الدجال كشخص يدّعي الربوبية له زمان قدره أربعون يوم في الأرض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
روى مسلم في صحيحه عن النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال إلى أن قال قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال (أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم)
هذا زمن لبث الدجال في الأرض مدعيا الربوبية وحاكما لأتباعه الأشرار من عبدته وعبدة الشيطان وأتباعه انقيادا واغترارا بخوارقه وقدراته. يخرجُ بعد فتح الروم من طرف الامام المهدي عليه السلام.
لكنّ الدجال كمنظومة ونظام ممهّد لخروج الدجال .. هو ما نعيشه اليوم من هذا التلبيس العظيم، والغزو الفكري والثقافي والفضائي .. والعلمنة والهيمنة الصهيوأمريكية على العالم سياسيا وإعلاميا واقتصاديا وعسكريا ..
أرأيت إلى عيون الشاشات : شاشة التلفاز ، وشاشة جهاز الكمبيوتر عبر النت ، وشاشة المحمول .. لاحظها فهي ذات عين واحدة تتجمع على شبكات مراقبه واحدة...فهذه تسمى الممهدات لدولة الدجال ورسل الدجال قبل خروجه ..
فالدجال لا يستطيع الخروج ، حتى ينشر فكره وثقافته وسمومه بين الناس، وخصوصا في أمّة الاسلام ..ولم يكن للدجال صولة وسلطان على النفوس والعقول والقلوب .. بقدر ما كان له ذلك في زمننا ، زمن التكنولوجيا وزمن الفضائيات والانترنت والشاشات التي انتشرت في كل دار وفي كل ركن وزاوية..يستغلّها الماسونيون وعصابة الدجال التي تسعى في الأرض فسادا، وتوجّه الشعوب والنفوس كالدمى، بالقدرات الخارقة للتكنولوجيا .. اضافه الى مدى عناية هؤلاء الماسونيين بالدعايات على القنوات الفضائية، والشعارات واللقطات والافلام .. يدسّون فيها رسائل بالصوت والصورة ..الى اللاشعور والعقل الباطن في الانسان .. يغرسون في الاجيال روح القابلية لفكر الدجال وثقافة الدجال .. وفكر الانحلال ، والتميع والتمرد على كل القيم والأخلاق...كل ذلك بعناية فائقة .. وبصبر كبير يساعدهم الزمان والوقت الذي يعمل في صالحهم ، في ظلّ غفلة عامة وكبيرة من المسلمين ..
إضافة الى نظام العلمنة والعولمة الذي أسسوه وصار لهم به هيمنة شبه كاملة على السياسات والاقتصاد والإعلام وحتى العسكرة فهم المهيمنون في الحقيقة وما من دولة إلاّ وتخشى أمريكا وحلفاءها..وضرب حتى اساسيات الدين بالتطرف والتناحر والبعد عن منهجه السوي ..
قد لا نبالغ اذا قلنا أنّ الدجال وأتباعه الماسونيين يعملون منذ قرون لبلورة العقول، وإعداد المناخ لقدوم دجالهم .. وزعيمهم الموعود الذي ينتظرون بفارغ الصبر حكمه وهيمنته على الارض جمعاء .. وادّعاءه الربوبية فيها ..
ويفعلون ذلك تمهيداً لقيام دولة الدجّال الإبليسية، لأنّ الله جعل قطبين في الحياة، قطب خير وقطب شرّ، قطب الخير هو ما انتمى للجمال الإلهي والقِيَم الإنسانية وعالم التقديس حيث جاء الأنبياء عليهم السلام، وحيثُ يقيمُ الصالحون من عباد الله ويسعون للإقامة في ذلك العالم المثالي الجميل الصالح القائم على كلّ معاني الخير والطيبة والنّقاء والعدل والحقّ.
والقطب الثاني هو قطب الشرّ قطب إبليس زعيم الشياطين الذي توعّد بني البشر أن يُضلّهم ويفتنهم حسداً وانتقاماَ مذ اصطفى الله أباهم سيدنا آدم عليه السلام بالحقيقة الإلهية المودعة فيه. التي أسجد لهُ بسببها الملائكة. ويَحملُ راية الأبالسَة والشياطين والكفر والتمرّد عن القيم السماوية العُليا في العالم الكثيف والواقع الإنساني الدجّال ، فهو أكبرُ حليفٍ لإبليس والشياطين وهم أكبرُ حلفاء له، لأنّ رايتهم وغايتهم واحدة.
