لقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن الساعة في كتابه الكريم، وأنها قريبة، ولم يحدد الله عز وجل موعدها بالزمن، بل جعل لها علامات، وهي ما تسمى بعلامات الساعة الصغرى والكبرى، وقد مضى معظم علامات الساعة الصغرى؛ وفي معرفة ذلك دافع للإنسان أن يتدارك ما بقي من عمره فيعمل بطاعة الله عز وجل، كما أن عليه أن يبعث الأمل في قلبه من أن الغلبة للمؤمنين، وأن الدائرة ستدور على الكافرين المتجبرين وعسى أن يكون ذلك قريباً.
من علامات الساعة الصغرى
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أيها الأحبة! نحن الليلة على موعد مع الدرس الحادي والثلاثين من دروس الإيمان باليوم الآخر، كركن خامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ضمن دروس العقيدة لمعهد إعداد الدعاة، ولا زال حديثنا ممتداً بحول الله وطوله عن العلامات الصغرى للساعة، وقد توقفت في لقائنا الماضي مع العلامة السابعة والثلاثين، والتي كانت عن ذهاب الخشوع، وأود أن أذكر في عجالة سريعة بالعلامات التي تحدثنا عنها في المحاضرات الماضية، ثم أتحدث عن بقية العلامات إن شاء الله تعالى. تكلمنا عن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كعلامة من العلامات الصغرى للساعة، وعن موت النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ظهور الفتن، وعن قبض الأمانة، وعن قبض العلم، وكثرة الجهل، وعن تقارب الزمان، وعن كثرة أعوان الظلمة، وعن انتشار الزنا، وعن انتشار الربا، وعن ظهور المعازف واستحلالها، وعن شرب الخمر واستحلاله، وعن كثرة القتل، وعن زخرفة المساجد والتباهي بها، وتكلمت عن التطاول في البنيان، وعن ولادة الأمة ربتها، وعن تقارب الأسواق، وعن ظهور الشرك في الأمة، وعن ظهور الفحش، وقطيعة الرحم، وسوء الجوار، وعن تشبب المشيخة، وكثرة الشح، وكثرة التجارة، وذهاب الصالحين، وارتفاع الأسافل، والتماس العلم عند الأصاغر. وتكلمت أيضاً عن ظهور الكاسيات العاريات، وعن صدق رؤيا المؤمن، وعن كثرة الكتابة وانتشارها، وعن كثرة الكذب وعدم التثبت في نقل الأخبار، وعن كثرة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق. وتكلمنا عن كثرة النساء وقلة الرجال، وكثرة موت الفجأة، وتمني الموت من شدة البلاء، ووقوع التناكر بين الناس، وأن التحية لا تكون إلا للمعرفة، وتكلمت عن اتباع سنن الأمم الماضية، وظهور الكذابين من أدعياء النبوة، وتداعي الأمم على أمة الإسلام والإيمان، وغربة الإسلام. وتكلمت عن ذهاب الخشوع، وأواصل الحديث إن شاء الله تعالى عن بقية هذه العلامات التي أراني قد اقتربت من الانتهاء منها، فإن المدقق والممحص للأحاديث الثابتة عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم يقف عند هذا القدر والعدد الذي ذكرت فحسب، وإلا فمن تهاون وتساهل في ضبط وتصحيح الأحاديث ربما تصل العلامات الصغرى عنده إلى تسعين علامة أو يزيد، لكن الذي ذكرت هو الصحيح الثابت عن الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم. ......
من علامات الساعة الصغرى عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً
العلامة الثامنة والثلاثون: عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً. والمروج: جمع مرج، والمرج: الأرض الواسعة التي يكثر فيها الزرع والنبات، قال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم ومسند أحمد، واللفظ لـأحمد من حديث أبي هريرة -: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)، وفي هذا الحديث دلالة على أن بلاد العرب سيكثر فيها الماء، وسيكثر فيها الزرع، وستتحول أرض العرب الصحراوية إلى أرض خضراء، وإلى حدائق وغابات، والذي يؤيد هذا أنه قد ظهر في بلاد العرب كثير من العيون والآبار الارتوازية التي حولت كثيراً من الأرض الصحراوية إلى جنات خضراء، ومن أهل العلم من قال: إن هذه العلامة تكون في زمن عيسى عليه السلام حينما تخرج الأرض بركتها، لكن المدقق الآن يرى أن كثيراً من صحراء العرب قد تحولت إلى جنات خضراء.
