هل نعيش لنشاهد نشرة أخبار يرد فيها الخبر الآتي: (ردت الطائرات الحربية على هجوم البارحة فنفذت أربع غارات إلكترونية ألقت خلالها عشرين طلقة مايكروويف وعشرين حزمة بلازما وثلاث موجات طاقة موجّهة. وأدت الغارات إلى تعطيل شبكات الهاتف والإنترنت والجوال، وتوقف محركات 5 آلاف سيارة في شوارع العاصمة ما أدى إلى أزمة سير خانقة). قد يبدو الخبر غير منطقي أو يحمل عبارات غريبة، إلا أن الأسلحة التي تعمل على صنعها بعض مختبرات الجيوش اليوم في العالم قد تجعل من الخبر عاديا ومفهوما.
أسلحة الغد التي اصبحت تستخدم اليوم مرتكزة على أنواع جديدة من الطاقة بدلا من البارود، هذا ما تشير إليه الدراسات والتسريبات في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
(صاعقة) معلوماتية
في أولى هجمات حلف الأطلسي عام 1999 على يوغسلافيا حدث أمر غريب أدى إلى توقف الاتصالات. لم ترصد قنابل أو صواريخ في الأجواء، حتى الدوي لم يكن مسموعا.
إلا أن تفاصيله وضحت بعد فترة مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن سلاحا جديدا استخدم في أول أيام الحرب لخلع الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش. الهجوم كان في أولى ليالي الحرب على يوغسلافيا والسلاح كان جديدا وتمت تجربته للمرة الأولى في أرض معركة حقيقية. ويستهدف هذا السلاح شبكات الاتصالات ويعطلها ما يؤدي تلقائيا إلى توقف شبكات الجيش عن العمل، وهذا ما حصل مع الجيش اليوغوسلافي الذي تعطل نظام كومبيوتر أساسي لديه نتيجة ما أسماه الإعلام اليوغسلافي يومها (صاعقة كهربائية دخلت شبكة الاتصالات وانتشرت في كل نقطة تتصل بها ومن ضمنها الكومبيوترات العسكرية).
واليوم نعرف بشكل أكيد أن الهجوم أدّى إلى توقّف الشبكة الرئيسية في يوغسلافيا، فتوقّفت فيها نظم الكومبيوتر الخاصة بالدفاع الجوي، التي كانت مهمتها استهداف طائرات حلف الأطلسي بالصواريخ.
وحصل استهداف لشبكة الهاتف الرئيسية بهدف دفع القيادة الصربية في بلغراد إلى الاتصال بقواتها من طريق الخلوي. ويقول بعضهم إن دفع القادة الصربيين إلى استخدام الهاتف الخلوي هو لتمكين مركز إيشيلون الأمريكي للتنصت والمراقبة الموجود في أوروبا من رصد المكالمات الخلوية وتحليلها. يُذكر أن مراقبة الاتصالات الخلوية كانت أسهل لأن عدد حملة الهاتف الخلوي في يوغسلافيا يومها كان يقتصر على أركان النظام الحاكم ورجال الأعمال، ما يجعل عدد الهواتف المطلوب التنصت عليها محدودا.
وخلال العمليات العسكرية التي شنّتها قوات حلف شمال الأطلسي ضد الصرب، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية محطات الكهرباء الصربية بقنبلة إلكترونية أدّت إلى إغراق معظم أراضي يوغسلافيا السابقة في الظلام. اسم القنبلة CBU94، وقد ألقتها طائرة أمريكية من طراز F117 المعروفة باسم (الشبح) على 5 محطات طاقة صربية، وعلى ارتفاع معيَّن انفجرت القنبلة وخرجت منها ملفات سلكية خاصة انتشرت في الجو كشبكة واسعة فوق خطوط الضغط العالي فعطلتها.
وأدى ذلك إلى اشتعال النيران في المحطات، وتوقفت مراكز توزيع الطاقة اليوغسلافية عن العمل. وتوجد في داخل القنبلة (CBU94) عدة قنابل أخرى تنطلق من داخلها في الجو، وكل واحدة منها مزوَّدة بمظلة صغيرة، ثم تخرج من هذه القنابل أيضا ملفات مصنوعة من الرصاص الكربوني هي التي تُكَوِّن الشبكة الإلكترونية عند اقترابها من الأرض بحيث تصيب محطات الطاقة الكهربائية والاتصالات التليفونية بالشلل التام.
