هل ستتمكن الطباعة ثلاثية الأبعاد حقًا من صنع نماذج للأشياء وجعلها تبدو كالحقيقية منها؟
استخدم كودي ويلسون، طالب من ولاية تكساس، طابعة ثلاثية الأبعاد لصنع مسدسًا من البلاستيك ويعمل مثل الحقيقي، مثبتًا بذلك الهوس الذي أصبح من سمات صناعة أجهزة الكمبيوتر المكتبية. ولكن هل هذا كل ما في الأمر؟
تمكن التكنولوجيا الأشخاص من صنع نماذج ثلاثية الأبعاد مثل النموذج الموجود في الصورة عن طريق طباعة طبقات فوق بعضها.
هذا هو المستقبل، حيث لا تزال الحقائب النفاثة والزلاجات الهوائية غير متوفرة في الأسواق إلي وقتنا هذا، ولكن يمكن ذلك باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. هل تريد شراء فرشاة أسنان، أو زرًا، أو كوبًا لشرب القهوة؟ إذا لماذا تذهب للمحلات لشراء هذه الأشياء؟ بينما يمكنك استخدام حاسبك وبكبسة زر واحدة تحصل على ما تريد بشكله الكامل وجاهز للعمل باستخدام "الطابعة".
كانت هذه مجرد فكرة خيالية تواجدت فقط في أفلام الرسوم المتحركة (الكرتون)، ولكن في أحد عطل نهاية الأسبوع جعلها كودي ويلسون حقيقة، حيث قام الطالب من ولاية تكساس بصناعة مسدس من البلاستيك يعمل كالحقيقي و نجح بإطلاق رصاصة منه وذلك بإستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، وسلط هذا الحدث الضوء على هذه التكنولوجيا الرائعة والتي أصبحت هوسًا بين جموع المصممين والمُصنعين، حيث أن البعض منهم مؤمن إيمانًا قويًا بالإمكانيات التي تقدمها هذه التقنية.
وصرح مايكل سزروينسكي من متحف التصميم بأن "هذه التقنية لفتت إنتباه الجميع، حيث تحمس الجميع للغاية بشأن الطباعة ثلاثية الأبعاد، ولكنهم لا يعرفون السبب وراء ذلك".
وصرح بري بريتس، محرك عرائس ومدرس فنون سابق مقيم بمدينة نيويورك، ويملك لشركة مُصنعة للطابعات ثلاثية الأبعاد، بأن "شعاره الشخصي هو أنه يصنع الأشياء التي تمكنا من صنع الأشياء. وأن شعاره المهني هو أننا نشعل فتيل الثورة الصناعية القادمة ونمكن الأشخاص من تغيير العالم".
ولكن هذا تصريح جريء بالنسبة لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي لم تتعرض حتى الآن لاختبار حقيقي، خاصة إذا نظرنا إلي مثال المسدس، فقد "طُبع" على آلة تكلفتها تتعدي 5000 يورو ويتتطلب تصنيعه العديد من المكونات البلاستيكية المتنوعة واستغرق أيامًا في تصنيعه، لذا سيكون من الأوفر و الأسرع و الأسهل التوجه إلي سوق وول مارت وشراء واحدًا من هناك.
ما نفعله هنا يسمي طباعة، ولكن في الواقع هي طريقة بطيئة لتصنيع الأشياء، وموجودة لمنذ ما يقرب من ثلاثة عقود، فما الذي تغير في السنوات القليلة الماضية وتسبب في هبوط تكلفة التصنيع بشكل كبير.
