رغم قابلية المعادن للتطويع والصهر، فإنها سرعان ما تعود لشكلها الأصلي في حالة تبريدها أو تسخينها. لذا يطلق عليها اسم " معادن ذات ذاكرة". ويكثر استخدام تلك المعادن خصوصا في المجالات الطبية والإبداعية للمصممين والمخترعين.
طور الباحثون في جامعة رور أونيفرستيت بوخوم نسيجا داعما تشبه مرونته مرونة الشريان.
طورت سفيلتانا فون غراتوفسكي و زميلها فيكتور كوليدوف أسناناً للزراعة، صنعت جذورها من معادن ذات ذاكرة.
تناولت سفيتلانا فون غراتوفسكي الزنبلك من فوق الطاولة، وشدته من طرفيه ليصبح مستقيماً. لو كان هذا الزنبلك مصنوع من معدن ذي ذاكرة، لأصبح من المستحيل إعادته لشكله الأول. كل ما قامت به الباحثة الفيزيائية من مدينة دورتمند، هو تسخين الزنبلك الممدود بين كفيها ليعود بسرعة إلى شكله الزنبلكي.يذكر أن الزنبلك يصنع من معدني النيكل و التيتان. و يعلق المهندس " بيورن زنف" من معهد فراونهوفر للتعدين والماكينات في درسدن أن الصناعات المرتبطة بالزنبلكات " تناسب طبيعة كل من النيكل و التيتان ". ويطور المهندس منتجات طبية، تعتمد على "المعادن ذات الذاكرة".
مسامير حرارية للعظام
يسترسل زنف مثالاً في تعداد الاستخدامات الطبية الممكنة للمعادن ذات الذاكرة، فيقول:" مثلاً على صعيد جراحة العظام، من الأفضل زراعة المسامير المصنعة من معادن ذات ذاكرة، فهي تسمح باختيار الوضعية المناسبة". وهي أشبه بطرق مسمار في الحائط دون تثبيته ببرغي، ليلعب دور تثبيت الجسد ودرجة حرارته. وقد صممت الأجسام المثبتة لتناسب اللوائح العظمية عند بلوغ درجة حرارة الجسم 37 درجة حرارية.
من نفس المنطلق طورت سفيلتانا فون غراتوفسكي وزميلها فيكتور كوليدوف أسناناً قابلة لزراعتها في الفم، صنعت جذورها من معادن ذات ذاكرة. و ما إن تتم زراعة هذه الأسنان في الفم، حتى تتشكل جذور الأسنان بالشكل المناسب في الفك. كما تتميز هذه الأسنان الصناعية بمشابهتها للطبيعية في المرونة والقدرة على التماشي مع مختلف درجات الضغط عليها أثناء المضغ.
زراعة أنسجة داعمة و أوعية دموية
تكثر استخدامات هذه المعادن في المجال الطبي بسبب تميزها بطبيعتها الحرارية و مرونتها. فمثلاً تم تطوير أنسجة هجينة من خليط معادن ذات ذاكرة و من أنسجة أخرى، حيث يتغير شكلها عند الحاجة، لكنها تعود نهاية الأمر إلى شكلها الأصلي. وتستخدم هذه الأنسجة من قبل مقومي العظام، في حالات الأطراف المجبرة كالركبة و الأقدام.
أنسجة هجينة من خليط معادن ذات ذاكرة وأنسجة، بحيث يتغير شكلها عند الحاجة، لكنها تعود إلى شكلها الأصلي.
كما يناسب مزيج معدني بين النيكل والتيتان لزراعة الأوعية الدموية. وبسبب مرونته طور الباحثون في جامعة رور أونيفرستيت بوخم نسيجا داعما تشبه مرونته مرونة الشريان. و سيستخدم هذا النسيج لفتح ما يحصل من انسداد في الأوعية الدموية.ورغم ميزات هذه المعادن و تعدد استخداماتها، فإن ذلك يتطلب دقة متناهية في التصنيع، وفقاً للباحث زنف الذي يضيف قائلا:" لا بد من مراقبة توافق النيكل بالتيتان بشكل دقيق للغاية".
بديل عن المغناطيس الإلكتروني
تغيير مستوى نسبة النيكل و لو بمقدار ضئيل، يغير من درجة حرارة التفاعل بشكل هائل. لكن هذا التغيير يصب في جعل هذا الخليط حلاً مذهلاً في مجال تصنيع الآلات و بنائها، ليصبح بديلاً للمغناطيس الكهربائي. فوصل الكهرباء به يؤدي إلى تحفيز تفاعلات المعدن ذي طبيعة حرارية، حيث يمكن استخدامه لفتح أو إغلاق قفل أو باب أو صمام. وبهدف توفير درجة أعلى من الضمانات الأمنية، قام باحثو معهد فراوهوفر باستخدام هذا الخليط من المعادن ذات الذاكرة في أقنعة الأكسجين المتوفرة على متن الطائرة. فمن الممكن استخدام هذا الخليط في المستقبل لتفعيل هبوط هذه الأقنعة من سقف الطائرة للمسافر، عبر مجسات حرارية.
تتميز هذه الطريقة عن غيرها في إنزال أقنعة الأكسجين بأن عدد أجهزتها أقل، ويمكن تعويضها سريعا عند التلف. كما إن تقنيتها أقل وزناً و مساحة واستخداما للكهرباء، مقارنة بالمغناطيس الكهربائي.
قام باحثو معهد فراوهوفر باستخدام المعادن ذات الذاكرة في أقنعة الأكسجين المتوفرة على متن الطائرات.
وحتى في صناعة يد الإنسان الآلي التي أنتجها الدارسون من معدني النيكل و التيتان تعمل الزنبلكات المصنعة من هذه المواد مثل اليد البشرية. و بفضل رصد درجة الحرارة، تمكن الباحثون من تحريك أصابع هذه اليد. كما تتحكم اليد في مستوى الضغط الذي تمارسه.وقد سبق لفريق الباحثين المكون من كوليدوف و غراتكوفسكي من مدينة دورتموند أن أبدعوا في بحوثات أخرى صغيرة، مثل تصميم لاقط نانوي من النيكل و التيتان من خلال ليزر عالي الدقة، بحيث يتم فتح وغلق طرفيه تبعاً لدرجات الحرارة التي يتم التعرض لها. وتمكن الباحثون مثلا من قطع شعيرات الحشرات و إلصاقها مرة ثانية باستخدام هذا اللاقط.
إرسال تعليق Blogger Facebook