4/11/2013 -
منذ أن غادر كوبرنيكوس الأرضَ من موضع امتيازها في مركز المجموعة الشمسية، تبنى الباحثون فكرة أنه لا يوجد شيء خاص حول زماننا ومكاننا في الكون. وما يراه الراصدون الآن ـ كما يُفترض ـ ما زال مستمرًّا منذ مليارات السنين، وسوف يستمر لدهور أخرى.
 
وما وصلت إليه المشاهدات من مسافات شاسعة في المجموعة الشمسية في السنوات القليلة الماضية يمثل تحديًا لذلك المفهوم.. فأكثر الأجسام نشاطًا هناك ـ قمر كوكب المشتري «آي اُو» Io، وقمرا كوكب زحل تيتان (Titan)، وإنسيلادوس (Enceladus) ـ ربما أبدت مَشاهدَ محدودة النطاق، حظي الإنسان برؤيتها. إن حلقات زحل اللامعة أيضًا ربما ظهرت للعيان حديثًا نسبيًّا، وربما تصبح معتمة بمرور الوقت. وهناك بعض الآراء، لا يرتاح إليها علماء الكواكب، إذ من غير المحتمل إحصائيًّا أن يدرك البشرُ بالمشاهدة أيًّا من الأجرام السماوية منخرطًا في نشاط غير عادي، فكيف بالعديد منها.
تتناقض هذه الآراء أيضًا مع مبدأ جيولوجي تأسيسي، هو مبدأ «الوتيرة»، الذي يقول بأن الكواكب تتشكل بواسطة عمليات تدريجية مستمرة. يقول جيف مور من مركز أبحاث إيمز التابع لوكالة «ناسا» بمدينة موفت فيلد، كاليفورنيا: «إن الجيولوجيين يريدون الأشياء أن تبقى كما هي منذ أن وُجدت». ويضيف الباحث: «يعتبر العالَم غير المتغيِّر منطقةً مريحة من الناحية الفلسفية، لأنه ليس عليك أنْ تَفترِض أنك تعيش في عصور خاصة». ومع ذلك.. أحيانًا تجبر الدلائلُ المتوفرة الباحثينَ على إخراجهم من لحظات سكونهم إلى معترك البحث من جديد. وهنا، تتطلع مجلة «نيتشر» إلى بعض العوالم المتجمِّدة، التي ربما تكون قد أبْدَتْ مَشَاهِدَ مبهرة غير عادية.

