فقد أطلق اسم حرب الجيل الرابع 4GWعلى الحرب التي يكون الطرفين بها أجهزة جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة (لا دولة بمفهوم دولة تم افشالها وتفتيت مؤسساتها الأساسية وايقاعها أمنيا واقتصاديا وتفكيك وحدة شعبها...الخ) أو عدو وخلايا خفية منتشرة في أنحاء العالم ...ولكن ما هي مسميات أجيال الحروب التي قبلها والتي بعدها؟
فحرب الجيل الأول: هي الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين ..وغالبا تتبع الحقبة من عام ١٦٤٨ ولغاية ١٨٦٠ حيث عرفت بالحروب التقليدية (conventional war) بين جيوش نظامية وأرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دول في حرب ومواجهة عسكرية مباشرة...
حرب الجيل الثاني : يعرفها البعض بحرب العصابات (Guerrilla) والتي تمول من قبل دول كالتي دارت في دول امريكا اللاتينية وآخرين وهي شبيهه بالجيل الأول من الحروب التقليدية ولكن تم استخدام النيران والدبابات والطائرات كالذي تم في الحرب العالمية الأولى ...
حرب الجيل الثالث: يعرفها البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية (Preventive war ) كالحرب على العراق وأفغانستان مثلاً.. وقد تطورت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وسميت حرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضاً الحرب وراء خطوط العدو والتجهيز للاختراق قبل الدخول في حرب معلنة...
حرب الجيل الرابع: اتفق الخبراء العسكريون بإن حرب الجيل الرابع هي حرب أمريكية صرفة طورت من قبل الجيش الأمريكي حيث احدثت امريكا بدايةً حرب تم تصنيعها مع "لا دولة" بعد أحداث ١١ سبتمبر.. بمعنى أخر محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم.. وهذه التنظيمات تمت صناعتها وتمويلها لتكون محترفة وتملك إمكانيات ممتازة ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية... كالمرافق الاقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها امام الرأي العام الداخلي بحجة إرغامها على الانسحاب من التدخل في مناطق نفوذها ومثال على هذه التنظيمات: القاعدة ، حزب الله.. الخ...
ثم تم تطوير تلك التكتيكات لاختراق وتجنيد تلك التنظيمات والعمل باسمها وبغيرها من التنظيمات التي تأخذ الطابع المتطرف واستخدام مرتزقة مدربون لتحقيق مخططات في الدول المستهدفة في نوع من الحرب الخطيرة والخبيثة والرخيصة في آن واحد!!!.. حتى اصبح هناك مفهوم حرب الجيل الرابع المتقدمة (A 4GW) ...حيث تستخدم فيها وسائل الاعلام الجديد والتقليدي (ومعني بالجديد مواقع التواصل الاجتماعي المستخدمة في سيل الاخبار التي يزيف غالبيتها بهدف تشتيت الرأي العام او توجيهه او السيطرة عليه..كما تستخدم كبيئة خصبة للتجسس ولتجنيد العملاء.. اما التقليدي فمن خلال القنوات التي تم انشائها و استخدامها او تجنيد كم كبير من الاعلاميين لقيادة الرأي العام) ..ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة والعمليات الاستخبارية والنفوذ الامريكي في اي بلد لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات البنتاغون..وهي تلك الآليات الساعية للجيل الخامس من الحروب.. أو دعونا نعرف الحرب الجديدة حسب تعريف اول من أطلقها في محاضرة علنية وهو البروفسور الامريكي “ماكس مايوراينج” في معهد الأمن القومي الإسرائيلي حيث عرفها بنقاط مختصرة كالأتي :
” الحرب بالإكراه ،إفشال الدولة ،زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية“!!!!
وكما اشرت في السابق..طبق هذا النوع من الحروب في البلدان العربية في كل من تونس واليمن وليبيا ومصر والتي أطلق عليها مهندسها الأصلي الامريكي ” الربيع العربي” تخيلوا حتى هذا المسمى مصدره الولايات المتحدة الأمريكية بناء على الاستراتيجية الأمريكية القديمة الجديدة:
- فالولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على وسائل الإعلام الجديد من الإنترنت ، وشبكات التواصل الاجتماعي ، وجميع وسائل التكنولوجيا الحديثة حيث أن غالبية واهم محركات البحث الإلكتروني أمريكية وجميع شبكات التواصل الاجتماعي أمريكية وجميع البرامج والتطبيقات الإلكترونية أمريكية وجميع مشغلات الهواتف الذكية مثل ابل ، اندرويد وويندوز وغيرها أمريكية ولا منافس له ولا يوجد منافس لها في المدى القريب أو البعيد!!!
- الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم وتسيطر على أكبر المؤسسات الاعلامية التقليدية ووكالات الأنباء العالمية الرئيسية حول العالم حيث تتحكم في صناعة الخبر وتوجيهه ايضاً...
– الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت النموذج العالمي للشباب بواسطة صناعة السينما والبرامج الفنية المختلفة وأصبحت النمط للحياه العصرية أو ما يسمى (Life Style)...
- الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال السيطرة العالمية حسب معاييرها ومقاييسها وقوانينها أصبحت السلطة التشريعية للعالم أو بما يسمى ”ادارة المنظومة الأممية” وبالتالي أخضعت المنظمات الدولية بما فيها منظمات الامم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وحتى منظمة الصحة العالمية …الخ حسب اتجاهها وقوانينها ومصالحها.
- كل منظمات المجتمع المدني العالمية انبثقت من الولايات المتحدة الأمريكية وتخضع للقانون الامريكي وتتصرف حول العالم حسب المعايير الأمريكية وقوانينها...
- الولايات المتحدة الأمريكية تمول قوى المعارضة المختلفة حول العالم في امريكا وخارج امريكا وتستخدمها بمزاجها وحسب مصالحها وفي الوقت المناسب الذي تختاره...
- الولايات المتحدة الأمريكية تمول العديد من منظمات المجتمع المدني المحلية حول العالم لأهدافها ومصالحها وبما يخدم الأجندة الأمريكية وتستخدمها في الوقت المناسب الذي يوافق مصالحها...
-تستخدم الولايات المتحدة عملائها في الدول المخترقة وتسلط عليهم الأضواء وتهبهم الجوائز العالمية بما يخدم مصالحها ايضا ..وتعمل على تشكيل أكثر من "طابور خامس" تحركه بحسب معطيات الواقع..كما تحرق بعض كروتها أحيانا لإظهار كروت أخرى أكثر فائدة!!!
مما تقدم ودون وجود ادارات لديها الوعي الكافي لتدارك هذا النوع من الحروب.. فان الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت من خلال تلك الوسائل قادرة على إسقاط اي دولة تمنع أخطبوط المصالح الأمريكية من التمدد من خلال التكتيكات التالية :
-تحريك منظمات المجتمع المدني الممولة مسبقاً ضد تلك الدولة التي تعارض مصالحها.
-تحريض وسائل الإعلام التقليدية ضد تلك الدولة التي تعارض مصالحها.
-تحريك قوى المعارضة في شبكات التواصل الاجتماعي ضد تلك الدولة التي تعارض مصالحها.
-تحريك قوى المعارضة الممولة مسبقاً داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية ضد تلك الدولة التي تعارض مصالحها.
- استخدام النفوذ الامريكي العالمي في المنظمات الدولية لإضعاف تلك الدولة التي تعارض المصالح الأمريكية ومحاصرتها.
- استخدام العلاقات الدولية والأحلاف والنفوذ السياسي الامريكي في معادة اي دولة في العالم ومحاصرتها مالياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً.. الخ
- استخدام العمليات الاستخباراتية النوعية أو ضرب أهداف محددة بوسائل آمنة كالطائرة بلا طيار والاسلحة المسيطر بها عن بعد للتخلص من التهديدات المحتملة...
في ما تقدم من وسائل لأمريكا والدول الحليفة لها تصبح هذة الوسائل بمثابة حرب خطيرة وخبيثة ورخيصة لإخضاع اي دولة في العالم لكي تدور في فلك المخططات والمصالح الأمريكية أو ان تتوقع هذه الحرب من الجيل الرابع المتقدمة.. ولذا بات من الطبيعي ان يقوم الرئيس الامريكي بتخفيض نفقات وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون مع تمويل مشاريعها السرية ..حيث لا عمل له في ظل الوسائل الخبيثة المتاحة التي ذكرناها والتي تحقق النتائج المطلوبة والأهداف المرسومة بأقل ثمن مادي وبشري لا يحتاج للآلة العسكرية التقليدية المكلفة....
إرسال تعليق Blogger Facebook