من علامات الساعة الصغرى انحسار نهر الفرات عن جبل من الذهب
العلامة التاسعة والثلاثون: حسر نهر الفرات عن جبل من الذهب، ففي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو)، وفي رواية في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يحسر الفرات -أي: نهر الفرات- عن جبل من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً)، وفي رواية: (يوشك أن يحسر نهر الفرات عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله. قال: فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون). ومن باب الأمانة العلمية ذكر الحافظ ابن حجر أن انحسار نهر الفرات عن جبل الذهب يكون عند ظهور المهدي عليه السلام، وأذكر أنني قد ذكرت لكم قبل ذلك أن جريدة الأخبار قد نشرت هذا الخبر، وربما نشرت وكالات الأنباء خبر اكتشاف جبل من الذهب في نهر الفرات في سوريا، ثم قرأت في جريدة الأهرام بعد هذا الخبر بأيام قليلة خبراً عن بعثة علمية روسية أمريكية مرسلة لدراسة هذه الظاهرة. لا شك أن النبوءة النبوية لم تتحقق بكل جزئياتها المذكورة في الأحاديث التي ذكرت الآن، فالنبوءة النبوية تتحدث عن انحسار ماء الفرات عن جبل من الذهب، ثم الاقتتال، وسواء ظهر الجبل أو اكتشف الجبل، فإنه لم ينحسر نهر الفرات بعد، ولم يتقاتل عليه، وأنتم ترون الآن الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية بين تركيا وإسرائيل من ناحية، وتعلمون الخلاف الشديد بين تركيا وبين العراق وسوريا من ناحية أخرى، وهذا أمر جليل، فمن المعلوم أن الحرب القادمة لن تكون حرب بترول، وهذا لا نزاع فيه، وإنما ستكون الحرب القادمة حرب مياه، فمياه المسلمين الآن تتسرب إلى إسرائيل، حتى من ماء الفرات! عن طريق الاتفاقيات والأحلاف العسكرية الجديدة بين إسرائيل وتركيا. ولا شك أننا في انتظار بقية أجزاء النبوءة النبوية أن تحدث بمثل ما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فكما أن شطر النبوءة قد ظهر فنحن لا زلنا في انتظار أجزاء النبوءة النبوية أن تظهر بمثل ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه علامة عجيبة!
من علامات الساعة الصغرى الحصار الاقتصادي على العراق
العلامة الأربعون -وأرجو أن تعيروني القلوب والأسماع جيداً- الحصار الاقتصادي على العراق، هذه علامة من العلامات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، ووقعت هذه العلامة في هذه السنوات القليلة الماضية بمثل ما أخبر به النبي الصادق تماماً، وصدق ربي إذ يقول: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]. ففي الحديث الذي رواه مسلم قال: حدثنا زهير بن حرب وعلي بن حجر واللفظ لـزهير قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال: (يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قلنا: من أين ذاك؟ قال: العجم يمنعون ذلك ، ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي. قلنا: من أين ذاك؟ قال: الروم -تدبر! قال في أهل العراق: العجم، وقال في أهل الشام: الروم يمنعون ذاك- ثم سكت هنيهة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً ولا يعده عداً)قلت لـأبي نضرة -والقائل الجريري-: أترى أن هذا الخليفة هو عمر بن عبد العزيز ؟ قال: لا. ومن المعلوم أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لم يكن في عهده حصار من أي نوع من الأنواع للعراق أو للشام أبداً، بل كانت العراق تشهد عزة وكرامة في أيام الخلافة الراشدة. إذاً: هذا الخليفة الذي تحدث عنه الحديث هو المهدي عليه السلام بلا نزاع. هذا الحديث المهم الذي رواه مسلم، له حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابي لا يتكلم في أمر من أمور الغيب من عند نفسه، وإنما بكلام مسموع من الصادق عليه الصلاة والسلام. هذا الحديث يتضمن ثلاثة أخبار من أخبار الغيب والمستقبل: الأول: حصار على العراق. الثاني: حصار على بلاد الشام. ومعلوم أن بلاد الشام تشتمل على: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، هذه البلدان يطلق عليها بلاد الشام، ولكن الاستعمار قسم ومزق وشتت الشمل، ووضع الحدود، ودق المسمار البشع الذي يسمى مسمار الحدود بين الدول الإسلامية. الثالث: خليفة يخرج في آخر الزمان يحثو المال حثواً. وأرجو أن تركزوا معي جيداً في أن الأحداث الثلاثة قد ذكرت في حديث واحد متوالية: حصار للعراق، وحصار للشام -وحصار الشام الآن موجود، حصار على سوريا، وحصار على فلسطين- ولاحظ أن الحديث يقول: (ثم سكت هنيهة)، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج في آخر الزمان خليفة يحثو المال حثواً، ولا يعده عداً)فالأحداث الثلاثة متتابعة متتالية. نعود مرة أخرى إلى كلمات الحديث: (يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم)، تعبير في غاية الدقة عما يحدث الآن للعراق، والذي يسميه الإعلام الغربي والعربي: الحصار الاقتصادي العالمي للعراق. قوله: (يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم) القفيز: