, , , , , 5/21/2013 -

 صناعة الورق

وصف الاختراع :
يبدأ تاريخ صناعة الورق من فكرة استخدام مادة صالحة للرسم والكتابة وقد نقش الإنسان البدائي أشكالاً ورموزاً على الخشب أو على الحجر، وعلى جوانب الكهوف والمغارات القديمة، ثم بدأ يكتب على أوراق النخيل، وعلى اللحاء، ثم على العظام وعلى صفحات من خزف مطلي بالشمع الأصفر، ثم على صفائح من رصاص أو من معادن أخرى، حتى فكر المصريون القدامى في استخدام لحاء نبات البردي (Papyrus) وهي كلمة اشتقت منها كلمة (Paper) وانتشر استعمال البردي في مصر القديمة ثم في اليونان وإيطاليا، وبقى ورق البردي طوال قرون عديدة الوسيلة الوحيدة للكتابة في مصر وإيطاليا واليونان ومستعمراتها.

ويعود اختراع الورق إلى الألف الثالث قبل الميلاد (حوالي 2700 ق.م) فقد اخترع المصريون القدماء مادة صالحة للكتابة، مع سهولة الحصول على هذه المادة بثمن في متناول الأيدي، وهي ورق البردي، وكان ذلك من أعظم الاختراعات في تاريخ البشرية.

وقبل ذلك كانت الكتابة (التي ظهرت في الألف الرابع قبل الميلاد) مقصورة على الحجر أو اللوحات الطينية والتي استخدمها السومريون وفضلوا الكتابة عليها ووجدوها أقرب إلى التداول، وأيسر في التكلفة من قطع الحجر، وهي لوحات مكونة من طمي نقي ناعم، ويصب في قوالب ذات أشكال متعارف عليها، فتخرج اللوحة على هيئة القرص مسطحة الوجهين، أو على هيئة ربع الدائرة مستوية السطح محدبة الظهر، أو على هيئة المستطيل، وقد تكون اللوحة على هيئة المخروط، وتترك على حالها، بعد الكتابة أو تجفف في حرارة عادية بحيث تكتسب صلابة مناسبة.

أما الورق فهو عبارة عن شبكة متصلة ومترابطة من الألياف تتوقف خصائصها على نوع الخامات المستخدمة في صناعتها والعمليات المختلفة التي مرت بها أثناء عملية التصنيع ذاتها وتشمل كل المراحل التي تسبق دفع (معلق اللب) على شبكة من السلك ومنها إلى آلة التصنيع وتشمل مراحل تحضير اللب بالطرق المختلفة.

ويعتبر ورق المخطوطات القديمة المصنع يدوياً من أكثر أنواع الورق نقاوة ووضوحاً ومقاومة لعوامل التحلل، فقد كان يتم تحضير الورق قديماً من الماء النظيف بكميات كبيرة بعكس ما نراه في الوقت الحاضر حيث يتم إعادة استخدام الماء لعدة مرات مما يؤدي إلى وجود تركيزات عالية من الشوائب داخل عجينة الورق المحضرة حديثا.

الصين وصناعة الورق:

قام المخترع الصيني "تساي لون" بإعداد أول عجينة للورق من قطع القماش الذي سبق نسجه وذلك بعد تقطيعه وخلطه بالماء وضربه جيداً كما أعد عجينة للورق من القنب (Hemp) والبامبو (Bamboo) ولحاء التوت (Mulberry bark).

وطور الصينيون هذه الصنعة باستخدام مادة ماسكة من الغراء أو الجيلاتين مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها الألياف ويجعلوا الورق سريع الامتصاص للحبر، ولكن الورق الصيني كان محدود الانتشار ولم يذع خبره في العالم القديم أو الوسيط حتى القرن الثامن الميلادي، حين عرف العرب أسرار صناعة الورق الصيني بعد فتح سمرقند عام 93هـ / 712 .