ورغم أن هدف هذه القنابل الأساسي هو تعطيل نظم الاتصالات العسكرية والتشويش على وسائل الدفاع الجوي، إلا أن الحياة المدنية تأثرت أيضا نتيجة توقف محطات توليد الطاقة الكهربائية عن العمل. الطاقة الموجّهة والمايكروويف تعتبر أسلحة الطاقة الموجهة الحديثة ومنها أسلحة المايكروويف عالية القدرة (HPM (High Power Microwave Weapons من أهم الأسلحة الجديدة في مجال الحرب الإلكترونية.
ويمكن استخدام هذه الأسلحة لاختراق الأهداف عالية التحصين لتدمير وشلّ أسلحة الدفاع الجوي والرادارات وأجهزة الاتصال والكومبيوترات التي تعمل ضمن منظومة القيادة والسيطرة في الجيوش. كما يمكنها تدمير أجهزة التحكم في إنتاج وتخزين المواد الكيماوية والحيوية. ووفقا لبعض الخبراء، فإن هذه الأسلحة تنتج شحنات عالية من الطاقة تسبب الضرر للأدوات الإلكترونية وذاكرة الكومبيوتر، وتتميز بالدقة الشديدة في إصابة الهدف.
وقال علماء في تقرير نشرته مجلة (نيوساينتست) العلمية البريطانية إن أسلحة HPM الموجودة في الترسانة العسكرية الأمريكية مجهزة على هيئة قنابل تستخدم لمرة واحدة فقط، يتم نقلها بواسطة صواريخ (كروز) أو طائرات نفاثة، أو بواسطة الطائرات التي تعمل من دون طيار. ولكن يجري تطويرها لتكون الأجهزة المستقبلية منها قابلة لإعادة الاستعمال.
بحسب معلومات موسوعة Webopedia على الإنترنت، موجات المايكروويف هي نوع من الموجات الإشعاعية التي تنتج عبر تيار كهربائي من خلال مادة موصلة، ويقارب طولها الموجي الميكرومتر، وهي أشعة كهرومغناطيسية غير مؤذية، وتتحرك موجاتها القصيرة بسرعة الضوء. ومعروف أن هناك نظامين يتم استخدامهما لإنتاج الأسلحة التي تعمل بموجات المايكروويف عالية الطاقة HPM أولاهما تقنية قديمة باسم (إنتاج الضخ المتدفق).
بذور هذه التقنية تعود إلى حادثة في خمسينات القرن الماضي، حين لاحظ العلماء تعطّل أضواء الشوارع في هاواي تأثرا بنبضات كهرومغناطيسية نتجت من الاختبارات النووية. ولتطبيق فكرة (إنتاج الضخ المتدفق)، تعمل مجموعة مشحونة من المكثّفات على إنتاج طاقة عالية لملف يغطي أنبوبا نحاسيا يحتوي متفجرات، ويؤدي التحام الأنبوب مع الملف بعد التفجير إلى تكوّن دائرة كهربائية قصيرة تحطم المجال المغناطيسي، وتعطل شبكات الكهرباء. واختبرت القوات الجوية الأمريكية أخيراً نسخة حديثة من هذه التقنية التي تم تجهيزها وتعديلها للاستخدام على صواريخ (كروز) التي يتم إطلاقها جوا.
أما النظام الثاني فيعتمد تقنية أكثر تطورا، تستخدم جيلا جديدا من المكثّفات التي تركز الطاقة عن طريق تفريغها على هيئة قوس ينطلق أمام مقدمة الصاروخ مباشرة. وتعتبر أسلحة المايكروويف أيضا من أهم الأسلحة الحديثة في مجال (الأسلحة غير القاتلة) التي يتم تطويرها حاليا، وهي أسلحة تضمن (شل) الإنسان المطارد موقتا بدلا من قتله. ويمكن استخدامها في مطاردات الشرطة المحلية، وفي عمليات إنزال القوات الدولية الخاصة بفض النزاعات، وفي مواجهة أعمال الشغب والعنف في المدن.
