تناولنا في مواضيعنا السابقة عن الحرب الالكترونية ما تم من تمرير قانون يعطي الرئيس أوباما الحق في قطع شبكة الانترنت بجميع مشتملاتها في حالة التعرض لخطر ارهابي سيبري.. ووضحنا تفصيليا ما هي عواقب ذلك الأمر بعد العمل على شغل العالم بأكمله واعتماده بمشاريع بنيته التحتية ومؤسساته المالية والحكومية والخاصة على شبكة الانترنت..ناهينا عن الأفراد والادمان على التعايش مع عالم افتراضي بحت يستقي منه معلوماته واخباره وحتى علاقاته الخاصة...
وقام أوباما امس الاول باعطاء أوامر معلنه للمؤسسات الامنية التابعة للولايات المتحدة بوضع قائمة المستهدفين في الخارج لهجمات ارهابية متوقعة من قبل قراصنة الكمبيوتر في واحدة من أهم التعليمات الرئاسية الموجهة هذا العام.. وصاحب التوجيه الرئاسي طرح مذكرة من 18 صفحة سياسة تم اعدادها في أكتوبر من العام الماضي ولكن لم تنشر.. تنص على تحديد ما يسمى عمليات تأثيرات الهجمات السيبرية Offensive Cyber Effects Operations) -OCEO) حيث تنص على القدرات الامنية الفريدة والغير تقليدية لتحقيق أهداف الامن القومي للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم مع التحذيرات من اكثر من عدو وأهداف ومع الآثار المحتملة التي تتراوح من بسيطة إلى شديدة التدمير والتي تستدعي قطع الشبكة عند توقعها... مع المطالبة بوضع مذكرة OCEO كمرجعية للفعالية والمخاطر مع غيرها من المذكرات الملزمة قانونا للسلطة الوطنية... مما يتيح قانونا استخدام الإجراءات الإلكترونية داخل وخارج الولايات المتحدة لحماية أمنها.. على الرغم من أنها تنص على أن أي من هذه العمليات يمكن أن تتم دون ترتيب مسبق من الرئيس إلا في حالات الطوارئ...مما ينتقل ادارة أوباما لإقامة عقيدة الحرب الإلكترونية المحتملة أن تكون عدوانية وزيادة المخاوف من عسكرة اللإنترنت للسماح باتخاذ اجراءاتها تحت ذريعة حماية أمنها القومي... كما عمم اوباما تلك الاجراءات بطرحها امس على نظيره الصينى شى جين بينغ في قمة كاليفورنيا بسبب الهجمات الصينية المزعومة على أهداف غربية... وخاصة نسخة المذكرة المعروفة باسم 20 OCEO والتي تمكن حكومة الولايات المتحدة من تخاذ ما تراه من اجراءات لمواجهة الارهاب السيبري خارج شبكات حكومة الولايات المتحدة ايضا!!!!
وتتضمن الوثيقة تدخل وكالاتها في عواقب أي عمل سايبري من شأنه التأثير على جمع المعلومات الاستخباراتية او عمليات انتقامية تأثر على استقرار وأمن الإنترنت نفسها، وإنشاء قواعد غير مرغوب فيها دوليا.. أو الأضرار بالممتلكات او التأثير على السياسة الخارجية أو الآثار الاقتصادية... وبالطبع تم تجاهل ان الحكومة الامريكية بذاتها من اكبر جهات الارهاب الالكتروني وخاصة بعد فضح تقارير أمريكية نقلا عن مصادر رفيعة المستوى داخل أجهزة الاستخبارات دللت ان الولايات المتحدة واسرائيل مسؤولة عن فايرس ستكسنت الذي استهدف أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الإيراني..او حتى التخابر بصورة تامة على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من العمليات..ومع ذلك وضعت الوثيقة لحماية "الأهداف القومية للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم"!!!.. لكن المؤسف في محتوى الوثيقة انها تشعل المخاوف التي أثيرت سابقا من الباحثين في مجال الأمن والأكاديميين من أن العمليات السيبرانية على نطاق واسع قد تتصاعد بسهولة الى صراع عسكري واسع النطاق قد يستلزم القطع للشبكة في حالات الطواريء؟؟؟؟
وتؤكد توجيهات سرية كاملة مرارا وتكرارا أن كل العمليات السيبرانية يجب أن تتم وفقا للقانون الأمريكي وفقط القانون الامريكي كتكملة للخيارات الدبلوماسية والعسكرية.. أي وضع العمليات السيبرانية الهجومية والدفاعية كمحور استراتيجية للولايات المتحدة فقط!!!.. فتحت عنوان "مراجعات للسياسات والإعداد" مقطع وضع علامة "TS / NF" - سرية: "يقوم وزير الدفاع ومدير الاستخبارات الوطنية ومدير وكالة المخابرات المركزية بوضع الاستعدادات للموافقة من قبل الرئيس من خلال مستشار الأمن الوطني على خطة الطواريء التي تحدد قطع او تفعيل النظم المحتملة والحفاظ على قدرات OCEO ...والتوجيه ينص على أن أي عمليات سيبرانية "التي يقصد منها أو يحتمل أن تؤدي إلى آثار على امن الولايات المتحدة" تتطلب موافقة من الرئيس إلا في اقصى حالات الطوارئ حيث يؤذن لعدة إدارات امنية بما في ذلك وزارة الدفاع من اتخاذ الإجراء في مثل هذه العمليات دون موافقة الرئاسة... وبهذا أذن أوباما كذلك باستخدام الهجمات السيبرانية في الدول الأجنبية دون موافقة حكوماتهم تحت بند "حماية المصالح القومية للولايات المتحدة واسهمها" .. اضافة انها تحتفظ صراحة بالحق في استخدام تكتيكات سيبرانية في اطار ما تسميه "العمل الاستباقي ضد التهديدات الوشيكة" ويصرح للجيش الامريكي بعمل هجماته وفق رؤيته لصد اي تهديد امني... وكما يعلم جميعنا ان تلك التهديدات يمكن ان تصيغها الولايات المتحدة بحسب مصالحها بالرغم من تقدم محامو مع مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية لطلب قانون حرية المعلومات وتم اهماله!!!!.. خاصة بعد ان اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية توسعا كبيرا في وحدة القيادة السايبرية تحت قيادة الجنرال "كيث ألكسندر" الذي يشغل أيضا منصب مدير وكالة الأمن القومي.. تلك الوحدة هي المسؤولة عن تنفيذ العمليات السيبرانية على حد سواء الهجومية والدفاعية او القطع في حالة الطواريء...وخاصة بعدما حدد مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر التهديدات السيبرانية في العام الماضي كأكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي... لمناصرة التشريعات الجديدة التي من شأنها منح حكومة الولايات المتحدة سلطات عليا لرصد ومراقبة شبكة الانترنت كوسيلة لصد مثل هذه التهديدات..
وكما قلت في السابق...عندما انشأت وزارة الدفاع لامريكية شبكة الانترنت قديما وعممتها على العالم لم يكن هذا عبثا..وعندما سميت بالشبكة العنكبوتية لم يكن هذا محض الصدفة.. فشبكة العنكبوت وضعت لاصطياد الفرائس متعددة الاشكال والاحجام..ومراقبة العالم والتحكم به..ثم قطع الشبكة لتحقيق أكبر خلل يمكن ان يشهده العالم!!!!
إرسال تعليق Blogger Facebook