فقلنا أنّهم يفعلون ذلك عنادا وكفرا وتخطيطاً .. يضلّون الناس على علم ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم .. يحقّقون وعد الشيطان الذي أقسم أن يضلّ الانسان ويفتنه عن دينه ومعرفة ربّه سبحانه.
ولذلك فهناك المؤمن الذي يرى بنور الله ويرى مخططات هؤلاء الدجاجلة اتباع الدجال .. يرى ذلك بنور الله سبحانه وبعلم الله سبحانه .. ويميّز دجل الدجال وسمومه الثي يبثّها، ويعلم أنّ هذه الآلة الاعلامية الكبرى وهذه الفضائيات والانترنت فيها كثير من سمومه وشروره ويعلمُ أنّها من عين الدجال .. قبل أن يخرج الدجال المسخ ليحكم الارض. خصوصا في زمننا الذي اختلطت فيه الحقائق، وكثرت الشبه والشعارات .. وحاول الأعداء واتباع الدجال أن يقسّموا الأمة فرقا وشيعا، وينشرون بينها العداوة والفرقة ، بل ويؤسسون جماعات كل جماعة تظنّ أنّها على الحق .. (يؤسّسون بفعلٍ وعملٍ دؤوب استمرّ دهور بين تحريفٍ ودسّ واخفاء لتراث النّصوص الأصيلة) .. حتى إنّ المسلم ليتيهُ من كثرة الفرق والجماعات حيرةً أن يعرف راية الحقّ، ويرى كل فرقة تتهم الأخرى، وتزعم أنّها حاملة راية الحق وغيرها هالك .. كلّ هذا من فعل الدجال واتباعه للتشويش على الحقّ وتضييع بوصلته في نفوس المسلمين ...
والحكام العرب منذ عقود ليسوا سوى دمى وعرائس أراجوز في يد هؤلاء المهيمنين ... يفرضون عليهم شروطهم، ويجعلونهم خدما لهم، فانظر الى البلدان العربية .. ما استطاعت دولة منهم أن تتقدّم برغم ملكهم للثروات والمعادن والخيرات والكنوز .. لكنّهم بقوا في جملة الدول المتخلّفة عقود من الزمن .. في حين دولة كألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية فقط وأصبحت دولة مصنّعة ومتطورة .. ومثلها اليابان .. برغم فارق الامكانيات والثروات بين البلدان العربية وهذه الاخيرة.
حكامنا كان معظمهم عملاء للغرب والماسون اما بارادتهم واما باللعب بهم وترويضهم، مقابل أن تبقى لهم عروشهم ومصالحهم الخاصة يمنعون الشعوب والبلدان العربية ان تتطوّر وتقفز الى عالم التصنيع والتكنولوجيا والتحرّر من التبعيّة .. كلّ أنواع التبعيات.
حتى التلاعب بحاجات الشعوب واستخدامها في ثورات لاسقاط حلفاء قدماء انتهت مهامهم وخلق مناخ من اعداء ظاهريين ولكنهم حلفاء باطنيين لتكملة المراحل النهائية من المخطط.... وصنع معارضات عميلة جديدة تتبنى التغيير وتسرق جهود الشعوب وثوراتها .. ونعود الى نقطة الصفر وهي التبعية لهؤلاء الأعداء ..
وفي أحسن الظروف .. لو علموا أنّ الأمور قد تفلتُ منهم في بلد ما .. ويخرج الحكم من ايديهم وأيدي عملائهم، فسوف يسعون الى قلب البلدان المسلمة الى فوضى وعداوات وتناحرات.. كلّ ذلك شرّ وتربّص بهذه الأمّة.