هو المكيال المعروف عند أهل العراق، وهو مكيال يكيل فيه أهل العراق الحبوب، والدرهم هو المعروف. (يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم) سبحان الله! من المعلوم أن الحصار الاقتصادي إذا ضرب على بلد فإنه يمنع عن هذا البلد الطعام والميرة، لكن الحديث يقول: (ولا درهم)! وأنتم تعلمون أن أمريكا قد جمدت أموالاً طائلة للعراق بعد أحداث الكويت، فجُمد مال العراق خارج العراق في بنوك الشرق والغرب، ومنع العراق من ماله (ألا يجبى إليه قفيز) أي: لا طعام ولا شراب ولا غذاء ولا دواء، ولعل المتابع منكم قد سمع بالأمس القريب فقط تصريحاً خطيراً جداً لرئيس لجنة المساعدات الإنسانية في العراق، وهو: أن الحصار الاقتصادي على العراق طيلة السنوات الماضية يتسبب في قتل ستة آلاف شخص في كل شهر! وبكل أسف أصبحت أخوتنا الإيمانية أخوة باردة باهتة، فأصبحنا نسمع مثل هذه الأحداث ولا تتحرك جوارحنا، ولا تحترق قلوبنا؛ لأن الأخوة أصبحت باردة باهتة، لم تلفحها حرارة الإيمان بالله جل وعلا، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]، فإن وجدت أخوة بلا إيمان فاعلم أنها التقاء لأجل مصالح، وتبادل منافع فحسب، وإن وجدت إيماناً بلا أخوة صادقة فاعلم أنه إيمان ناقص؛ لأن الأخوة ثمرة حتمية للإيمان، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]. هذا الحصار الظالم يتسبب في قتل ستة آلاف مسلم ومسلمة من أهل العراق في كل شهر!! قمة الظلم. (يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم) قمة الدقة في التعبير، فإن لفظة (يوشك) أدق من لفظة (الحصار الاقتصادي) لماذا؟ لأن الحصار يقتضي حصر البلد المحاصر تماماً، وأنتم تعلمون أن الحصار قديماً كانت له صورة معلومة واحدة، وذلك أن كل مدينة من المدن المستهدفة كانت تحيط بنيانها بأسوار من كل ناحية، فكانت الدولة المعتدية إذا أرادت أن تحاصر مدينة من المدن جرت الجيوش الجرارة، وحاصرت هذه المدينة من جميع نواحيها، أو من ناحية، أو من ناحيتين، وفرضت حصاراً على هذا البلد فلا يدخل إليها طعام، ولا يخرج منها أحد حتى تستسلم هذه المدينة للدولة المعتدية، هذه صورة الحصار القديمة، لكن تدبر لفظة (يوشك) ولم يقل: (يحاصر)؛ لأن الحصار المفروض الآن على العراق ليس حصاراً كلياً، وإنما هو حصار مكسور من بعض الدول، ومن بعض عصابات المافيا التي تبيع الأسلحة وتسرب الطعام مقابل الأموال إلى دولة العراق عن طريق تركيا أو عن طريق سوريا أو عن طريق الأردن. ومعلوم أن الدول الخاضعة لمجلس الأمن ولقرارات مجلس الأمن هي التي فرضت الحصار الاقتصادي على العراق، وأرجو أن تتدبر كلمة (العجم)، فحينما سئل جابر : من الذي يمنع القفيز والدرهم عن أهل العراق؟ قال: العجم، و(العجم) تطلق في لغة العرب على كل من سوى العرب، كل من سوى العرب يقال لهم: عجم. إذاً: هذه اللفظة تفيد أن كل دول العالم -تقريباً- ستشارك في الحصار الاقتصادي باستثناء العرب، وهذا هو الموقف الرسمي فعلاً، وأنتم تعلمون أن مجلس الأمن اتخذ قرار المقاطعة بدوله الخمس الدائمة العضوية، وهي: أمريكا، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين. ومعلوم أن الدول العربية تتناوب العضوية في مجلس الأمن، وكانت اليمن إذ ذاك هي العضو في المجلس، وقد اتخذت قراراً رفضت فيه الحصار الاقتصادي على العراق، فاليمن هي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت القرار. إذاً: اليمن هي الدولة الوحيدة في مجلس الأمن التي رفضت القرار، وكل شعوب العالم العربي تقريباً، وإن كان بعض الزعماء قد أذعنوا لقرارات مجلس الأمن، إلا أن شعوب العرب بلا استثناء لا زالوا إلى يومنا هذا يرفضون هذا الحصار، وفي اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية منذ أيام قريبة رفضوا الحصار الاقتصادي على العراق، ولا زالوا ضد تقسيم العراق، وبالفعل قد شاركت كل دول العالم -تقريباً- في فرض هذا الحصار الاقتصادي على العراق باستثناء العرب، ودعنا نقول: باستثناء شعوب العرب والمسلمين. وعلى هذا يمكن أن يقال: إن حصار العراق أعجمي؛ لأن كل شعوب الأرض -ما عدا العرب رسمياً بمقتضى موقف اليمن في مجلس الأمن- قد شاركت في فرض هذا الحصار عن اختيار وطواعية؛ لأن مجلس الأمن يومئذ بدوله الدائمة وغير الدائمة -فيما عدا اليمن- هو الذي فرض هذا الحصار الغاشم على العراق؛ لذا يقول الحديث: (العجم يمنعون ذلك). ومن المعلوم أنه لم يحدث في تاريخ الإسلام من قبل حصار اقتصادي على العراق بهذه الصورة أبداً. أما الحصار الآخر: وهو حصار الشام، فتعلمون أن حصاراً فرض على سوريا من قبل حصار العراق، وأن حصاراً لا زال مفروضاً إلى الآن على فلسطين، فهذه من العلامات التي وقعت بمثل ما أخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم. ولا زلنا ننتظر الحدث الثالث في الحديث، ألا وهو: خروج الخليفة الذي يحثو المال حثواً ولا يعده عداً، وهو المهدي عليه السلام كما سأبين -إن شاء الله تعالى- بالأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.