حلقات زحـل

اعتقد الباحثون طويلاً أن كوكب زحل قد أخذ زينته المبهرة مبكرًا في حياته قبل أربعة مليارات سنة، هي عمر المجموعة الشمسية. وربما تكون حلقات زحل قد تشكلت من البقايا اللامعة لقمر أو مذنب، كانت قد حطمته قوة الجذب العملاقة والقوية للكوكب.
وبعض علماء الكواكب يقولون إنه من الصعب أن يتسق مفهوم لمعان حلقات زحل مع عمرها الافتراضي الممتد إلى مليارات السنين1. وتتكون جزيئات حلقات زحل بنسبة 90% من ماء متجمد، سوف يعتم مع الوقت، بسبب تصادمه بغبار كربوني ناتج من المذنبات والكويكبات. يقول جيف كوزي، عالم الكواكب بمركز إيمز التابع لـ«ناسا»: «إذا نظرت إلى حلقات جميع الكواكب الأخرى ـ كالمشترى، وأورانوس، ونبتون ـ ستجد كل هذه الحلقات داكنة جدًّا». و«هذا ما يمكن أن تتوقعه من مادة عالية التلوث».
<p>«حلقة بي» لكوكب زحل لامعة بتوهُّج؛ مما جعل بعض العلماء يعتقدون أنها حديثة التكوين.</p>
«حلقة بي» لكوكب زحل لامعة بتوهُّج؛ مما جعل بعض العلماء يعتقدون أنها حديثة التكوين.
كبر الصورة
NASA/JPL/SPACE SCIENCE INST.
ويشير بريق حلقات زحل إلى أن شيئًا ما ـ قد يكون متطفلاً ثلجيًّا جاء من وراء نبتون، أو من قمر كبير لزحل نفسه ـ ربما قد تفتت بالقرب من الكوكب؛ وشكّل الحلقات في غضون بضعة مئات الملايين من السنين الماضية، التي تمثل أقل من 10% من عمر الكوكب حتى الآن. وهذا اللمعان هو لمعان عابر، لأن «الحلقات ستصبح باهتة معتمة أكثر فأكثر» بمرور الزمن، حسب قول كوزي.
بيد أن فكرة الحلقات حديثة التَّكَوُّن تمثل أحجية في حد ذاتها. فالأجرام الكبيرة من النوع الذي ربما يكون قد كَوَّنَ أحزمة طارت عشوائيًّا خلال المجموعة الشمسية أثناء السبعمئة مليون سنة الأولى تقريبًا، لكنها أصبحت أكثر ندرة منذئذ، هناك احتمال ضئيل جدًّا أن هذه الأجرام الكبيرة كان لها أزيز بجوار كوكب زحل في المليار سنة الماضية، حسب قول كوزي. وبالمثل، سيكون من الصعب شرح كيف يمكن لقمر كبير ـ بما يكفي لتكوين تلك الحلقات ـ أن يسقط قريبًا جدًّا من الكوكب في ذلك الإطار الزمني.
هناك إمكانية أخرى.. أنْ تكون الحلقات قد تكونت منذ مليارات السنين، لكنها بطريقةٍ ما احتفظت ببريقها. وهو احتمال وارد، إذا كانت كتلة الحلقات عشرة أضعاف الكتلة التي كان يُعتقد فيها سابقًا. ولذلك.. فالغبار حتى الآن له تأثير ضعيف. يقول كوزي: «إذا أخذتَ قليلًا جدًّا من الطلاء الأسود، وأضفته إلى جالون (حوالي أربعة لترات) من الطلاء الأبيض؛ ستجعله كله داكنًا، لكنك إذا ألقيته في حوض سباحة؛ فلن تجعله كذلك».
وقد أُعجب روبن كانوب ـ نائب رئيس دائرة علوم الكواكب المشارك بمعهد أبحاث ساوثويست في بولدر، كولورادو ـ بهذا التفسير، قائلًا: «لا أعرف طريقةً لتشكيل الحلقات حاليًا بأيّ احتمالات معقولة».
ولا يوجد دليل على فقدان الكتلة على الإطلاق، لكنها قد تكون مختبئة في أكبر الحلقات المعروفة بـ«الحلقة بي»، وهي غير شفافة، بحيث لا تمكِّن الباحثين من دراسة محتواها بقياس كيفية مرور الضوء خلالها. إن حل هذه الأحجية ربما تأتي به مركبة الفضاء «كاسيني» Cassini التي تدور حول كوكب زحل منذ 2004. وفي 2017، بنهاية الحياة الافتراضية للمركبة «كاسيني»، سيقوم أعضاء فريق التحكم بإرسالها بين الكوكب وأقرب الحلقات إليه «الحلقة دي». ومقارنة حركة المركبة «كاسيني» من مسافات مدارية مختلفة ستميط اللثام عن كتلة الحلقات بدقة غير مسبوقة، حسب قول كوزي، لكن كانوب تحذر: «إذا كانت نتائج مشاهدات كاسيني تشير إلى كتل صغيرة للحلقات، فسيكون ذلك لغزًا حقيقيًّا».

