أطفالنا: طلائع الاحتلال - 2
الأطفال في الصورة المنشورة في المقدمة السابقة يقسمون قسم الولاء لنادي 4H.
أول من أدخلت فكرة نوادي فور ايج في العراق هي ماري كيرستيتر Kerstetter من وزارة الزراعة الامريكية.
وصلت العراق في نيسان 2009 لتعمل مستشارة زراعية لفريق اعادة اعمار
فكرت ان اقامة نوادي فور ايج هي فرصة طيبة للاطفال العراقيين لضمان مستقبل مشرق لهم. وبما ان البيئة زراعية فكرت في ان شراء حملان والعناية بها ستكون بداية جيدة.
اقنعت المسؤولين عن الزراعة في الانبار واعضاء امريكان من فريق اعادة الاعمار. حين شرحت للعراقيين فكرة البرنامج لم يكن أحد منهم قد سمع به، ولكنه أثار اهتمامهم. طلبت معونة وزارة الزراعة الأمريكية لتمويل البرنامج بمبلغ 50 الف دولار لشراء الحملان ومستلزمات العناية بها. بدأت بإقامة ناديين في الانبار واحد في قرية العامرية والاخر في الگرمة. وقد اختارت 24 طفلا (نصفهم اناث ونصفهم ذكور) من الأيتام واحدهم كان متأخرا عقليا. وكان البرنامج هو ان يستلم كل طفل حملا لتربيته بشرط ان يكون لكل منهم مكان لتربية الحمل وقد وقع كل طفل على وثيقة يتعهد فيها ان يتبرع باول حمل يولد لنعجته للبرنامج لتمكين اطفال اخرين من الانضمام الى البرنامج.
كما رتبت للاطفال ان يتخذوا اصدقاء مراسلة مع اطفال امريكان من خلال خدمة المراسلة في جامعة فلوريدا، وكان الاطفال يتطلعون لممارسة الكتابة بالانجليزية.
بعد هذا تطوعت ماري سنة اخرى مع فريق اعادة اعمار المحافظات وعملت على اقامة ناد اخر جنوب بغداد (المحمودية) في حزيران 2010 واقترح الاولاد تسميته (الامل) لأن جمعية غير حكومية ترعاه هي مركز عراق الامل للتنمية والتطوير الاقتصادي وفي النية اقامة ناد اخر في بغداد. وهدفها التالي هو تشكيل منظمة فور ايج على المستوى الوطني في العراق.
نادي الأمل كان يضم 29 عضوا من البنين والبنات، تتراوح أعمارهم بين 12 سنة و16 سنة.
مركز عراق الأمل يديره محمد الجيزاني من مواليد 1958 وحاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد. عمل كمتطوع لمدة سنتين مع معهد السلام الأمريكي في موضوع حل النزاعات في جنوب بغداد. رئيس فرع المحمودية للمجلس العراقي للسلم والتضامن.
معهد السلام الامريكي الدولي USIP وهو جهاز امريكي يتمول من الحكومة الفدرالية الامريكية وقد لعب دورا في 2007 حين ساعد فرقة الجبل العاشرة في الجيش الامريكي في جهود المصالحة في المحمودية الواقعة في (مثلث الموت) في محافظة الانبار بين زعماء العشائر السنة والحكومة الشيعية والجيش الأمريكي وقد اشاد بترايوس بجهود المعهد في تخفيض العنف. والمعهد انشأه الكونغرس على ايام الرئيس ريغان في عام 1984 لمنع او انهاء العنف في العالم (المقصود طبعا انه يمشي في ذيل جيوش الاحتلال ويمنع العنف ضدها في البلاد المحتلة). لابد أن الجيزاني عمل مع معهد السلام في هذه الفترة.
وفي النهاية اصبح الجيزاني رئيس المركز الوطني العراقي لنوادي اليافعين على مستوى العراق.
حين غادرت ماري العراق في 2011 كان قد اصبح عدد النوادي في عموم العراق 42 ناديا واعضاؤه حوالي 1100 يافعا. قبل مغادرتها عقدت مؤتمرا عاما للنوادي حضره مسؤولون حكوميون عراقيون وامريكيون وقد كشف في المؤتمر الذي اقيم في فندق السدير، عن الشعار العراقي لنوادي فور ايج وهو ورقة البرسيم (وهو الشعار العالمي لنوادي 4H) في دائرة من الوان العلم العراقي.