من علامات الساعة الصغرى هدنة تقع بين المسلمين وبين بني الأصفر
العلامة الحادية والأربعون -وهي في غاية الأهمية والخطورة-: هدنة تقع بين المسلمين وبين بني الأصفر، وبنو الأصفر في الحديث يراد بهم الروم، والروم هم أوروبا وأمريكا، إذا ذكر الحديث النبوي لفظ بني الأصفر أو لفظ الروم فالمراد بهم الآن: أوروبا وأمريكا، فهؤلاء هم الروم، وهؤلاء هم بنو الأصفر. جاء في الحديث الذي رواه البخاري من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه، وهذا الحديث قد ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ست علامات من العلامات الصغرى، فقال عليه الصلاة والسلام: (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي -أي: موت المصطفى صلى الله عليه وسلم- ثم فتح بيت المقدس)، أما العلامة الأولى فقد وقعت بموته عليه الصلاة والسلام، وأما العلامة الثانية فقد وقعت بفتح بيت المقدس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي العام الثالث عشر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس، واستلم مفاتيح بيت المقدس، بعد أن حاصرت القدس الجيوش الفاتحة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وأرضاه. ثم العلامة الثالثة في الحديث: (ثم مُوتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم) ، قال ابن فارس : أو كعقاص الغنم. والقعاص أو العقاص: داء يصيب الدواب -الإبل والغنم- في الصدر أو في العنق فتهلك الدواب في الحال، قال أهل العلم جميعاً: هذه العلامة قد وقعت بطاعون عمواس الذي ابتليت به بلاد الشام، وكان من الأكابر الذين ماتوا في هذا الطاعون أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه. إذاً: موت النبي عليه الصلاة والسلام، ثم فتح بيت المقدس، (ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً)، وأظن أن هذه العلامة نراها الآن متحققة تماماً، قد تعطي الرجل مائة جنيه، فيقول: أتيتك من المكان الفلاني، ولا تخرج من حافظتك إلا مائة جنيه! ويظل ساخطاً عليه. (ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته)، وأظنكم جميعاً ذكرتم أنها فتنة التلفاز والأغاني نسأل الله السلامة والعافية، ولا شك أنها فتنة عاصفة، لكن أنا لا أجزم ألبتة بأن هذا هو تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو من كلام بعض أهل العلم، فالفتنة التي دخلت جميع بيوت العرب هي فتنة التلفاز، فما من بيت من بيوت العرب الآن إلا ودخلته، وهذا اللفظ خرج مني مخرج الغالب -كما يقول علماء الأصول- وإلا فإن كثيراً من بيوت أهل الفضل لم تدنس بعد بهذه الفتنة الحالكة، تدخل كثيراً من بيوت المسلمين فتسمع فيها الغناء، وترى فيها الرقص، بل وترى فيها الزنا، فهذا الذي يسمى بالدش ينقل الآن إلى بيوت المسلمين الزنا، يجلس الرجل طوال الليل ليرى الزناة والزواني على شاشة التلفاز، ويجلس الساعات الطوال، إنها فتنة عاصفة! وأنا لا أتصور أبداً رجلاً بهذه الكيفية يصلي الفجر، أو يقيم ليلاً، أو يتقي الله في عمل، أو حتى يقدر على أن يستيقظ مبكراً لعمله، إنها فتنة حالكة تريد لأبناء هذه الأمة الدمار والبوار والهلاك، لا أتصور شاباً يقضي الليل بطوله -ولست مبالغاً- أمام فلم داعر، أو فلم نجس عن طريق هذه القنوات المفتوحة، ثم بعد ذلك يصلي الفجر أو يقوم إلى عمله وهو نشيط، هذا مستحيل! هذه فتنة نسأل الله أن يطهر بيوت المسلمين منها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. اسمع إلى العلامة السادسة -وهي محل الشاهد-: (ثم هدنة) والهدنة هي المصالحة، قال: (ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر)من هم بنو الأصفر؟ الروم، من هم الروم؟ أوروبا وأمريكا بلا خلاف، (ثم تكون هدنة بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون) أي: يغدر بنو الأصفر بأمة النبي عليه الصلاة والسلام، (فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية)، والغاية: هي الراية، وسميت الراية بالغاية؛ لأنها غاية الجيش، يقول عليه الصلاة والسلام: (ثم تكون هدنة بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) أي: من الجنود والمقاتلين. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وابن ماجة وابن حبان وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً)، وأظن أن الأمة الآن في مرحلة الصلح والهدنة بلا خلاف، بل وفي مرحلة تحالفات عسكرية بينها وبين الروم من الأوروبيين والأمريكيين، وإن جيوش الأوروبيين والأمريكيين في بلاد المسلمين لمن أعظم الأدلة العملية على ما أقول الآن، أحلاف عسكرية طويلة المدى؛ بل لا أبالغ إن قلت: أحلاف عسكرية إلى الأبد! فالنبي صلى الله عليه وسلم يوضح الهدنة في حديث آخر فيقول: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً، فتنصرون وتغنمون وتسلمون)، أي: ستعقدون معاقدات ومصالحات بينكم وبين أوروبا وأمريكا، (ثم تغزون أنتم وهم عدواً) إذاً: ستكون هناك محالفات بين المسلمين وبين الروم -أوروبا وأمريكا- وسيقاتل الروم مع المسلمين عدواً مشتركاً، لكن السنة النبوية لم توضح لنا هذا العدو المشترك، فهل هذا العدو المشترك سيكون الكتلة الشرقية روسيا والصين؟! وهل سيكون هذا العدو المشترك الشيعة في إيران؟! هذا وارد. لكن السنة النبوية لم تحدد هذا العدو المشترك الذي سيقاتله الروم مع المسلمين. وأقرأ عليكم نص الحديث مرة أخرى: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً، فتنصرون وتغنمون وتسلمون)، هذه المعركة التي سيحالف فيها المسلمون أوروبا وأمريكا، وسينتصر فيها هذا التحالف على هذا العدو المشترك، سواء كان هذا العدو روسيا والصين أو الشيعة، فسينتصر هذا الحلف في هذه المعركة، قال: (ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول) انظر إلى كلام النبي الصادق! كأنه يصف أرض المعركة وهو فيها! (ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج -أي: بأرض خضراء يكثر فيها النبات- ذي تلول)وصف عجيب لأرض المعركة! (فيرفع رجل من أهل الصليب صليبه) من الفريق الآخر -فريق الروم: أوروبا وأمريكا- تدفعهم النزعة العصبية: (فيرفع رجل منهم الصليب، ويقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين، فيقوم إليه فيدفعه -وفي رواية: فيقتله- فعند ذلك يغدر الروم، ويجتمعون للملحمة، فيأتون تحت ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفاً).
المعركة التحالفية العالمية مقدمة حقيقية للملاحم الكبرى
الحديث السابق يبين لنا معركتين: المعركة الأولى هي: المعركة التحالفية العالمية الأوروبية الأمريكية الإسلامية، هذه المعركة التحالفية العالمية يسميها كثير من الكتاب والعلماء والمفكرين وعلماء أهل الكتاب: معركة هرمجدون، وهذه المعركة هي التي ستكون المقدمة الحقيقية للملاحم الكبرى التي سينتصر فيها المسلمون بقيادة المهدي عليه السلام. نحن نريد أن تستبشر القلوب المريضة المتعبة المثقلة بالواقع المؤلم، وتستيقن أن الجولة المقبلة للمسلمين، وليس هذا رجماً بالغيب، ولا من باب تسكين الآلام، ولا تضميد الجراح، وليس من باب الأحلام الوردية، إن الجولة القادمة ستكون للإسلام، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام الذي يصف المعارك والملاحم وصفاً في غاية الدقة، ليس هذا من عندنا نحن، والذي سيهيئ النصر لهذه الأمة الضعيفة المسكينة ليس قوة المسلمين بالمقارنة إلى قوة الغرب، وإنما الذي سيهيئ ذلك هو الملك جل جلاله، الذي يقول للشيء: كن فيكون. الحرب الأولى: التحالفية العالمية الأوروبية الأمريكية الإسلامية أظن أنها واضحة الآن، ومقدماتها واضحة، فنحن والروم الآن في صلح آمن، والمعسكر الشيوعي أو المعسكر الشرقي -الصين وروسيا- قد أبرموا معاهدات جديدة ولأول مرة في التاريخ؛ ليقع ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم. لأول مرة في إبريل عام ستة وتسعين يزور رئيس روسيا الصين، لأول مرة تحدث اتفاق وتعاهدات وتعاقدات بين روسيا والصين قبل ثلاث سنوات فقط، وأنتم