شعاع الألم ؟؟؟
وتحدثت تقارير عن توصّل أبحاث جديدة تقوم بها شركات لمصلحة البنتاغون إلى تطوير أنواع جديدة من أسلحة الطاقة الموجّهة أطلق عليها اسم (شعاع الألم)، أو الأشعة المضادة للأفراد. كذلك أنتج علماء في البنتاغون جهازا سمي (مُسَلِّط الطاقة) الذي يستعمل لتفريق المتظاهرين، وللسيطرة على الحشود البشرية العسكرية عن طريق تسليط الأشعة المؤلمة على أجساد الأفراد. ويؤدي شعاع الطاقة الموجه إلى تسخين المياه الموجودة في الطبقة الخارجية للجلد إلى درجة عالية تكفي لإحداث لسعة تشبه سقوط ماء حار على الجلد، ولا يمكن تلافي الأمر بارتداء أي نوع من الملابس التقليدية.
ويؤكد الخبراء أن أسلحة الطاقة الموجهة يمكن التحكم فيها بحيث لا تحدث أي تأثيرات مؤذية على المدى البعيد، وأن هذه الأسلحة ستؤدي فقط إلى هرب الأشخاص من الألم أو قيامهم بإغلاق عيونهم كرد فعل طبيعي، ولذلك لن يتسبب الشعاع في حدوث حروق أو أضرار بالعيون.
وتعمل أجهزة إطلاق موجات المايكروويف العالية القدرة على تعطيل محركات السيارات أيضا، وتوجد في أسواق السلاح العالمية حاليا أجهزة مايكروويف تتمتع بقدرة 3 إلى 4 ميغاوات وقادرة على تعطيل محرك دبابة أو هليكوبتر أو طائرة عن بعد كيلومترين فقط. وبحسب الخبراء، فإن هذا الصنف من السلاح يتوقع أن يكون فعّالا ضدّ مراكز قيادة الجيوش ومواقع إنتاج الأسلحة المدفونة على مسافات عميقة تحت الأرض كوسيلة دفاع ضدّ الهجمات الجوية. ويتوقع أن تُستخدم أسلحة المايكروويف لقطع إمدادات الطاقة والتهوية والاتصالات عن هذه المواقع الحصينة.
وتملك القوات الأمريكية حاليا أجهزة مايكروويف تبلغ قوتها 1.2 مليون وات، ويمكنها توليد تيارات عالية من عشرات الملايين من الأمبيرات، ويمكنها أن تُربك كل التجهيزات الإلكترونية للمعدات والآلات الحربية وكل أنظمة القيادة والتحكم والسيطرة ومراكز الاتصالات.
ومن عيوب الأسلحة الجديدة أنها محدودة المدى، ويمكن استخدامها حاليا بطريقة مؤثرة ضد أهداف في نطاق 1000 قدم فقط، ولهذا ينظر المخطّطون العسكريون إلى الطائرات القتالية والطائرات الآلية التي تعمل من دون طيار كوسيلة مثالية للاستعمال على المدى الطويل، ويتوقع أن تشكل الطائرة من دون طيار عنصرًا أساسيًّا في استعمال هذه الأسلحة، ويتوقّع الجيش الأمريكي أن تكون لديه أسلحة (HPM) قابلة لإعادة الاستخدام لأكثر من مرة في غضون 3 سنوات.
البلازما.. سلاح المستقبل؟؟؟
وتؤكد معلومات حديثة أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق مليارات الدولارات من ميزانية البحث العلمي على أبحاث لتطوير أسلحة متقدمة تستخدم برا وبحرا وجوا وتحت الماء وفي الفضاء. وتقوم وزارة الدفاع الأمريكية حاليا بتطوير عدد من أسلحة الطاقة الموجّهة التي تعتمد على تقنيات الليزر والبلازما. والتقنية الأخيرة هي الأحدث في المجال العسكري، وتعتمد على حزمة من البلازما لها كتلة، ويمكنها التحرك في الفضاء كالبرق.
وأسلحة البلازما أبطأ من شعاع الليزر ومن موجات المايكروويف، لكنّها تسبب أضرارا أكبر من غيرها. ولهذا تسعى القوات الأمريكية إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتشجع البحوث العلمية الجديدة للمحافظة على التفوق التقني النوعي في هذا المجال العلمي الجديد.
وسننشر لها بوست خاص للتعريف بخطورتها
إرسال تعليق Blogger Facebook