باستخدام تقنية جديدة أصبحت الفئران تضيء في أحد المختبرات المتخصصة بالأبحاث الوراثية في العاصمة التشيكية براغ. ويأمل العلماء من خلالها في التعرف على أسباب الإصابة بمرض السرطان والأمراض الجلدية وتطوير علاج ناجع لها.
"عندما كانت ابنتي في العاشرة من عمرها، سُئلت ماذا يفعل والدها. قالت إنه يمسك الفئران، فضحك الجميع من ذلك"، يتذكر راديسلاف سيدلاتشيك، الباحث في معهد براغ لعلم الوراثة الجزيئي. سوء الفهم هذا واجهه الباحث مرارا وتكرارا خلال عمله المثير جدا والمعقد أيضا.في الواقع لديه أحيانا علاقة مع الفئران، كما يقول سيدلاتشيك في مقابلة مع DW. "ولكن ليس هذا في الواقع جوهر عملي." يجلس العالم مع الفوضى المنظمة في مختبره في الطابق الثالث من المعهد، الذي هو جزء من أكاديمية العلوم التشيكية في العاصمة براغ.
ببساطة، يبتكر هو وفريقه نماذج لشرح وظيفة جسم الإنسان بأفضل طريقة ممكنة، كما يخبرنا سيدلاتشيك. مكان عملهم موجود في منطقة معقمة، وراء أبواب سميكة، ولا يُسمح للزوار بالدخول. هنا تعيش الفئران والجرذان المخبرية، والتي يتم حقنها بالخلايا الجذعية والمواد الجينية الأخرى من أجل إحداث تغيرات وراثية صغيرة جدا.
ومن أجل التحكم بمسار الأمور، يمكن لسيدلاتشيك وفريقه أن يجعلوا الفئران تضيء بالفعل - بمساعدة بروتينات ملونة من المرجان. وتحت كاميرا خاصة، يمكن للعلماء مراقبة كيف تتطور الخلية، عندما يتم تعطيل جين معين - دون الحاجة لقتل الحيوان.
فوضى إبداعية، ولكنها معقمة - في مختبر معهد الأبحاث الوراثية في العاصمة التشيكية براغ...
تعطيل بعض الجيناتفي مشروعه الحالي يعمل بيتر كازباريك على ابتكار طريقة جديدة لتعطيل عمل جين معين. كازباريك هو أحد طلاب الدكتوراه في الفريق، ويقول عن مشروعه: "إذا نجحنا في إيقاف جين معين، يمكننا أن نرى بالضبط ما هي وظيفة ذلك الجين للفأر".
التعطيل الكلي للجينات، موجود منذ عدة سنوات، وما قام به فريق براغ هو ابتكار طريقة جديدة، أسرع بكثير وربما أكثر فعالية، كما يوضح كازباريك المنهمك في حقن سلسلة من أنابيب الاختبار بحذر شديد ثم يقول: "ربما نكون واحدا من بين ثلاثة مختبرات فقط في جميع أنحاء العالم قادرة على القيام بذلك".
كاميرات خاصة للمراقبة
وتوضع الفأرة التي تعرف تعطيلا لجين معين لديها تحت مراقبة متواصلة عبر كاميرا خاصة. وتعطي هذه المراقبة مقياسا موضوعيا للعلماء في مختبر براغ. وهكذا، يمكن على سبيل المثال، مراقبة وفهم أفضل للتطورات التي تسبب سرطان الأمعاء.
كازباريك وسيدلاتشيك يملآن أنابيب الاختبار بعناية
"أولا يجب تحديد أي الجينات تابع لأي الأنسجة ولأي نوع من الخلايا، لنصل إلى تحديد الجين المسؤول عن نشوء مرض السرطان"، يقول سيدلاتشيك شارحا العملية. عندما يتم الوصول إلى تحديد ذلك الجين، فيمكن حينها التلاعب به وإزالته من الجسم. ثم يتابع البروفيسور سيدلاتشيك قائلا: "ثم يمكننا استخدام نموذج محدد: يمكن على سبيل المثال مع نموذج الفئران مراقبة تطور بعض الأورام".وإذا ازداد المرض سوءا، فمن الواضح عندها أن لهذا الجين وظيفة وقائية، على ما يقول سيدلاتشيك، و"هذا يعني أنه من غير المجدي تطوير دواء ضد ذلك. وبالمقابل لو توقف المرض، فعندها نعرف أن ذلك الجين مسؤول عن نشوء المرض أو على الأقل لها دور في ذلك." وعندها يمكن تطوير دواء مثبط لذلك الجين.
راديسلاف سيدلاتشيك من معهد براغ لعلم الوراثة الجزيئي هو رجل متواضع، ويرى أنه رغم كل هذا التقدم المذهل في مجال الأبحاث الوراثية في السنوات الأخيرة، إلا أنهم مازالوا يسيرون في الظلام وهناك تساؤلات كثيرة يجب الإجابة عليها: ما الدور الذي تلعبه الجينات في نشوء وتطور الأمراض؟ الخلايا المضيئة للفئران هي مجرد خطوة صغيرة في طريق الإجابة وحل اللغز.
إرسال تعليق Blogger Facebook