, , , , , 5/21/2013 -

 كيف عرف الإنسان العطور؟

وصف الاختراع :
منذ بدء الخليقة والإنسان يعمل على اكتشاف كل ما يحيط به.. فبدأ يشاهد ويجرب ويستنتج ويبتكر ... وليس هناك أعظم من الجسم البشري في عظمة تكوينه وإبداع وظائفه...

اكتشف الإنسان حواسه التى لم تعد تؤدي وظائف مساعدة له في عمله لكنه أيضا عمل على تدليلها بأقصى درجة.. عرف حاسة الشم ... وميز بين الروائح المتنوعة... النفاذة.. الفواحة.. الأخاذة.. والمنفرة. إنها ليست مجرد عطور .. بل هي تحمل عبقاً من أعمق بقع التاريخ...

العطور هي مستحضرات مصنوعة من مواد طبيعية أو اصطناعية أو من مزيج يتألف من كليهما. ويقوم العطار بمزج هذه المواد بعضها ببعض لينتج العبير الفواح. يستخدم الناس العطور بطرق كثيرة ليكسبوا أنفسهم والجو المحيط بهم روائح زكية، فمن الناس من يستخدم عطورًا دُهنية أو سائلة لتبقى متعلقة بملابسهم وأجسامهم فترة طويلة.

ومن أول ما عرف الانسان من العطور هو البخور وهو ناتج عن خلط أنواع من النباتات مع بعضها وحرقها لتنتج منها روائح ذكية عادة ما كانت تستخدم في المعابد والمظاهر الدينية. كما استخرجت العطور من أزهار الياسمين والبنفسج والليمون والورود وأخشاب الأرز والصندل وأوراق النعناع وجذور الزنجبيل والسوسن.

أول من استخدم العطور كانوا قدماء المصريين وكان استخدامها في البداية يقتصرعلى الكهنة في الاحتفالات الدينية وكانت لديهم معامل خاصة لتحضيرها داخل المعابد ثم استخدمت من قبل الملكات والملوك. كما كان لبعض العطور استخدام في تحنيط الموتى مثل القرفة. لاحقاً وصل الاهتمام بالعطور ذروته حتى دخلت في تحضير مستحضرات التجميل.

ثم انتقلت العطور من الفراعنة إلى اليونان من خلال رحلات الفينيقيين إلى بلاد اليونان. وقد كان لليونانيين دور كبير في رواج هذه الصناعة واعتبارها تجارة رابحة وقد عملوا على تطوير ما قد بدأه المصريون القدماء من أساليب تحضير العطور.

انتقلت العطور بعد ذلك إلى الإمبراطورية الرومانية وكانت قاصرة على المناسبات الدينية وجنائز علية القوم وكانت ُتجلب من الشرق الأوسط والمنطقة العربية. وفي أعقاب دخول المسيحية للمنطقة العربية كانت العطور قد مُنعت بشكل كامل سواء في المناسبات الدينية أو غيرها.. ولكن مع دخول الإسلام عادت العطور إلى التداول بشكل علنى وقد أحب العرب عطور العنبر الذي يستخرج من حوت العنبر البحري وبعض النباتات البرية والمسك الذي يستخرج من غزال المسك. وكان لظهور تقنية التقطير في القرن العاشر الميلادي دوراً مهما في تطوير صناعة العطور.

وفي القرن العاشر الميلادي عادت العطور مرة أخرى إلى أوروبا وأصبحت تجارة رائجة جداً، أبدع الخيميائيون في تحضير الوصفات الجديدة ذات الروائح الجذابة. وقد عرفت مدينة "جراس" (Grasse) الفرنسية بأنها المدينة المتخصصة في صناعة العطور وكان الجميع يسعى لاقتناء قفازات معطرة من صنع المدينة الفرنسية التي مازالت لها شهرة واسعة حتى الآن. كما أطلق على محكمة "لويس الخامس عشر" بفرنسا اسم محكمة العطور معبرة عن كم العطور الفواحة التى كانت تنطلق من كل شيء بها.

لم يكتفِ الأوروبيون بما لديهم من منتجات بل طوروها بشكل كبير فظهر منتج جديد عرف بالفرنسية (eau de Cologne) أو ماء الكولونيا وكان يتميز بعطور منعشة هي مزيج من الروزماي والليمون والبرتقال والبرجموت وكانت تستخدم إما في حمام مائي دافيء أو تخلط مع النبيذ أو كغسول للفم.

وإناء العطر هو جزء من جاذبيته حيث استحدثت خامات لصناعة الأواني التي تحوي العطور بأشكال جذابة وأنيقة. فكانت العطور الحمضية المغمورة في الإسفنج تحفظ في أوانى مصنوعة من الذهب. أما العطور السائلة فكانت تأتي في زجاجات أنيقة تشبه الكمثرى.

وفي أواخر القرن التاسع عشر وظهورعلم الكيمياء تغير مفهوم العطور.. وحل الكيميائيون محل الخيميائيين.. واتخذت الصناعة شكلا متخصصاً وأقرب مما هي عليه الآن. وتألقت "جراس" الفرنسية أكثر وأكثر.. فهي أيضا متميزة في زراعة الياسمين والورد والبرتقال. ولكن بلد الجن والملائكة "باريس" تألقت كندِ قوي حتى صارت أكبر مركزاً لصناعة العطور في العالم. وظهرت أسماء كبيرة في صناعة العطور مثل (Guerlain) و(Lubin) و(Houbigant).

ثم أعقب ذلك ظهور بيوت العطور العالمية في بريطانيا وإيطاليا ولمع نجم أسماء كبيرة استمرت منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى الآن. وتخصصت العطور ليصبح منها ما هو خاص بالرجل وما هو للمرأة.

ومن أشهر الأسماء في صناعة العطور (Paul Poiret) وهو بالأصل مصمم أزياء وأول من ربط بين العطر والموضة كمكمل أساسي للأناقة. وكان أول عطر له باسم (Les parfums de Rosine). كما أطلقت "جبريال شانيل" (Gabrielle Chanel)" الذي أصبح فيما بعد من أشهر بيوت الأزياء العالمية، أول عطر لها في العشرينات من القرن الماضي تحت اسم (Chanel No.5).

الأسماء العملاقة في صناعة العطور كثيرة جداً ... والماركات العالمية لا يمكن حصرها هنا... لكن يبقى الرابط هو امتزاج علم الحاضر بروح الماضي.. فصناعة العطور احساس وتذوق قبل أي شيء.
الفترة الزمنية :
قبل الميلاد حتى الآن
, , , , ,

إرسال تعليق Blogger

 
Top