بعد ان أعلن وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو في تصعيد آخر ضد سوريا ان بلاده لن تتردد في الرد على ما وصفه أي "خرق سوري" لحدودها....وذكر بأن البرلمان التركي منح الجيش التفويض لعمليات حدودية مع سورية. وأوضح "وفقا لهذا فان الجيش التركي يتخذ كافة الاجراءات الامنية الضرورية في المناطق الحدودية.....واعتبر اوغلو ان موقف تركيا معزز بموقف حلف شمال الاطلسي (الناتو) الذي اعلن بعد حادث سقوط القذائف في منطقة اكتشاكالي عن دعمه لتركيا واشار الى ان هذا الهجوم هو هجوم على حلف الناتو الذي تعد انقرة احد اعضائه!!!!!!
وبعد ان اعلن اكثر من مرة المتحدث الاعلامي للجيش السوري الحر حقيقة امدادهم بالاسلحة الحديثة والمعونات العسكرية من تركيا وقطر....تم هذا في اكثر من محطة اخبارية وعلى شاشة النيل الاخبارية كذلك...في خرق فاضح للمواثيق الدولية والتعهدات الملزمة...آن للجميع ان يطلع ويعي الدور الخفي لتركيا والذي تناولناه كثيرا...بصرف النظر عن تأييد او رفض نظام الأسد..فتركيا كمثيلاتها من الدول الغربية لا تنظر الى سوريا او غيرها باعتبارات حقوق الانسان او اسقاط نظام قمعي كما يحلو للبعض ان يتصوره...او البديل والمنقذ من دموية الداخل السوري...تعالوا لنقرأ معا بعض المعلومات الهامة عن تركيا علنا نستوعب الاهداف التي يدفعون الشعوب لتنفيذها....
القواعد الأميركية في تركيا ...الإسلامية...
عقدت الولايات المتحدة الامريكية مع تركيا اتفاقية في عام ,1969 وسمح بموجبها للولايات المتحدة باقامة (26) ست وعشرين قاعدة عسكرية بالاضافة الى مراكز الرصد والانذار المبكر ومراكز الاتصالات اللاسلكية وقوا عد التجسس وجمع المعلومات, وكذلك التسهيلات البحرية في اهم الموانىء التركية. ولقد عززت الولايات المتحدة القوات المسلحة التركية بحيث اصبحت تمتلك اكبر قوة برية تقليدية (غير نووية) بعد المانيا الغربية السابقة في حلف الناتو . كما ان موقع تركيا القريب من منابع النفط يعطيها ميزة كقاعدة جيدة للسيطرة على منابع النفط في الخليج العربي, ويسمح للولايات المتحدة السيطرة على معظم الطرق الجوية والبرية المباشرة بين الاقطار العربية والدول المجاورة, وافريقيا كما يمنحها العديد من القواعد الجوية والبحرية اللازمة لتسهيل مهمات حلف شمال الاطلسي ويجعلها قادرة على تركيز وسائط الرصد والانذار المبكر ومحطات التجسس لمراقبة التحركات العسكرية لدول الجوار... ومن اهم القواعد العسكرية في تركيا هي:
- قاعدة انجرليك: وهي من اضخم القواعد الجوية للحلف الاطلسي المقامة على الاراضي التركية وتقع على ابواب مدينة (ادنة) اذ ان تجهيزاتها من الطائرات والصواريخ واجهزة الاتصال الرادارية المتطورة والبعيدة المدى اضافة الى تواجد الآلاف من الجنود الامريكان والاوروبيين, وتسمح لهذه القاعدة بالسيطرة على اجواء الجزء الشرقي من البحر المتوسط اضافة الى مهماتها المخصصة للهجوم والدفاع فانها تضم عشرات الطائرات من احدث ما توصلت اليه تكنولوجيا الغرب من طراز فانتوم وغيرها. كما تتمركز فيها وحدات من القوة الجوية الامريكية التكتيكية/ ,16 وتتولى هذه القاعدة بدورها مهمة تدريب الطيارين الاتراك ومن دول حلف الاطلسي المتواجدين في المنطقة من جنسيات مختلفة, وهو تدريب شاق وذو مهمات صعبة ومعقدة وذات طبيعة غير اعتيادية اضافة الى ذلك كله فان هذه القاعدة تقوم بواجب (الدفاع) عن الخاصرة الجنوبية لحلف شمال الاطلسي (في حالة نشوب نزاع ما بين الشرق والغرب) وقد استخدمت هذه القاعدة بشكل واسع في ضرب اهداف داخل العراق.