وكلّ هذا من أتباع ابليس والدجال .. وإبليس عالم بسياسات الانسان وخبير في الكيد والسيطرة .. بل ما قلناه عن الهيمنة الاعلامية الدجالية من ضمن اهدافها معرفة تفكير هذه الشعوب وصياغة الأجيال على نمط معيّن يتفاعل مع جملة مخطّطاتٍ يسعون اليها وهم يمهّدون لدولة الدجّال الذي يريدُ إقامة دولته برعاية ابليس وشياطينه ليخرج في ثوب الربوبية "ادّعاءً" والسحر والقدرة الخارقة .. فيكونَ أكبر فتنةٍ .. وهو أكبرُ فتنةٍ للعقول والنّفوس الضعيفة والقلوب الخالية من حقائق اليقين. لأنّه ينقضُ دلائلَ النبوّة، التي كانتْ نقطة قوّة يتأيّدُ بها الأنبياءُ عليهم السلام فتقعُ بها لهم المعجزات ليلفتوا النّاس إلى حقائق أكبر وسلطانٍ اقوى من الطبيعة والعوائد، فينتبهَ العقلُ وينفتحَ القلبُ لتلقّي الهداية والإرشاد من هؤلاء الأنبياء عليهم السلام.
قلنا فالدجّال يكسْرُ هذه الدّلائل ويستعملُها ضدّ الحقائق وضدّ الهداية الى الله ليفتنَ بها البشر ويزعمَ فيهم أنّه ربّ قادر خارقٌ ... فكان أكبر فتنةٍ في تاريخ بني الإنسان. وما تحقّق لهُ هذا السلطان على العقول والقلوب إلاّ بما ذكرناهُ من تمهيدٍ دامَ عقودا وعقوداً من الهيمنة العالمية والعولمة الصهيوأمريكية والغربية.
فالحاصل .. أنّ الأمّة أغلبها غافلون عن كيد هؤلاء الأعداء، وتربّصهم بنا ..
والكائدون هم الماسون وعصاباتها المنتشرة في العالم التي تتحكّم في السياسات والعالم .. وإذا اضطرت أن تدمّر أكثر العالم لتحقّق أغراضها فسوف تقوم بذلك.
ومهمّتها اذا عجزت أن تسيطر على توجيه الشعوب والبلدان أن تنشر الفوضى والقتل والدمار والفتنة.
ولكنّ الله لهم بالمرصاد، ولذلك قامَت القطبية الثنائية بين الخير والشرّ ليُحقّ الله في الأخير دولة الحقّ وخلافة العدل والإسلام على كامل الأرض وينسف الباطل ويُزهقه ، قال تعالى (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) .
لذلك سوف يقلب الله عليهم الطاولة ويديرُ عليهم الداوئر كما قال سبحانه :
(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
وقال تعالى (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً، وَأَكِيدُ كَيْداً، فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ.) الأنفال : 36
فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ
قَالَ صلى الله عليه وسلم «هي هَرَبٌ وَحَرْبٌ ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَانَّمَا أَوْلِيَائِيَ الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لاَ تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الاَّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَاذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ الَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ ايمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ ايمَانَ فِيهِ فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ».
رواه أبو داود وأحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
ومن غريب الحديث :
الأحلاس : جمع حلس وهو كساء يلى ظهر البعير يفرش تحت القتب .
هرب : أى يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة ،
حرب : الحرب بالتحريك نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له وقيل : الحرب ذهاب المال والأهل ،
السراء : النعماء التى تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء ،
دخنها: ظهورها وإثارتها ،
رجل كورك على ضلع : هو مثل ومعناه الأمر الذى لا يثبت ولا يستقيم وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ،
الدهيماء : أى السوداء والمراد بها الفتنة المظلمة .
فدعونا نفهم حقيقة فتنة الدجال .. ولماذا كانت فتنة الدجال أكبر فتنة في الأرض منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام .. هل لمجرّد خروج الدجال في فترة يكون فيها عدد العرب قليل وسكان الأرض نقص عددهم بنسبة ثلثين أو ثلاث أرباع أو أكثر ؟؟؟
أم أنّ فتنة الدجال الحقيقية هي تمهيدات أتباعه وأعوانه الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؟؟؟
هذا الحديث الشريف الذي بين أيدينا لو قرأناه بتأنٍّ فإنّنا سنفهم أنّ الدجال يخرج بعد وجود جوّ ومناخ ... فما هو هذا الجوّ والمناخ الذي وضّحه الحديث هنا قبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلّم : "فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ"
هذا ما سنحاول قراءته ...الحديث يتكلّم عن فتن كثيرة .. وما يهمّنا هنا الجوّ والمناخ الذي يسود قبل خروج الدجال.