إنسيلادوس

<p>سطح إنسيلادوس المرقع يجعله يشير إلى تعرضه لنوبات من النشاطات الجيولوجية</p>
سطح إنسيلادوس المرقع يجعله يشير إلى تعرضه لنوبات من النشاطات الجيولوجية
كبر الصورة
NASA/JPL/SPACE SCIENCE INST.
إنسيلادوس هو قمر غريب الأطوار.. فبينما يدور حول زحل، ينثر رذاذًا؛ تاركًا خلفه أثرًا لامعًا من الثلج ـ «الحلقة إي» ـ بفضل المرجل المائي الذي يقذف من قطبه الجنوبي. لقد كافح الباحثون لتفسير قدرته على تحمُّل مثل هذا النشاط، إذ ينتج إنسيلادوس 16 جيجاوات من الحرارة، أي عشرة أضعاف ما توقعه الفيزيائيون النظريون من قدرة إنسيلادوس على إنتاج الطاقة من اضمحلال مادة مشعة بباطنه، وتلك المحسوبة بنماذج تسخين المد والجزر أثناء عجن وثني القمر بقوة جاذبية الكوكب الهائلة.
لقد طُرحت تفسيرات عديدة لمعرفة أسباب هذا الإشعاع الحراري الهائل، لكن جميع التفسيرات تعتمد على حجج، يرى الباحثون من خلالها القمر في أزمان خاصة. ومن هذه التفسيرات ما قدمه عالم الكواكب كريج أونيل من جامعة ماكواري في سيدني، بأستراليا؛ وفرانسيس نِيمّو من جامعة كاليفورنيا، بسانتا كروز، حيث يوضحان أنه خلال الفترة بين مئة مليون ومليار سنة بإمكان الإجهادات والانفعالات الناتجة عن قوى المد والجزر أن تولد حرارة كافية لشق قشرة سطح القمر، بحيث يتم إطلاق الطاقة وبخار الماء إلى الفضاء2.
مثل هذا النشاط يستمر فقط لعشرة ملايين سنة، قبل أن تبرد القشرة ويموت المرجل، ثم تبدأ الحرارة المخزونة دورة جديدة. يقول أونيل مرددًا أصداء نقد سمعه في المؤتمرات العلمية لدى تقديم نموذجه: «يبدو ذلك كأنه التماس خاص. لقد صادف أننا التقطناه في لحظة الفعل»، لكنه ـ في المقابل ـ أشار إلى ان هذه الدورة تشبه تلك الينابيع الفوارة في منتزه «يلوستونز» القومي بالولايات المتحدة، لكن على نطاق زمني أطول.
<p>نفاثات من بخار الماء تخرج من قطب إنسيلادوس الجنوبي. </p>
نفاثات من بخار الماء تخرج من قطب إنسيلادوس الجنوبي.
كبر الصورة
NASA/JPL/SPACE SCIENCE INST.
قد يفسر النشاط العرضي التكتوني أيضًا تناقضًا آخر: لماذا تظهر لأجزاء من القمر أعمار مختلفة، حيث تبدي بعض المساحات حفرًا وفوهات بركانية، وتُظْهِر أخرى بعض الأسطح الجديدة، كأنها ألصقت على قشرة أحدث. ويمكن مشاهدة أوجه مرقعة لأسطح أقمار، كقمر كوكب المشتري جانميد العملاق، وقمر أورانوس الصغير ميراندا. وإذا كانت هذه الاقمار قد مرت بدورات نشاط؛ فسيجعل ذلك إنسيلادوس ليس بدعًا بين الأقمار. ففي أي حقبة زمنية، ستكون هناك فرصة جيدة لأنْ يكون أحدها ـ على الأقل ـ يمر بفترة زمنية نشطة، حسب قول أونيل.
اللغز إذًا هو: لماذا قمر زحل ميماز الأـكثر قربًا للكوكب العملاق من قمر إنسيلادوس ـ وبالتالي يتعرض لقوة مد وجز أكبر بكثير من نظيرتها لدى قمر إنسيلادوس ـ لا يظهر أي إشارة لأي نشاط تكتوني؟. يقول نِيمّو إنه ربما كان لميماز تركيب داخلي مختلف عن تركيب إنسيلادوس، مما يجعله أكثر صلابة من أن يتشوه، لكن نِيمّو ينوه بأن ذلك مجرد أحد الاحتمالات. يقول نِيمّو: «يفترض أن ينتج ميماز حرارة أكثر من إنسيلادوس، لكنه لا يفعل، ونحن ـ في الواقع ـ لا نفهم السبب».
وسوف تجمع المركبة الفضائية «كاسيني» أدلةً ومفاتيح أكثر عندما تلتقط صورًا لقطب إنسيلادوس الجنوبي بين عامي 2015 و2017، بالإضافة إلى قياسات ستمكن من تحسين تقديرات لمخرجات المراجل الحرارية.