- قاعدة سينوب: وتقع هذه القاعدة على الشاطىء الجنوبي للبحر الاسود وتوجد فيها رادارات بعيدة المدى واجهزة اتصال متطورة, ويديرها موظفون من وكالات الامن القومي, ومهمتها جمع المعلومات عن نشاطات الدول القريبة من منطقة البحر الاسود ورصد تجارب الصواريخ النووية وجمع المعلومات والنشاطات البرية, وهذه القاعدة مزودة بأجهزة الكترونية متطورة حيث تلتقط رسائل الراديو الخاصة باتصالات الطائرات.
- قاعدة بيرنكيك: وهي مخصصة للانذارات المبكرة, في حالة حصول اي هجوم صاروخي معاد. وهذه القاعدة استخدمت اثناء خلع الشاه محمد رضا بلهوي شاه ايران عن العرش, والاحداث الايرانية التي تلت ذلك داخليا وخارجيا بالتنسيق مع الاقمار الصناعية التي تلعب هي الاخرى دورا في مجال الاتصال والمراقبة وتقع على بعد (30) كيلومترا شمال ديار بكر.
قاعدة كارنمابردن: وتقع على الجانب الشمالي من بحر (مرمرة) وهي قاعدة لخفر السواحل وفيها محطة لتوجيه الملاحة البحرية عن بعد, مهمتها مساعدة سفن الاسطول السادس على تحديد مواقعها بدقة.
- قاعدة ازمير الجوية: وتستخدم هذه القاعدة للدعم الجوي وتعتبر مقر القيادة البرية للجزء الجنوبي من حلف شمال الاطلسي وفيها قيادة القوة الجوية التكتيكية للاسطول السادس.
- قاعدة بلياري: وتقع هذه القاعدة جنوب العاصمة انقرة وتعتبر مركزا رئيسيا للتنصت على التجارب النووية التي يجريها الاتحاد السوفييتي السابق سواء في البحر او في باطن الارض.
- قاعدة انقرة الجوية: وهذه القاعدة هدفها تأمين الجسور والاشراف على اجواء البحر الاسود, وفيها مركز عمليات تركي ـ امريكي مشترك...
-قاعدة سيلفلي: وتقع الى الشمال من ازمير وهي قاعدة جوية تكتيكية تستخدم عند الحاجة للقوات الامريكية وحلف الاطلسي.
- قاعدة الاسكندرونة, و(يومورتاليك): وتقعان بالقرب من الحدود السورية وتعتبران من اهم مستودعات التموين والمحروقات وفيها 20% من مخزون الاسطول السادس من الوقود ومركز لتأمين الاتصالات الامريكية ومحطة رادارية ارضية تابعة لنظام الرصد والانذار المبكر لحلف شمال الاطلسي (الناتو).. من ذلك كله يمكن القول ان موقع تركيا الاستراتيجي له اهمية كبيرة لدول حلف شمال الاطلسي (الناتو), وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي تقوم بدور مهم واساسي في دعم القواعد العسكرية للحلف الموجودة في الاراضي التركية من خلال تجهيزها بأحدث الطائرات من طراز (اف/16 واف/18 واف/111) اضافة الى انواع اخرى ما زالت سرية, وتدعم هذه الطائرات مجموعة ضخمة من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى يصل مدى بعضها الى (6000 ـ 8000) كيلومتر, وهي شديدة التدمير, معتبرة انها سوف تلعب دورا رئيسيا (في اية مواجهة محتملة بين الشرق والغرب), اضافة الى معدات حديثة جدا في مجال الانذار المبكر والمراقبة وغيرها. ويبدو ان حلف شمال الاطلسي يتمسك بهذه القواعد ويعتبرها جزءا حيويا منه, ومن المستبعد بل يمكن القول من المستحيل التخلي عنها اذا دخلت في لعبة السياسة الدولية.. وفي مقابل ذلك تحاول تركيا زيادة مخصصاتها الدفاعية عاما بعد اخر حتى لو كان ذلك على حساب التنمية الاقتصادية والتعليم والصحة والصناعة المدنية ولتحسين مستوى الدخل القومي ودخل الفرد....