تعلمون أنه في الأسبوع الماضي فقط كان وزير خارجية روسيا يزور الصين، خذ الأعجب! والآن بدأت العلاقات الروسية الأمريكية بعد الحرب الباردة تتوتر إلى أخطر درجات التوتر، ولعل وزيرة الخارجية الأمريكية -تلك العجوز الشمطاء- قد عادت من روسيا بالأمس، وهي تجر أذيال الخيبة بعد عدم اتفاق واضح بين روسيا وأمريكا في كثير من القضايا، وعلى رأس هذه القضايا قضية العراق، وقضية السلاح النووي أمور عجيبة! اختلاف وتوتر في العلاقات الروسية الأمريكية، ومعاهدات تبرم لأول مرة بين المعسكر الشرقي: روسيا والصين. وكما أقول دائماً: إن يد الله تعمل ونحن في غفلة، لا تظنوا أن الكون هذا متروك لعباد البقر من الأمريكان أو الملاحدة الكفرة من الروس، يدبرونه كيف شاءوا، لا ورب الكعبة، ولا تظنوا أن الله غافل عما يقع في الأرض، حاشا وكلا، إن الله يسمع ويرى، وليس أحد أغير على التوحيد وأهله من الله، وليس أحد أغير على أمة محمد من الله، ولكن الأمة -كما أكرر- ليست أهلاً للنصرة، وإلا لنصرها الله جل وعلا بزلزال أو بإعصار... إلخ. كولومبيا وقع فيها زلزال قبل يومين، هزة واحدة قتلت ألف شخص! سبحان الله! يتحدث الإعلام الغربي عما يزيد عن مائة شخص سقطوا في باطن الأرض فجأة، وأصبح أسفل الأرض فوقهم، وقع هذا في أقل من مايكرو ثانية، الله عز وجل قادر على أن يدمر أهل الظلم بزلزال أو بإعصار: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ [الحاقة:4-8]، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:1-5]. إذاً: المعركة الأولى هي: المعركة التحالفية العالمية، والتي نرى مقدماتها الآن بصورة واضحة، لا تزيد المؤمن التقي إلا يقيناً في الرب العلي، وتصديقاً للحبيب النبي صلى الله عليه وسلم. فما يحدث الآن تطور خطير جداً، وأحداث متلاحقة بصورة غير مسبوقة! ما كنا نسمع من قبل عن مواجهة بين الصين وأمريكا أبداً، والآن نسمع، ولهجة الإعلام حادة جداً في المواجهة، حتى في إسرائيل، وأنتم تعلمون أن قادة إسرائيل كانوا يخططون لحرب، لا يأتي عام ألفين إلا وقد وقعت هذه الحرب، وأنا لا أذيع أسراراً عسكرية الآن، ولكنه كلام معلوم جداً، وما كنا نسمع عن زيادة حدة التوتر بين روسيا وأمريكا، ونراها الآن واضحة جداً، لاسيما بعد الضربة الأخيرة للعراق. وكذلك ما كنا نسمع أبداً عن تحالف تركي إسرائيلي ثم سمعنا الآن عن تحالف تركي يهودي، ويتوجس المسلمون والعرب من هذا التحالف خيفة كما هو معلوم للجميع. وبعدما أبادت أمريكا هيروشيما ونجازاكي، لأول مرة في التاريخ الحديث نسمع الآن عن اتفاق أمريكي ياباني، أمر عجيب جداً! وأنتم تعلمون العداء بين أمريكا وبين اليابان، ولكننا -كما يقول علماء الاستراتيجية في أمريكا وأوربا- لا ندري من ستسبق أصابعه فيضغط على زر الحرب المدمرة، والتي ستكون غالباً حرباً نووية، وستعجبون إذا قلت: إني في العشر الأواخر من رمضان كنت في أمريكا وأخبرني الإخوة هنالك عن رجل من العلماء المتخصصين ظهر على شبكة الـ(CNN) وقال كلاماً في غاية الخطورة، أفزع أمريكا والمتابعين جميعاً، هذا الكلام أنا لا أجيد أن أنقله الآن نقلاً علمياً دقيقاً، وقد طلبت من إخواني أن يحضروه لي مكتوباً، لكنهم لم يوفقوا في ذلك، فأتيت بمقال لخص هذا الكلام الخطير في مجلة التايم الأمريكية، وهو كلام في غاية الخطورة متعلق بمسألة الكمبيوتر وعام (2000م)، قال: إن الكمبيوتر مبرمج إلى ما قبل عام (2000م)!! وأرجو ألا يفهم طالب علم من كلامي أنني أحدد زماناً لقيام هذه الحرب العالمية التحالفية النووية التي يسميها بعض العلماء بحرب هرمجدون، لا تقل: إن الشيخ قال: إن سنة (2000م) ستقوم الحرب، لا، لا، أنا لا أحدد زماناً، إذ لا يعلم مخلوق على وجه الأرض الزمان الذي سيكون بمثابة الإرهاصات والمقدمات لظهور المهدي، ولا حتى الساعة التي سينزل فيها المهدي، ولا متى ستقوم الساعة، إذ إن هذا كله من العلم الذي اختص به ربنا، لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى المصطفى صلى الله عليه وسلم.