اليابانيون وصناعة الورق:

استخدموا أيضا مادة ماسكة من الغراء أو الجيلاتين مخلوطة بعجينة نشوية في صناعة الورق والذي عرفت صناعته منذ القرن السابع الميلادي وما يزالون يستخدمون تلك المادة في صناعة الورق، فورق الأرز الياباني (rice paper The Japanese) صنع من لحاء التوت وليس من الأرز. وغالبا ما كانت تتم عملية تغرية وملء (Sizing) للورق القديم باستخدام الغراء النباتي (Vegetable glue) المصنوع من الأرز أو القمح وبعض قطع صغيرة من مواد نباتية وصمغ النشا (The starch glue) الذي يمكن التعرف عليه بواسطة استخدام الدلائل المتخصصة التي تحتوي على الأيودين، وتبع هذه المرحلة عمل تغرية وملئ للورق باستخدام الغراء الحيواني (Animal glue) أو الجيلاتين (Gelatin).

الحضارة الإسلامية وصناعة الورق:

أسس أول مصنع للورق في بغداد عام 178هـ / 794م، وقام بإنشائه الفضل بن يحيى في عصر هارون الرشيد، وانتشرت صناعة الورق بسرعة فائقة في كل أنحاء العالم الإسلامي، فدخلت سوريا ومصر وشمال إفريقيا وأسبانيا.

وكان الناس يكتبون حتى ذلك الوقت على الرق والعسب واللخاف، ثم أمر هارون الرشيد، بعد أن كثر الورق، ألا يكتب الناس إلا في الكاغد والذي يعد نوع من أنواع الورق .

وطور المسلمون صناعة الكاغد وأنتجت المصانع الإسلامية أنواعاً ممتازة منه، ومن أشهر طرق صناعة الكاغد في العصور الإسلامية، وخلال عشرة قرون متتالية وحتى تاريخ اختراع أول ماكينة ورق في القرن الثامن عشر الميلادي لم تتغير العمليات الأساسية المستخدمة في صناعة الورق.

وبالنسبة للورق الذي يستخدم فيه الحبر لأغراض الكتابة أو الطباعة، فإنه يتطلب معالجة إضافية بعد التجفيف، لأنه بدون هذه المعالجة، سوف يمتص الورق الحبر وستظهر الخطوط مشوهة.

وتشمل عملية المعالجة تغطية الورق بطبقة من الغراء من خلال غمسه في محلول من الغراء الحيواني ثم تجفيف الورق الذي تعرض لهذه العملية ثم الانتهاء من إعداد الورق عن طريق ضغط أفراخ الورق بين صفائح معدنية أو كرتون أملس.

ويحدد مدى قوة الضغط ملمس الورق، وتضغط الأوراق ذات الملمس الخشن ضغطاً خفيفاً لمدة قصيرة نسبياً، بينما تضغط الأوراق ذات الملمس الناعم ضغطا شديداً لفترة أطول نسبياً.

أوروبا وصناعة الورق:

انتشرت حرفة صناعة الورق في أوروبا بعد أن أدخلها المسلمون عن طريق الأندلس، فأنشئ أول مصنع ورق في أسبانيا حوالي عام 544هـ / 1150م، ثم تدهورت هذه الصناعة في أسبانيا، وانتقلت إلى إيطاليا، وتأسس أول مصنع لهذا الغرض في مدينة "فيريانو" عام 674هـ / 1276م، وأنشئ مصنع أخر في "بادوا" عام 833هـ / 1340م، ثم قامت مصانع أخرى عديدة في تريفير وفلورنسا وبولونيا وبارما وميلانو والبندقية.

ومن هنا جاء تاريخ صناعة الورق الذي يعد من الأمور الهامة قديماً وحديثاً، وحالياً يصنع أكثر من 95% من الورق من سيليلوز الخشب، حيث يستخدم لب الخشب فقط في صناعة الأنواع الرخيصة من الورق مثل ذلك المستخدم في ورق الجرائد، أما الأنواع الأرقى فيستخدم فيها الخشب المعالج كيميائيا واللب وخليط من اللب وألياف اللحاء، وتعد أفضل أنواع الورق - مثل تلك المستخدمة في الكتابة - تلك المصنوعة من ألياف اللحاء فقط .
, , , , ,

إرسال تعليق Blogger

 
Top