فتن تعمّ لا تدع أحداً من الناس إلاّ لطمته وأصابته .. حتى يصبح النّاسُ من شدّة الفتن ورقّة الدين وفساد الايمان وضعفه وارتياب اليقين بين فتنة يصبح فيها الرجل مؤمنا ويمسي كافرا .. يتقلّبُ بين الايمان والكفر ..
فهذا حالٌ عظيم .. يدلّ على انفراط عرى الإيمان وعقد الدين وانتشار الجهل مقابل العلم الصحيح .. واستهتار الناس بحقيقة دينهم ايمانهم فيغدون بين ايمان وكفر .. يبيع المرء دينه بعرض من الدنيا قليل .
قال صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب فتن كقطع الليل المظلم يصبح المرء مؤمنا ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل فالمتماسك على دينه كالقابض على الجمر "
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح المرء مؤمناً ، ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع أحدكم دينه بعرض قليل من الدنيا " رواه أحمد ومسلم والترمذي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة أياماً ينزل فيها الجهل ، ويرفع العلم ، ويكثر الهرج ، والهرج : القتل " أخرجه البخاري ومسلم
وعن أنس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ، ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " وفي رواية : " يقل العلم ، ويظهر الجهل " متفق عليه
عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين يدي الساعة الهرج ، قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ، إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضاً ، [ حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه ]، قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ، ويخلف له هباء من الناس ؟ يحسب أكثرهم أنهم على شيء ، وليسوا على شيء " رواه أحمد بإسناد صحيح
فأحاديث النبي صلى الله عليه وسلّم تبيّن لنا جوّا ومناخا يعمّ الناس وفتنة الدهيماء : التي معناها السوداء .. المظلمة كقطع الليل المظلم تدع الحليم حيران.
ويصيب الناس جهل عظيم وهم يحسبون أنّهم على شيء وهم ليسوا على شيء .. أي أغلبهم وأكثرهم .. هذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وصدقوني فنحن في هذا الزمان الذي يحسب فيه الناس أنّهم على شيء .. وهم ليسوا على شيء.
الكلّ يسعى في أثر نفسه وأناه وحظه .. ولو أن يقال عنه فلان أو علان أو ينال حظا من المدح أو الدنيا قليل .. مقابل تفريطه أن يأخذ الحق، ويطلب الصدق ، ويعقل الأمور على حقيقتها ..
الناس تبيع دينها وتبيع صدقها مع الله وطلبها للحقّ مقابل عرض من الدنيا قليل ..
الناس فرق وأحزاب وجماعات وأفكار وعلوم تسعى في ظاهر الدنيا وأكثرهم عن الآخرة هم غافلون ..
قال سبحانه : (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) (7) سورة الروم
حتى الذين يزعمون الانتساب للدين ، يتسترون بتديّنهم وانتسابهم ولكنّهم عن العبودية الصادقة غافلون ..
عن ذكر الله ، عن محبّة الله ، عن محبّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ...
قال الله تعالى : ( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )
سورة آل عمران 13
فتن كبرى كقطع الليل المظلم .. والجهل عن الدين وروح الدين وحقيقة الدين .. ذلك الدين الذي يحيي القلب ، ويزكي النفس ، ويطيّب الأخلاق .. ويعرّف الانسان بربّه ويقربّه منه، ومن نبيّه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ...
قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الانفال 24/25
وكلّ هذه الفتن والظلمات تسبق الدجال .. وتمهّدُ له : حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ الَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ ايمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ ايمَانَ فِيهِ فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ
حينها .. يكون الدجّالُ قد أعدّ دولته ليخرج فيها .. وحينها يكونُ اغلب الناس قد أشربوا شرّه وسمّه الذي سعى في نشره أتباعه وأعوانه الذين سعوا عقودا وعقودا من أجل ذلك ..