يبلغ حجم أصغر الطابعات ثلاثية الأبعاد حجم المايكروييف تقريبًا، أما أكبرها فهو في حجم بيت متنقل. وتتصل بالكمبيوتر مثل (الطابعة الورقية)، ومن ثم يمكن نقل التصميم المراد إليها فتبدأ ببطء في تنفيذ التصميم برش البلاستيك المنصهر على شكل طبقات رقيقة للغاية، مما يؤدي إلى تشكيل شكل صلب. فعلى سبيل المثال لتصميم أحد الأكواب، تبدأ الطابعة برش الآلاف من الحلقات البلاستيكية فوق بعضها، وما يجعل الأمر حرفيًا أنه يمكنك "طباعة" أشكال فائقة التعقيد، بما في ذلك الأشياء التي تحتوي على تجاويف داخلية مثل النماذج المعمارية لمجمع سكاني جديد أو لكرة داخل كرة أخرى.
وتعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد عملية بطيئة حيث يستغرق صنع نموذج طول 30سم مدة 24 ساعة. وبالتالي، فهي ليست بديلًا لعمليات التصنيع الضخمة في المصانع خاصة إذا لم توجد ميزات اقتصادية كبيرة.
ويرجع استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى المصممين العاملين في مجال الصناعة، حيث استخدموها لصناعة النماذج الأولية دون الحاجة إلى أدوات متخصصة، مما يوفر كميات كبيرة من الوقت والمال.
وقد تطورت الطابعات المكتبية المنزلية في وقتنا هذا ، وتعد الطابعات من نوع The MakerBot Replicator 2 واحدة من أشهر الطابعات المكتبية، والتي لا تتجاوز تكلفتها 1.415 يورو، وقد باعت شركة بريتس منها ما يزيد عن 10.000 طابعة. وتمكن هذه الطابعة الأشخاص من تصنيع عدد من البضائع في منازلهم، وهي فكرة تم إجراء العديد من المقارنات بينها وبين الثورة الصناعية. فقد ظهر مصطلح مصنع عندما كان يطلق على منازل النساجون في مدينة لانكشاير، وبالتالي يمكن أن تعود البيوت إلى كونها مصانع كما كانت قديمًا. وصرحت سوزي أنطونيو، من متحف العلوم، بأن " هذا الأمر سيسبب انفجارًا في عالم الابتكار والإبداع".
وصرح شارلز ليفي من مركز الابتكار الكبير (Big Innovation Centre) التابع لمؤسسة العمل بأن هذا الأمر يتيح الكثير من الفرص لإضفاء الطابع الشخصي على الأشياء. فعلى سبيل المثال يمكنك تخيل طباعة الأشخاص لأحذية مخصصة لهم، فهي ليست فقط نماذج بلاستيكية بل أيضًا يمكن استخدامها.
وتقوم الآلات الصناعية بالفعل بتصنيع الأطراف والأرداف والأسنان الصناعية، لذا فإنه ليس أمرًا خياليًا (على الرغم من صعوبة تخيل فكرة "طباعة" أجزاء من جسم الإنسان تحتوي على أنسجة بشرية وهي فكرة لا تزال محل للدراسة).
وفي الوقت الراهن، ومع كل ماسبق، تستخدم الطابعات ثلاثية الأبعاد بشكل كبير في صناعة الأشياء التي يحتاجها الأشخاص، ومن أكثر المنتجات شيوعًا أغطية هواتف iPhone، والموجوهرات، ونماذج للقطارات، فإذا كانت هذا هو المقصود بالثورة الصناعية القادمة فأنا ممن سيحطمون هذه الآلات.
ويقارن نيك ألن المدير في 3DPrint-UK هذه الظاهرة بظاهرة آلالات الخبز في التسعينيات، حيث صرح بأنه كان بإمكان أي أحد تحمل نفقة هذه الآلات، لذا شعر الناس حينها بالحماس حيال الخروج لشراء المكونات بقيمة 2 يورو، وصنع رغيف من الخبز يستغرق عدة ساعات للتحضير. أما الآن يخزن الخبز في الخزائن و 99.9% من الأشخاص يخرجون لشراءه مقابل 1 يورو، وتابع يقول أن "هذه الإمكانيات المطروحة مذهلة، ولكن هناك مبالغة كبيرة بتقديرها في وقتنا الحالي".
إرسال تعليق Blogger Facebook