . سواء لوح قاري مع آخر محيطي. حيث تعلوا منطقة التلاصق قليلا ثم تعلوا أكثر نتيجة نشوء الحركات البركانية , مثال ذلك جبال الإنديز . أو التضاغط بين لوحين قاريين مثل أحزمة جبال الهيمالايا والألب)تسمى هذه العملية (Orogeny. وهذا التضاغط يلغى أي خطوط أفقية( جدد).

ب‌-حركات الصخور الرأسية: أو ما يسمى الارتفاع الإبيروجينى EPIROGENIC UPLIFTنتيجة نشوء بقعة حارةHot spot أسفل القشرة الأرضية لتلك المنطقة. مثال ذلك هضبة كلورادو في الولايات المتحدة المكونة حادا. ورسوبية ذات طبقات ملونة نتيجة اختلاف نوعية صخور كل طبقة. وهذا لا يلغى خطوط الصخور الأفقية(الجدد) لأنه ليس حادا .

ج- التجوية والتعرية WEATHERING AND EROSION حيث يؤدى تآكل سطح بشكل نسبى إلى نشوء قمم صغيرة ترتفع تبعا لنظرية الطفوISOSTASY. مثال ذلك جبل "ريودى جانيرو " الجرانيتى الشهير في البرازيل SUGAR LOAF.

د- الانفجارات البركانية البانية لجبالها حيث تتراكم الصخور بعد أن بردت من الحمم. وهى عملية كثيراً ما تكون مصاحبة للسبب الأول أو في حالة تباعد لوحين محيطيين من ألواح القشرة الأرضية أو انقسام لوح قاري إلى لوحين بعد أن نشأ تقبب ثم تشقق لمنطقة الفصل ثم تكون منخفض ثم خروج الحمم المكونة للجبال البركانية من هذه الشقوق (Rift valley). مثال ذلك هضبة " دراكنسبرج" بجنوب إفريقيا. وهذه الجبال بالطبع لا نجد فيها خطوط (جدد) صخور أفقية لأنها ستنصهر حتما. وكذلك لاختلاف لزوجة كل نوع من الصخور البركانية مختلفة الألوان. قد يشكل البازلت الأسود طبقات فوق بعضها عقب إنفجارات متعددة إلا إنها ستكون طبقات (جددا) ذات لون واحد( مثل جبال هاواى) .

الإعجاز الأكبر في مسألة " اختلاف الألوان " وتقديمها:

يتضح تماماً أن تركيز هاتين الآيتين على مسألة " اختلاف الألوان "، إذ ذكرت في القرآن كله سبع مرات وفي تلك الفقرة القصيرة ذكرت ثلاث مرات. إذن في الكلام عن الجبال هنا التركيز على مسألة اختلاف ألوانها . فيكون معنى الآيتين إما (أ) : من الجبال ما يكون مكونا من جدد (طبقات)وسيكون لون هذا الجبل في الغالب الأبيض ثم الأحمر أو ما بينهما ( كالأصفر ) }وهى على التوالي جبال الحجر الجيري وخام الحديد والحجر الرملي, وهى المتواجدة على هيئة طبقات مترسبة{, ومنها ما لا يكون على هيئة طبقات (جدد) بل يكون له قمة.

كأنما الفقرة تدعوك إلى النظر في ناحية إلى مجموعة من الجبال المكونة من طبقات. واحد منها أبيض اللون والآخر أحمر وهكذا . وإلى النظر في ناحية أخرى إلى جبل بلا طبقات, مصمت وله قمة وأسود اللون.

وإما أن يكون المعنى (ب) : أن هناك من الجبال ما يكون مكونا من جدد متعددة الألوان, (وهذا الاحتمال هو الأرجح في رأيي )، ومنها ما يكون مكونا من لون واحد بلا جدد وهو الأسود، ( إن عد لونا لأنه يمتص جميع الألوان) دون شوائب من أي لون آخر. كأنما تدعوك تلك الفقرة إلى النظر إلى جبل مكون من جدد (طبقات) متعددة الألوان في ناحية. وإلى النظر إلى جبل آخر بلا طبقات أسود اللون في ناحية أخرى . يؤكد ذلك إعجاز القرآن المتكرر في تقديم بعض الكلمات لحصر وصف ما في فئة محددة .

لذا فيمكن تلخيص الفقرة السابقة انها اشارت للتالي

أ-الجبال مختلفة الألوان والجبال المكونة من لون واحد وهو الأسود الذي قد لا يعد لونا لامتصاصه جميع الألوان.
ب-الصخور المكونة من معادن فاتحة FELSICوأخرى داكنة MAFIC.
ج-الفصل بين الجبال المكونة من طبقات أفقية (جدد) وأخرى ذات قمم أو نتوؤات والتي قد يكون لها خطوط رأسية نتيجة التضاغط.
د- الصخور الرسوبية (التي تكون الجدد أو الطبقات) والصخور النارية (المكونة للجبال الغرابية ). أي أن }الإعجاز الأكبر هنا في الفصل بين هذين النوعين من الجبال, الغرابى والجددى.

وسبحان الله وبحمده..سبحان ربي العظيم

إرسال تعليق Blogger

 
Top