ماهي حقيقة نوادي فور ايج؟
في مقابلة مع ضابط عسكري امريكي خدم في العراق من مارس 2006 الى مارس 2007 وقد عمل خلال هذه الفترة نائب رئيس فريق اعادة اعمار المحافظات في بابل، واجريت معه المقابلة في 27 مارس
2008. يتحدث في المقابلة بصراحة عن تجربته في العراق (والمقابلة تحتاج الى ترجمة فهي مهمة في القاء الضوء على كثير من الأمور)، ولكن مايعنينا هنا هو المقطع المتعلق بنوادي فور ايج. يقول الضابط الذي لم يذكر اسمه في المقابلة:
"وكان لدينا في بابل هذا الرجل من فلوريدا، رجل من وزارة الزراعة الامريكية وكان ضابط تواصل من فلوريدا بامكانه ان يتكلم في الهاتف ويطلب ما يريده من فلوريدا. كان سابقا يدير منظمة "مزارعو المستقبل في امريكا" كان يدير نادي فور ايج وقد اقام نوادي فور ايج في العراق ولكن باسم اخر. كان هناك اسم اسلامي ولكن كانت نفس الشيء."
(في هذا البرنامج، تتم عملية التعليم من خلال المواضيع الخاصة بالشباب أنفسهم.. ومن خلال المهارات الذاتية لهم والتي يمكن لذويهم (حيث سيتم إشراك آباء وأمهات اليافعين بشكل كبير كمتطوعين) والمختصين مساعدتهم في تحديد تلك البرامج ومتابعة تنفيذها وهذه البرامج يمكن أن تشمل اليافعين سواء أكانوا في الريف أو المدينة. هذا التعليم يصلهم عن طريق المشاركة في النوادي (والنادي هنا تجمع يضم في حالتنا 25 عضوا من البنين والبنات ولأعمار ما بين 8- 17 سنة) يتم تجميعهم على أساس أنهم من منطقة واحدة أو اهتمام وتخصص واحد وهم يجتمعون بصفة منتظمة في لقاءات في أماكن هم يختارونها (مقر جمعية فلاحيه، مجلس عشائر، مضيف شيخ عشيرة، بيت ثقافي، نادي رياضي، مدرسة،بيت احد أعضاء النادي) وإذا توفر مقر دائمي في المستقبل. الفرد هنا يصبح جزء من فريق عمل ينمي فيه مهاراته الاجتماعية والقيادية ويؤدي خدمات لمجتمعه.
بالإضافة إلى وجود أنشطة قصيرة وتشمل المخيمات والمؤتمرات، كما يمكن أن تتشكل النوادي داخل الصفوف المدرسية (تجربة الانبار مثلا). العضو في هذه النوادي سيكتسب معارف متنوعة ومهارات جديدة، كيف يتخذ القرار، القيادة، المواطنة، التواصل مع الآخرين، احترام الذات، احترام الآخر. هذا البرنامج طويل المدى نريد له أن يكون جزءا من المنظومة الجديدة للعراق الذي نتمنى سيكون هدفنا التالي بعد أن ننجح بتعميم هذا البرنامج ونشره في كل محافظات العراق، دفع الدولة لكي تتبناه وتدعمه.)
