, 4/11/2013 -
الهندسة الوراثية و السلامة الإحيائية (الأمان الحيوي)
Genetic Engineering and Biosafety


الجزء الأول

سلسلة من المقالات القيمة يمكن الاستدلال بها عند محاولة شرح مجال التكنولوجيا الحيوية و العلوم المتعلقة به للمتخصصين و غير المتخصصين.
تمت كتابتها بواسطة عبدالحكيم محمود، إعلامي علمي من دولة اليمن ونشرت على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي.



وصف العلماء و مؤرخو العلم القرن العشرين بأنه قرن البيولوجيا، لأنه شهد تطور في فروع العلوم البيولوجية التي عرفها العالم منذ مطلع القرن التاسع عشر، و أبرزها الكيمياء الحيوية  Biochemistry و البيولوجيا الجزئية Molecular Biology و علم الخلايا Cell Biology و علم الجينات Genetics الذي ظهر كعلم مستقل في أواخر القرن التاسع عشر.

 و مع نمو  العلوم الفيزيائية في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر و تفاعلها  في المجالات المختلفة  أدّت إلى   ظهور  اهتمامات جديدة و نظرة علمية جديدة نحو الأجسام الحية تمتد جذورها إلى العصور القديمة على حد تعبير برنال في كتابة العلم في التاريخ.

و تكاد تكون البدايات الأولى لتحول علوم البيولوجيا هو الاهتمام بمكونات الخلية و التي شكّلت لاحقاً منطلق لما يعرف بالتكنولوجيا الحيوية  Biotechnology و هو اختراع الميكروسكوب اللوني عام 1827 حيث  استطاع العلماء من خلاله معرفة التركيب الدقيق للأنسجة و اكتشاف تكونها من وحدات صغيرة عُرفت حينها بالخلايا، تختلف عن بعضها في الشكل. و قد ساعد ذلك العلماء لمعرفة أن الجسم البشري يتكون من عدد لا يحصى من الخلايا و كان ذلك بمثابة نقلة نوعية في علم البيولوجيا.

  كل هذه التطورات في علم البيولوجيا و فروعه أدّت إلى ظهور ما يعرف بالتكنولوجيا الحيوية، و التي تطورت و أدّت إلى ظهور الهندسة الوراثية الحديثة و أبحاثها و مجالات تطبيقها على كل الكائنات الحية، البشرية و الحيوانية و النباتية.
و قد أسفرت هذه الأبحاث عن العديد من تقنيات الهندسة الوراثية و منها عملية التحوير الوراثي و إنتاج الأغذية المعدّلة وراثياً و التي قدمت للبشرية خدمات و فوائد لكن بالمقابل لا زالت الخلافات دائرة حول أخطارها، و التي نتج عنها الاتفاقيات و المفاهيم الخاصة بالسلامة الإحيائية و الأصول الوراثية و أخلاقيات الهندسة الوراثية من أجل حماية الإنسان و البيئة.

التكنولوجيا الحيوية و الهندسة الوراثية
 Biotechnology and Genetic Engineering 

لقد شهدت التكنولوجيا الحيوية تطورات و ثورات متلاحقة ابتداء من الزراعة النسيجية و التي أصبحت تُعرف بالتكنولوجيا الحيوية التقليدية أو تقنيات الجيل الأول وصولاً إلى التكنولوجيا الحيوية الحديثة و التي شهدت ثلاثة أجيال متلاحقة و هي: الهندسة الوراثية Genetic Engineering و نظام المعلومات الحيوية Bioinformatics و التقانات النانوية Nanotechnology.