تركيا والدور الاقليمي
استكمالا لما طرحناه نجد ان تركيا كانت ولا تزال تمارس دورا تؤذي فيه الدول العربية بشكل عام... ودول الجوار العراق وسوريا بشكل خاص... انطلاقا من كونها دولة حليفة من حلف شمال الاطلسي (الناتو)... فتحت اراضيها على مصراعيها لخدمة اغراض الحلف العدوانية المعلنة وقت تشكيله, وهي درء اي تهديد لحلف وارسو, كتلة الدول الاشتراكية انذاك, فان تمسك الولايات المتحدة بقيادة الحلف وتوجيه خدمته لاغراضها الاستراتيجية وفي مقدمتها حماية امن الكيان الصهيوني وتفوقه عسكريا وتكنولوجيا على الدول العربية وابقاء كفة الموازنة بالقوة لصالح هذا الكيان... والمحافظة على مصالحها في منطقة الشرق الاوسط وبالذات منطقة الخليج العربي بالسيطرة على منابع النفط, واستمرار تدفقه وبأسعار رخيصة لخدمة ماكنتها الحربية والعلمية.. كل ذلك جعل من تركيا الدولة الحليفة تابعا ومنفذا لخطط واستراتيجية الولايات المتحدة.
لقد سعت الدول العربية والعراق بشكل خاص كونه دولة جوار وتربطه مع تركيا حدود طويلة مشتركة اضافة الى المصالح المتبادلة لخدمة وتقدم شعوبهما الى فتح صفحات جديدة, والحرص وبشدة على ازالة العقبات للحد من كل ما يعيق التقارب مع تركيا, لكن هذه المواقف لم تقابل بالمثل, فكانت تركيا ولا تزال معبرا يتسلل من خلاله الاخرون لالحاق الاذى بالعراق والامة العربية, وبمجرد اطلالة بسيطة على التاريخ القريب تبرز امامنا مواقف تركية لا مبالية ما دام هناك من يأمرها فتطيع ويطلب منها فتنفذ, ومن هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر:
اعتراف تركيا بالكيان الصهيوني في السنوات الاولى لنشوء هذا الكيان المسخ, وانضمامها الى حلف بغداد عام 1955 وتأييدها العدوان الثلاثي على مصر عام ,1956 والتدخل الامريكي في لبنان ونشر قوتها على الحدود العراقية للتدخل في اسقاط ثورة 14 يوليو 1958 اضافة الى تلويحها المستمر بقطع المياه عنه او تخفيض حصة سوريا والعراق من المياه وانشاء السدود والخزانات لالحاق الضرر بالزراعة في العراق وسوريا. وانتهاكها المستمر لحرمة الاراضي العراقية منذ عام 1991 ولحد الآن بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي (P.K.K) مستغلة الاوضاع الشاذة في شمالي العراق, واخيرا تعاونها المشترك وبدفع من امريكا والكيان الصهيوني في مجال التصنيع العسكري للصواريخ وشبكات الليزر التكتيكية المضادة للصواريخ والتي تحمل اسم (نويتلوس) وهي شبكة تم نشرها في اواخر عام ,1997 واتفاق الكيان الصهيوني مع تركيا على انتاج صاروخ (بوياي) (جو ارض) تنتجه تركيا لصالح الكيان الصهيوني. من واجبات الاقطار العربية والبلدان الاسلامية ذات التأثير على تركيا ان تعمل كل ما بوسعها لتبصير تركيا بمصالحها الطبيعية والاقتصادية, المرتبطة معها دون قلق او خوف على المستقبل, ونصح تركيا بأن تكف عن مسلكها الخاطىء وعدوانيتها المتنامية, فلم تكن امريكا تحتاج الى تفكير طويل لاقناع تركيا بالمشاركة في الحرب ضد العراق, لان تركيا كانت منذ عقود امتدادا لنفوذ الغرب, وتعبيرا عن مصالحه كما انها بعد انتهاء الحرب الباردة كانت تبحث عن دور و (فرصة ذهبية) لاعادة ترتيب اوضاع المنطقة على نحو تظهر معه (تركيا الجديدة) على المسرح بكامل بزتها العسكرية وتردي واقعها الاجتماعي, خصوصا انها على الصعيد الداخلي وطبقا لقانون (الانقلابات) كانت تحتاج عام 1990 الى انقلاب جديد.