آي أُو

<p>براكين «آي اُو» تطلق أعمدة كبريتية تصل إلى 500 كيلومتر في الفضاء.</p>
براكين «آي اُو» تطلق أعمدة كبريتية تصل إلى 500 كيلومتر في الفضاء.
كبر الصورة
NASA/JPL/UNIV. ARIZONA
فيما يتعلق بالحرارة، يُعتبر إنسيلادوس كالفراشة المضيئة (اليراعة) إذا ما قورن بفرن قمر كوكب المشترى «آي أو» IO. فهذا القمر أكثر الأجرام نشاطًا بركانيًّا في المجموعة الشمسية، ويحتضن مئات المظاهر البركانية، بعضها يلفظ أعمدةً من الكبريت وثاني أكسيد الكبريت إلى ارتفاع يصل إلى 500 كيلومتر في الفضاء، وهي مسافة إذا قيست من الأرض؛ ستصل إلى أبعد من مدار محطة الفضاء الدولية، لكن الطاقة الحرارية البالغة تسعين ألف جيجاوات، الصاعدة من «آي أُو» تعتبر أكبر عدة مرات من الحرارة المتوقع تولدها من أبسط نماذج تفاعلات المد والجزر بين كوكب المشترى وهذا القمر. ويشير عدم التطابق هذا إلى أن «آي أُو» أكثر نشاطًا بركانيًّا في بعض الفترات من غيره، حسب ديفيد ستيفنسون، عالم الكواكب بمعهد تكنولوجيا كاليفورنيا في باسادينا.
وأحد التفسيرات الممكنة هو أن شكل مدار «آي أُو» يتغير دوريًّا. فهذا القمر يتخذ حاليًا مسارًا يستطيل قليلاً، أو مسارًا غير مركزي حول كوكب المشترى، بفضل التأثير الجذبي للقمرين الآخرين «أوروبا»، و«جانيميد». وفي كل مرة يكمل قمر «آي أو» دورة حول المشترى، تعطيه الأقمار الأخرى دفعة للأمام، وهي ـ حسب قول ستيفنسن ـ «مثل دفع الطفل على الأرجوحة»؛ مما يمنع جاذبية المشترى الهائلة من جذب «آي أُو» ليدور في مسار دائري مطلق. والمسار اللامركزي يكثف الالتواء الناجم عن المد والجزر، الذي يشوّه سطح «آي أُو» بمقدار 10 أمتار كل دورة. وحرارة الاحتكاك الناتجة عن ذلك الالتواء تنفلت عبر الثورات البركانية.
<p>مدار«آي اُو» ربما يغلق براكين القمر، مثل هذه الفوهات البركانية المندلعة.</p>
مدار«آي اُو» ربما يغلق براكين القمر، مثل هذه الفوهات البركانية المندلعة.
كبر الصورة
NASA/JPL/UNIV. ARIZONA
والعملية نفسها تسرق بعض طاقة المدار، وتجعل «آي أُو» لا يتمكن من التأرجح بعيدًا عن كوكبه في الدورات التالية. وفي النهاية، وبما أن الطاقة تُستنزف في التسخين الداخلي، فإن مسار «آي أُو» قد يصبح حينها أكثر قربًا للمسار الدائري المطلق؛ مضعِفًا قوى المد والجزر، ومبردًا للقمر. وبامتداد ملايين السنين، يمكن للقمرين «أوروبا»، و«جانيميد» أن يدفعا «آي أُو» نحو مدار لا مركزي بشكل أكبر (مدار لا مركزي بشكل أكبر بعدة مرات من عدم مركزيته الراهنة)، حسب قول ستيفنسُن. وهذه العملية قد تبدأ مرة أخرى. 
يوافق فاليري ليني ـ عالِم الكواكب بمرصـد باريس ـ على أن هناك احتمالًا لتغيير دوري في مدار «آي أُو». وجاء دعم هذه الفرضية من خلال مشاهدة ورصـد «آي أُو» لأكثر من قرن، ويستدل بذلك على أن مدار «آي أُو» قد يغدو أكثر دائريةً3. وبذلك، فإن النشـاط البركانـي المستعر قد ينخفض.
يقول ستيفنسُن إنّ هذه التحولات المدارية «ربما تفي بمقتضى البيانات»، لكن حتى مع كثرة الأنماط الدورية في الطبيعة، فإن مسلك «آي أُو» كمسلك إنسيلادوس، يبدو متغيرًا بشكل لافت. ويضيف قائلًا: «من الجائز أننا لم نفهمهما».