و بناء على ما تقدم يمكن القول أن التكنولوجيا الحيوية: تعني بمعناها الشامل أي تطبيقات تكنولوجية تستخدم النظم البيولوجية أو الكائنات الحية أو مشتقاتها لصنع أو تغيير المنتجات أو العمليات من أجل استخدامات معينة مثل تطوير و تحسين الإنتاج من المحاصيل الزراعية و الحيوانات و إنتاج الأدوية و اللقاحات و تلك المنتجات التي يطلق عليها الكيموحيوية و هي تشمل التقنيات القديمة المعروفة مثل عمليات التخمير أو إنتاج الجبن إضافة إلى التقنيات الحديثة التي تعتمد على حمض  ال DNA المعاد صياغته و التي يُطلق عليها الهندسة الوراثية أو التكنولوجية الحيوية الحديثة.

  يُعّرف بروتوكول قرطاجنة المتعلق بالسلامة الإحيائية، التكنولوجيا الحيوية الحديثة بأنها: تقنيات داخل أنابيب الاختبار للحامض النووي و الحقن المباشر للحامض النووي في الخلايا أو العصبيات، كما يُعّرف البرتوكول التكنولوجية الحيوية بأنها عمليات دمج الخلايا للحصول على كائنات ذات خصائص و ميزات جديدة خارج الفئة التصنيفية التقليدية لهذه الكائنات و ذلك من خلال عزل المورِّث (الجين) من الكائن و التعرف عليه و تحديد  وظيفته و استنساخه و إعادة دمجه مع جينات لكائنات أخرى.  

 وانطلاقا من ذلك يطلق اصطلاح الهندسة الوراثية على التكنولوجيا الحيوية التقليدية و الحديثة .كما تُعرّف الهندسة الوراثية بالعلم الذي يهتم بدراسة كيفيه انتقال الصفات الوراثية من جيل إلى آخر و يُعنى بتفسير التشابه و التباين بين أفراد النوع الواحد في الكائنات الحية.

المفاهيم و الأسس العلمية للهندسة الوراثية

انطلاقاً مما تقدم يمكن تلخيص أهم المفاهيم العلمية التي تنطلق منها الهندسة الوراثية، و يأتي في مقدمتها مفاهيم فروع العلوم البيولوجية و أهمها البيولوجيا الجزيئية و الخلية و الكيمياء الحيوية، و علم الوراثة و علم الأحياء الدقيقة و علم النبات و علم الحيوان و علم المناعة و الهندسة الكيميائية.

  كما تقوم الهندسة الوراثية على مفاهيم المخزون الجيني الحامل للصفات الوراثية للكائن عن طريق التحكم في مكانها و وظيفتها و نقلها من مكان إلى آخر، و قد أدّى التنوع الجيني إلى تمكين الإنسان من اختيار نباتات ثم تحسين محاصيلها عن طريق الانتفاع من التنوع الجيني و في نهاية هذا القرن الماضي استخدمت تقنيات التهجين المخطط و أصبح التهجين أسلوباً لزيادة نمو المحاصيل و الحيوانات.

 و من المفاهيم و العمليات التي تقوم عليها الهندسة الوراثية أيضاً، القدرة على عزل المورّث (الجين) من كائن حي و نقله إلى كائن حي آخر، و بذالك يتم تخليق نباتات و حيوانات مهجنة جينياً تمتلك المميزات المرغوبة. بالإضافة إلى القدرة على تكوين اتحادات وراثية جديدة، و ذلك بخلط جينات وراثية معروفة لخلايا معينة مع جزيئات وراثية و تمكينها من التكاثر و إظهار قدراتها الوراثية في التحكم بوظائف الخلايا المضيفة التي تلقح بها مثل هذه المواد الوراثية المهجنة.

********************
 المراجع

1- العلم في التاريخ – الجزء الثاني – ج. د. برنال- المؤسسة العربية للدراسات و النشر.

2- تحديد أولويات اليمن في مجال التكنولوجيا الحيوية  - د. عارف سعيد الحمادي  - ورشة العمل حول التوعية بالاطار الوطني للسلامة الاحيائية.

3- استخدام الهندسة الوراثية في التحقيق الجنائي  ا.د.وجدي عبدالفتاح سواحل

4- الشفرة الوراثية للانسان -  دانيال كيلفس وليروي هود – عالم المعرفة
 
,

إرسال تعليق Blogger

 
Top