فاسقاط الخلافة الاسلامية ، وتفريق الأمّة الى دويلات ، والى أحزاب وجماعات ، وفرق متناحرة متحاقدة .. ونشر كل أنواع المجون والفسوق والشذوذ والتميّع في العالم والامة والاجيال .. وغرس روح الفسوق وروح التمرّد وبذرة التفلّت يمسي الرجل مؤمنا ويمسي كافرا .. يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل .. كلّ ذلك مراد الدجال وأعوانه حتى تعلو دولته ويخرج ويجد من يتلقّاه بالورود والقبول ..
يخرج على الناس فيزعم فيهم الربوبية فيصدّقونه .. شرّ فتنة ..
ولكن متى صدّقوه ؟؟؟
لقد صدّقوه يوم أن اشربوا فتنه وصاروا الى الجهل وباعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل .. هناك قد أعلنوا استعدادهم لقبول دعواه وشرّه فيهم.
فالحقيقة ان آخر الزمان .. وهو زماننا اليوم
زمان غريب مختلف .. فيه كل المتناقضات .. وتلك المتناقضات من ورائها تتجسّدُ حقائق صراع الحقّ والباطل، وصراع النّفس بين عالم النّور وعالم الظلمة، وعالم الرّوح وعامل المادّة، وبين الطين الجاذب الى الأرض والروح الدافعة الى أعلى .. سنحاول أن نلقي الضوء على بعض هذه المتناقضات في زماننا ...
فزماننا يجمع المتناقضات :
1-أوّلاً : زمانٌ فيه التطور والتكنولوجيا والحضارة المادية التي ما زالت تبهرنا يوما بعد يوم .. وتشدّ العقول والقلوب اليها وتسحر النفوس بجمالها وقدرتها على تطويع الحياة وتقريب المسافات وتسهيل الصعوبات .. خوارق من العلوم وقفزات نوعية في عالم الاختراع والتطوّر والعلوم الدقيقة والتقنيّة .. تكنولوجيا النانو التي فتحت التطّور والتسخير على مصراعيه .. والتسلح العسكري والنووي الرهيب ..ونهم إنسانيّ ورغبة في اقتحام المجهول وتسخير العالم وكلّ ما هو كائن وموجود تسخيرا عظيما ..
والله اعلم ماذا يصلنا نحنُ المسلمين والعرب من عالم التطوّر والتكنولوجيا ؟؟؟
وهل كلّ ما يكتشفه هؤلاء الغربيون يعمّمونه على العالم ؟ أم أنّهم يحتفظون ببعض الاكتشافات التي يستعملونها في الجوسسة علينا كشعوب وأمم ؟ أو أسلحة تدميرية من نوع مباشر وغير مباشر مختلف ممنوعة ؟ يستعملونها في تحقيق بعض الاغراض ؟؟
في الحقيقة شرحنا بعض ما تم تسريبه منها ولكن هذا يعني انها طورت بصورة رهيبة عما هو معلوم..
وما نحن سوى امّعات واتباع لما يقدّمه لنا هذا الغرب في التطوّر والتكنولوجيا والسلاح .. علماً أنّهم يستعملون عقولَ العرب لأنّ بلداننا العربية والمسلمة آثرت التخلّف وقمع شعوبها والتبعيّة للأعداء .. عقول عربيّة وعباقرة عرب يهاجرون من بلدانهم المتخلّفة التي لا تقدّرُ عقول أبنائها وتقهر طاقاتهم قهراً، إلى الحضن الكبير، إلى العدوّ الخبير ..
2 - ثانياً : زمانٌ رغم هذا التطوّر العجيب العرب فيه من آخر الامم تخلّفا وتدهورا ولائستقراراً وفوضى .. سياسيا واقتصاديا واعلاميا واجتماعيا .. وفي كل المجالات تقريبا العرب متخلّفون ولزيادة فجوة التخلّف اختاروا لنا خانة : العالم الثالث .. حتى أنّهم جعلوا بيننا وبينهم خانة فارغة لتعرف كيد هؤلاء الاعداء .. ومعرفتهم بنقاط ضعف النفس لإشعارنا بالهزيمة النفسية والتخلّف .. فهم العالم الأول .. ونحن العالم الثالث .. والعالم الثاني غير موجود .. يريدون القول أنّنا لن ندرك العالم الأوّل حتى في أحلامنا ..