تيتان

<p>ضباب الهيدروكربون في الغلاف الجوي ربما يكون سمةً مؤقتة.</p>
ضباب الهيدروكربون في الغلاف الجوي ربما يكون سمةً مؤقتة.
كبر الصورة
NASA/JPL
عندما ألقت المركبة الفضائية «كاسيني» بمسبار هيوجنز بالمجال الجوي الملفوف بالضباب لأكبر أقمار زحل عام 2005، أميط اللثام عن مشهد قنوات نهر متعرج، يبدو مشابهًا لقنوات كوكب الأرض، عدا أحد المنعطفات الكبرى: السائل الذي نحت كثيرًا من السطح هو الميثان، الذي يهطل مطرًا من غيوم هيدروكربونية. وميثان الغلاف الجوي ـ وتأثيره على المشهد العام ـ يجب أن يكون قصير الأمد، إذ يفكك ضوء الشمس غاز الميثان، والتفاعلات المؤثرة تحيله إلى هيدروكربونات ثقيلة، من شأنها استنفاد مخزون الغلاف الجوي لقمر تيتان في بضع عشرات ملايين السنين. فإما أن الباحثين شهدوا قمر تيتان في لحظات نادرة، أعقبت إطلاق كَمّ كبير جدًّا من الميثان إلى الغلاف الجوي مباشرةً، أو أنّ هناك ـ كما يعتقد كثيرون ـ شيء يعمل على تجديد ما تدمره أشعة الشمس.
أظهرت المركبة الفضائية «كاسيني» عددًا مما يعتقد أنه براكين ثلجية تضخ غاز الميثان إلى أعلى من باطن القمر. وتلك العملية تحركها الحرارة الناتجة عن تحلل عناصر المواد المشعة بداخل القمر، إضافة إلى السَّحْب الناتج عن قوة المد والجزر لكوكب زحل.
وأحد البراكين المحتملة يقع أعلى قمة جبلية بقمر تيتان، تعرف بقبة «مونز»، وتقع بجوار أعمق حفرة في منطقة تسمى (سورتا فاكيولا) على سطح القمر تيتان. وترجح روزالي لوبيز ـ عالمة كواكب بمختبر الدفع النفاث لناسا في باسادينا كاليفورنيا ـ أن ما تبقى بتلك المنطقة التي تكونت من الطين المشبع بالميثان، والمنحدرة من الجبل، تسببت في انهيار التضاريس المجاورة.
ويأخذ مور منحى آخر، متسائلاً عن احتمال وجود عمليات أخرى، مثل تأثير وتآكل يحدثهما نهر الميثان، ويمكن أن يحدثا الملامح البركانية المفترضة4. ويعتقد مور أن الباحثين يرون تيتان في لحظات جيولوجية وفريدة عابرة. ومن وجهة نظره، كان الميثان والنيتروجين ـ المكوِّنان الرئيسان للمجال الجوي لتيتان ـ متجمدين على سطح القمر حتى عشرات الملايين أو مئات الملايين من السنين. وعند تلك النقطة، تمكنت الشمس ـ التي كانت تزداد سخونة على مدى 4.6 مليار سنة ـ من تبخير تلك الثلوج، مكونةً مجالاً جويًّا غنيًّا بالميثان خلال مليون سنة تقريبًا.
في منطقة سورتا فاكيولا، ذروة قبة مونز 1.5 كيلومتر (يمينًا) تقع بجوار حفرة عملاقة (يسارًا)
في منطقة سورتا فاكيولا، ذروة قبة مونز 1.5 كيلومتر (يمينًا) تقع بجوار حفرة عملاقة (يسارًا) كبر الصورة
تكثف الميثان من الغلاف الجوي بعد ذلك، وهطل «مطر مثل الجحيم» فوق سطح القمر تيتان، مشكّلاً ملامح المشهد هناك، حسب قول مور. وتدريجيًّا، حول ضوءُ الشمس الميثان إلى هيدروكربونات أثقل، واضمحل هطول الأمطار. يقول مور إنه في خلال 40 مليون سنة أخرى، قد يختفي الميثان كليًّا، وقد يتحول تيتان إلى (مشهد) غير قابل للتغيير بسماء زرقاء مليئة بالنيتروجين، متصاعدة فوق سطح أحمر مغطى بالهيدروكربون.
يحاجج رالف لورنز ـ من مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في لورييل بميريلاند ـ بأن الصورة التي قدمها مور بالغة التبسيط. يقول لورنز إن بعض الدلائل تشير إلى أن عملية تدمير الغلاف الجوي الميثاني لتحويله إلى كثبان مليئة بالهيدروكربون تغطي حوالي 20% من سطح تيتان يستغرق حدوثها مليارات السنين. وإذا كان الأمر كذلك، فإن دورة الميثان السائل أخذت معظم تاريخ ذلك القمر.
وسوف يُظْهِر الرصد المستمر بمركبة الفضاء كاسيني نطاق التغيير لسطح تيتان في إطار زمني لعدة سنوات؛ مما يسمح للباحثين بتقدير أفضل للمدة التي أخذها الميثان في نحت سطحه. ويخلص لوبيز إلى اعتقاد بأننا «بحاجة إلى دقة أكثر لمشهد تيتان عبر الزمن. إنّ تيتان معقد جدًّا». 

مصدر المعلومات http://arabicedition.nature.com/journal/2013/03/493592a

إرسال تعليق Blogger

 
Top