هرمجدون
(هرمجدون) كلمة عبرية مكونة من مقطعين؛ المقطع الأول: كلمة (هر)، والمقطع الثاني: (مجدون). وكلمة (هر) بالعبرية معناها: جبل. و(مجدون): وادٍ معروف في أرض فلسطين، هذه المنطقة هي ساحة المعركة القادمة التي سيكون فيها المسلمون حلفاء للروم. العجيب أن الحديث عن هذه المعركة بدأ الآن يظهر بصورة ملفتة للنظر، وهي -كما ذكرت- معركة نووية. أقول: بأنه قد ظهر الآن في أمريكا حديث عن المواجهة النووية الوشيكة، تعلمون أن كل السلاح الحديث مبرمج بالكمبيوتر، لا يتحرك الصاروخ إلا بالكمبيوتر، ولا الدبابة ولا الطائرة، حتى شبكات الاتصال -الانترنت- العالمية لا تتحرك إلا بالكمبيوتر، بل حتى جهاز الفيزر أو الفليب، ومن أشهر قريبة ماضية سمعت عن تعطل الكمبيوتر -ولعل منكم من قرأ هذا الخبر عن تعطل الكمبيوتر- في الشركة المسئولة عن جهاز الفيزر أو الجهاز الفليب في أمريكا، فتعطلت كل أجهزة الفيزر في أمريكا بالكامل بتعطل جهاز الكمبيوتر. سبحان الله! شريط دقيق جداً إذا تعطل أو حدث فيه عطل يحدث خلل في كل الأجهزة، بعض العقول تنكر أو تستنكر أن الملاحم الأخيرة التي سيقود المسلمين فيها المسيح عليه السلام ستكون بالسيوف والرماح، كل الروايات المذكورة عن النبي الصادق تذكر ذلك، كيف ذلك ونحن نرى الحروب الآن تدار بالكمبيوتر ويخرج الصارخ ويصيب هدفه دون أن يتحرك معه متحرك ؟! لا تتعجب إذا علمت أن الكمبيوتر هذا إن تعطل تعطلت معه كل هذه الماكينة الحديثة، وهذا لا ينكره العقل، إن الحرب الأخيرة ستكون كما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم. وأذكر أنني سئلت في أمريكا عن هذا السؤال، وأنتم تعلمون أن المسلم الذي تربى في أمريكا هو مسلم أمريكاني، يعني: يريد أن يقتنع بكل شيء، ويريد أن يأخذ الدليل العقلي قبل الدليل النقلي ولو كان صحيحاً. سئلت: كيف ستكون الحرب الأخيرة هكذا ونحن نرى الماكينة الحديثة و.. و.. إلى آخره؟ قلت: يا أخي! أنا لا أعلم كيف سيكون، لكنني أعتقد اعتقاداً جازماً بصدق النبي الصادق الذي لا ينطق عن الهوى أن هذا سيكون؛ لكن كيف؟ لا أدري. ثم جاء أحد الإخوة ليصطحبني إلى صلاة الفجر من المكان الذي أبيت فيه، وهو قريب من المركز الإسلامي، ولكنك لا تستطيع أن تخرج وتخطو خطوات من شدة البرد، وإذ بالأخ الذي جاء ليصطحبني إلى المركز الإسلامي يركب سيارة مرسيدس موديل ثمانية وتسعين، حديثة جداً، قمة الفخامة، وما أن ركبنا وبدأ يتحرك إلا ونزل ضباب حجب الرؤية تماماً حتى في داخل السيارة، والله العظيم يا إخوة، لا أقول: حجب الرؤية أمام السيارة في هذا الطريق الزراعي عندنا، لا، ضباب حجب الرؤية داخل السيارة، فما كنت أراه ولا يراني، مع أنه يضيء مصباح السيارة، نزل الضباب وخيم على الزجاج وعلى السيارة حتى لا ترى شيئاً على الإطلاق، فتوقفت كل السيارات في الشارع، قلت: سبحان الله ما هذا؟! يا فلان! ألا تذكر الذي كان يسألني منذ يومين؟ قال: نعم. قلت: سبحان الله! ها هي السيارة موجودة، أحدث موديل، مليئة بالبنزين، يركبها القائد، وأنزل الله جندياً من عنده فعطلها في مكانها، أمر عجب! قد تكون هذه المكائن موجودة أمامك لكن تعطل؛ ليتحقق كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، كيف تتعطل؟ كيفية غير معلومة، حتى العقل لا ينكر ذلك إطلاقاً، السيارة موجودة أحدث موديل، والقائد في السيارة يجيد القيادة، مليئة بالبنزين، لا يوجد سبب من الأسباب التي توقف السيارة إطلاقاً، ولكنه جندي في غير حساب البشر، قال الله عز وجل: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] جندي في دقائق. وسأذكركم بالخبر الذي قرأته على حضراتكم في هذا المجلس، حينما أخبرتكم بأن نجماً من النجوم قد أمطر الأرض بوابل من أشعة جاما، هذه الأشعة التي عطلت المركبات الفضائية الأمريكية تماماً؛ لأن الأمور كلها كما تعلمون كمبيوتر، أشعة معينة لخبطت البرنامج وانتهى الكمبيوتر، وقد أرعب هذا العالم أمريكا حينما قال: إن الكمبيوتر مبرمج إلى ما قبل عام (2000م)، هم الآن في حيص بيص، قضية خطيرة جداً، طبعاً إعلامنا مشغول بالكرة واللاعبين واللاعبات، وخيبة الأهلي البني، فإعلامنا مشغول عن مثل هذه القضايا الكبيرة والخطيرة، لكن لا يزال يحلل كيف هزم الأهلي؟ وكيف كذا؟ لكن هذه القضايا الكبيرة إعلامنا في شغل شاغل عنها، هذه قضية خطيرة وكبيرة جداً، وتشغل الآن عقول العلماء هنالك. والأعجب من ذلك أن السلاح النووي الأمريكي والروسي موجه لبعضه البعض، هي مصيبة نسأل الله أن يخرجنا من بين الظالمين سالمين غانمين، فتنة رهيبة جداً. الإنسان لما يفكر كيف تتم الأحداث ربما يطيش العقل والله العظيم، وأنا أعد للمحاضرة والله تعب رأسي، وعندما أطلق لعقلي العنان في التفكير أشعر بألم فأتوقف، سبحان الله، سبحان من يدبر الكون! وسبحان من يسخر الكون! قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]. هذه أمور علمية يا إخوة، نحن الآن لا نتكلم بأسلوب دروشة، ولا نقول رجماً بالغيب إطلاقاً، هذا كلام علمي مذكور، وستعجبون إذا علمتم أن العلماء بل والرؤساء على أعلى مستوى في العالم يعتقدون اعتقاداً جازماً في هذه الحرب المقبلة وينتظرونها، اسمع إلى ما يقول رونالد ريجن رئيس أمريكا الأسبق، الإراهابي الكبير، الذي خرج يوماً يزف إلينا نبأ ذبح ليبيا، هل تذكرون؟ الأمة تنسى! يقول: رونالد ريجن -وتدبر هذا الكلام الخطير!-: إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى هرمجدون. رئيس أمريكا يتكلم عن معركة هرمجدون التي ستكون بمثابة الإرهاص الحقيقي للملحمة التي هي المعركة الثانية التي ذكرتها الآن كما في حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وسأفصلها في المحاضرة المقبلة إن شاء الله تعالى، يقول: إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى هرمجدون. مسألة تحديد الزمن -كما ذكرت- لا يستطيع مخلوق على وجه الأرض أن يجزم به. ثم يقول رونالد ريجن نفسه: كل شيء سوف ينتهي في بضع سنوات، ستقوم المعركة العالمية الكبرى معركة هرمجدون أو سهل مجيدو، هذا رئيس أمريكا يتكلم عن معركة مقبلة. ويقول: جيمس واجر المناظر النجس الذي فضح أخلاقياً، نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة: كنت أتمنى أن أستطيع القول بأننا سنحصل على السلام، ولكني أؤمن بأن هرمجدون مقبلة، إن هرمجدون قادمة، وسيخاض غمارها في وادي مجيدو، إنها قادمة، إنهم يستطيعون أن يوقعوا على اتفاقيات السلام التي يريدون، إن ذلك لم يحقق شيئاً، ثم قال: هناك أيام سوداء قادمة. عليهم إن شاء الله. الكلام في غاية الخطورة يا إخوان! وهذا جيري كليب ، وهو من الأصوليين المتعصبين الصليبيين، وكان من المقربين جداً لـجرج بوش ويقال: إنه هو الذي تنبأ لـجورج بوش بأنه سيكون أعظم رئيس في عام 1988م، وكان جورج بوش يقرب هذا الرجل تماماً، يقول: إن هرمجدون حقيقة مركبة، ولكن نشكر الله لأنها ستكون نهاية أيام الدنيا، تقول الكاتبة الأمريكية جليس هالسن : إننا نؤمن كمسيحيين -اللفظ الصحيح الذي نؤكده كنصارى، لكن أنقل كلامها- أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تدعى هرمجدون، وأن هذه المعركة سوف تتوج بعودة المسيح الذي سيحكم بعودته جميع الأحياء والأموات على حد سواء، وتقول أيضاً: هرمجدون نووية لا مفر منها بموجب خطة إلهية. ويقول لينبسي صاحب كتاب (نهاية أعظم كرة أرضية) -حتى الكتاب اسمه مخيف!-: لا داعي للتفكير -هذا متشائم جداً- في ديون أمريكا الخارجية، ولا في ارتفاع الضرائب، ولا في مستقبل الأجيال القادمة، فالمسألة بضع سنوات وسيتغير كل شيء في العالم جذرياً. هذا متشائم إلى أقصى حد، يعني: يريد أن يقول: الكل يتوقف. لكن فهمنا كمسلمين يقول النبي الكريم -كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده بسند صححه شيخنا الألباني - : (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها)، فالمسلم يعمل إلى آخر لحظة، ولا تقل: متى سأغرس؟ ومتى ستنمو؟ ومتى ستثمر؟ ومن سيأكل وقد قامت القيامة؟ هذا ليس من شأننا كمسلمين، إنما نحن نأخذ بالأسباب، ونعمل ونترك النتائج لمسبب الأسباب تبارك وتعالى. إذاً: معركة هرمجدون هي بداية للفتن والملاحم الكثيرة التي ستقع، وسيقود جيوش المسلمين فيها المهدي الذي هو من نسل فاطمة بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم، هذه الملحمة الأخيرة الملحمة التي ستقع بين المسلمين وبين الروم حينما يغدرون، وهي ستكون -إن شاء الله تعالى- موضوع محاضرتنا المقبلة بإذن الله عز وجل بعد مقدمة عن أخبار المهدي ربما تأخذ محاضرة عن المهدي، وعن صفاته، وعن علاماته، وعن الكلام الصحيح الثابت في المهدي الذي سيقود الملحمة، وأنا أتصور أن الأمة الآن، وأن الأرض الآن تهيأ لاستقبال المهدي عليه السلام. أسأل الله عز وجل أن يعجل بالخلافة الراشدة، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال، وأن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين، وأكتفي بهذا القدر. وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
إرسال تعليق Blogger Facebook