فعلى الصعيد الايديولوجي كان هناك استقطاب بين اطروحة (العثمانية الجديدة) التي طرحها (اوزال) ومستشاروه والتي استهدفت مد الوجود التركي من بحر الادرياتيك الى الصين, وبين اطروحة (الجمهورية الثانية) التي ركزت على منح الحريات الديمقراطية وخفض تأثير النزعة العسكرية. اما على الصعيدين العرفي والحضاري فقد تفاقمت الاتجاهات القومية والتيارات الاسلامية, بينما كانت الازمة التركية ـ اليونانية تزداد تعقيدا, وتتعاظم المخاطر حول (تراقيا) وهي الجزء الاوروبي من تركيا, ولم يكن حزب الوطن الام بقيادة (اوزال) قويا على نحو كاف للتعامل مع تلك المتغيرات والمشاكل, ولذلك لم يتردد ذلك الحزب في نقل تعقيدات الداخل الى الخارج من خلال تأييد سياسة امريكا منذ لحظة فرض الحصار الاقتصادي على العراق لكي يضمن لتركيا (حصتها). كانت علاقات العراق مع تركيا متميزة, وبذل العراق جهده لتطويرها. اذ بالاضافة الى المزايا النفطية, و(الامنية) استوردت تركيا من العراق ما قيمته (7.93) بلايين دولار, وصدرت اليه بضائع بقيمة (4.88) بلايين دولار خلال الحرب مع ايران. غير ان تركيا, كما يقول (ديليوماردس) كانت تشعر بالقلق بشأن التحسن النوعي لاسلحة العراق والدول الاخرى في المنطقة في ظل تخفيض القوى التقليدية في اوروبا ويذكر الخبير في الشئون التركية (محمد نور الدين) ان مشروع (غاب) كان تعبيرا عن رغبة تركيا في امتلاك زمام الدور الاقليمي, وفي كل ذلك لم تكسب تركيا من كل علاقاتها (الاطلسية) غير الخسائر الاقتصادية, فقد بلغت خسائرها الاقتصادية جراء الحصار على العراق اكثر من 60 مليار دولار, وكذلك لا تزال مشكلاتها مع اليونان بشأن قبرص متفاقمة, كما ان الباب الاوروبي (الاتحاد الاوروبي) مازال مغلقا امامها, اما في الداخل فهي مقبلة على المزيد من الازمات السياسية والامنية, مما تقدم يمكن القول ان مضي مدة تقارب ثلاثة ارباع القرن على اقامة تركيا العلمانية, وانتمائها إلى حلف شمال الاطلسي (الناتو) في وقت تدعي الانتماء إلى العالم الاسلامي, ومنظمة المؤتمر الاسلامي و99% من سكانها يعتنقون الاسلام دينا, فمن المفترض ان تكون تركيا اكثر قربا وتلاقيا مع العرب والعالم الاسلامي من اية دولة اخرى, ولكن وبكل اسف تجدها تقيم اوثق الروابط والتعاون, والعلاقات مع (الكيان الصهيوني) وبدفع وتوجيه من امريكا لتطويق الامة العربية, واضعاف قوتها...
وكلمة لكل من يهلل للدور التركي والتدخل الغربي في سوريا...هل تعتقدون ان اي منا قد يقبل ما يتم في الداخل السوري من مجازر لاخواننا؟؟؟؟ لكن الامر يتعدى تأييد او معارضة النظام السوري...فالاهداف الرئيسية للمخطط للمنطقة اخطر بكثير من الاسد ونظامه..ويجب ان نفيق جميعا لما يتم وعواقبه حتى لا نندم حيث لن يجدي الندم مع مؤيد او معارض...
إرسال تعليق Blogger Facebook