3 - ثالثاً : أهمّ شيء أوجد الله من أجله الحياة والدنيا : هو الدين ....
الدين لا أثر له اطلاقا في حياتنا .. الدين غائب عن سلوكياتنا وأخلاقنا وشوارعنا .. بل غائب عن نفوسنا ...ليس بالاباحية والالحادية فقط ولكن الاخطر هو ضرب الدين ذاته في مقتل بالتطرف والتجارة به بحسب الاهواء والمصالح وتضليل الناس بلغة الدين ..
قال الله تعالى : ( وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون)
قال ابن عباس : ليعبدون أي ليعرفون .
فما أقمنا حقيقة وجودنا ولا عبدنا الله ولا عرفناه حقّ المعرفة ... ولا حكّمنا الدين في حياتنا ولا في أحوالنا.
فتجد من يعتلون أئمة الدين يصبح غالبيتهم مغيّبٌ عن الفهم الصّحيح للدّين .. وما أدراك ما الدّين ؟ الدّين الذي جاء يحملُ روح الأنبياء عليهم السلام، وميراثهم وأخلاقهم وفهمهم وعقلهم وحكمتهم(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. هذا هو الدين: إيمان وآيات وتزكية نفوس وعلم من الكتاب وحكمة.
هناك ضياع لحقيقة الدين في نفوس الكثير من المتديّنين .. فتجدُ آلاف خطب الجمعة بل ملايين تعمر الأرض ولكنّها لا تؤثرّ على عشرات الملايين الذين يذهبون للمساجد ويصلون الجمعات وقلوبهم خاوية من روح الدين، وطلب الصدق والبحث عن العبودية لله ..
هناك انفصام واضح بين الدين والشعوب في زماننا .. هذا الانفصام موجود على عدّة مستويات :
أ) - إمّا بالروح العلمانية والبعد عن الطاعات والعبادات والوقوع في المعاصي وتتبّع الشهوات والغفلة .. وهذا تجده في عموم الناس الغافلة عن دينها والغارقة في الماديات والدنيا بلا التفات الى الدين .. وربما المنجرفة الى المعاصي الكبيرة واكل المال الحرام والغرق في الموبقات ..
ب) - وإمّا بجفاف الروح في المتديّنين والواقفين على الطاعات والعبادات لكنّ عباداتهم وطاعاتهم بعيدة عن روح العبودية وبعيدة عن الصّدق ، وقلوبهم تجدها مريضة مملوءة بالامراض والعلل التي ذكرناها .. فتجده يصلي ويصوم وربما يكثر العبادات ظاهرا ولكنّه مريض بالرياء والحسد والعجب وربّما الكبر والغرور ... وهو غافل عن تزكية نفسه والله تعالى يقول ( قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها)
ج) - وبما ذكرناهُ من غياب الفهم الصحيح والفكر القويم والأساس الذي جاء من أجله الدّين، الذي تبدأُ قصّته من سيّدنا آدم وقصّة الاستخلاف والخلافة في الأرض.
بغير فهم معنى الخلافة وقصّة الاستخلاف، وفهم ماهية الأسماء وعلومها التي بها استخلف الله سيّدنا آدم عليه السّلام أنّى يكونُ دين؟ أو يقومُ فهم صحيح للدين ؟
عبثٌ ما هو موجود في كثير من طوائف المسلمين وجماعاتهم التي تحتكرُ الدين .. أو تتناقل النّصوص وتفهمها بعاميّة وسطحيّة، ويأخذ الدّين من هبّ ودبّ من العوام والغير مؤهّلين للفقه والفهم والتزكية.
ولذا فهدم صحيح الدين والايمان والوعي في الامم هو اكبر مطوع لقدوم منظومة الدجال وسيطرتها برغم كل تقنياتهم وقوتهم واسلحتهم..ذلك هو التمهيد الحقيقي لمملكته وسيطرته
إرسال تعليق Blogger Facebook