وفي مكان آخر يقول:
(نحن نعمل بهذا البرنامج منذ عام وحقق نجاحات ممتازة واكتشفنا مواهب كثيرة لم تستطع حتى المدارس الكشف عنها ولا حتى اسر هؤلاء اليافعين، كان من بينهم الشاعر والرسام وموسيقيين وفنانين، هم الان لا يرسمون الطائرة والدبابة والمدفع والصاروخ والقاذفة والرشاشة والمسدس، بل يرسمون الزهور والحدائق والحقول)
طبعا هذا المرجو من نوادي يشرف عليها معهد السلام الامريكي. وحتى شعار النوادي هو نبات البرسيم الأخضر عليه 4 من حروف ايج والتي تشير الى الاحرف الاولى للكلمات الانجليزية : الرأس - القلب - اليد - الصحة
وقسم النادي الذي رأيتم الاطفال يؤدونه هو :
Head – أتعهد بالتفكير الصافي
Heart – وقلبي للولاء
Hand - ويدي لخدمات أكثر
Health – وصحتي للعيش الأفضل إلى النادي الذي انتمي إليه والى المجتمع الذي أعيش فيه والى العالم ككل
هل لاحظتم ان عقل الفرد وقلبه وخدمته وصحته هي من اجل النادي أولا وثانيا للمجتمع الذي يعيش فيه (المجتمع الصغير) وليس الوطن الذي لم يذكر ابدا، بل ذكر العالم.
فما هي حقيقة النادي فعلا؟
يكرر الجيزاني واشباهه هذه الجملة في المؤتمرات وغيرها:
والبرنامج موجود في 80 دولة في العالم والعراق الآن أصبح الدولة 81
وهي جملة خادعة، تفاديا للقول أن اصل البرنامج أمريكي. ففي امريكا ولد وفيها ترعرع.
وفي الموقع الاصلي للنوادي في الولايات المتحدة نجد ان ممولي البرنامج : وزارة الدفاع الامريكية ووزارة الزراعة الامريكية اضافة الى جهات اخرى، ومن الشركاء نجد شركة مونسانتو وهي الشركة الاحتكارية للبذور الزراعية التي يجبر فلاحونا على الشراء منها رغم انها تدمر الزراعة الوطنية على المدى البعيد. وشركة السلاح لوكهيد مارتن. التي ساهمت بقوة في لجنة تحرير العراق وفي حرب تدمير العراق. المفارقة في ذروتها هنا:
معهد سلام امريكي + شركة سلاح تشن الحروب+ وزارة زراعة امريكية + شركة تدمير زراعات العالم
يعني السلام وعكسه والزراعة وعكسها = مفارقة لا تجدها إلا في قواميس الهيمنة الامبريالية.
ومن هذا الخليط مطلوب انتاج جيل عراقي جديد هو الذي سوف يحول العراق الى سوق للزبالة الأمريكية.
كل هذا ولم نعرف ماهي نوادي فور ايج. دعونا نذهب الى العمق.
مؤسس اول نادي فور ايج : ألبرت بيلمونت غراهام
من وكيبيديا هذه معلوماته
1968 -1960 ولد في ولاية اواهيو وكان مدير مدرسة في الريف ثم عمل في وزارة الزراعة الامريكية وقد اسس اول نادي تجارب زراعي يعتبر نواة لبرنامج فور ايج وقد استوحاه من طفولته حين تحمل مسؤولية تربية خنزير صغير وكسب مالا من ورائه. ولهذا تقوم النوادي في العراق باهداء حمل لكل طفل. على ان يعتبر ملكا صرفا للطفل وليس للعائلة (حتى يتعلم الطفل الاستقلال عن اهله - وبالتالي عن اشرافهم- من سن مبكر)
والله كثر خير ألبرت ولكن المعلومة الأهم غير المذكورة في وكيبيديا هي أن البرت بيلمونت غراهام كان من أشهر الماسونيين الأمريكان. وهذه المعلومة تجدها هنا وهو موقع يدرج اسماء اشهر الماسونيين حسب الاحرف الابجدية وتجد اسمه تحت حرف G Graham
وأخيرا نعود الى السيد محمد الجيزاني ونراه اختار شعارا غريبا لأول نادي فور ايج في المحمودية والذي سمي (نادي الأمل) تيمنا باسم منظمته التي كان يتكسب منها قبل أن تفتح له باب الرزق الواسع على أيدي البنائين الاحرار، الشعار هو مثلثين مقلوبين متداخلين، مع تمويه بالوان العلم العراقي، والشكل يوحي لأول وهلة بالهرم (والهرم ليس من تراثنا العراقي) ولكن عند التدقيق نجد انه شعار الماسونية منفذ بطريقة مموهة ولكن واضحة لمن يعنيه الأمر.
إرسال تعليق Blogger Facebook