2/20/2014 -
 ما الذي يتغيّر في سن الـ 40 ؟
والآن أنت في الأربعين، إنه العمر الذي يبدأ فيه التراجع الجسدي يظهر واضحاً للعيان. ومن المؤكد أن لسن الأربعين ميزة خاصة، فهي سن النضج واكتمال الحكمة والعقل. ومن التغيّرات البيولوجية تراجع في البنية الجسدية وفي الخلايا والأعضاء، وتغير الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم المختلفة كالجهاز العصبي والتنفسي والهضمي والعضلي والتناسلي. فيضعف النظر والسمع، وتتغيّر مرونة الجلد وتظهر التجاعيد، ويتساقط الشعر ويظهر الصلع عند الرجال، ويطل الشيب، وتتقلص الرغبة الجنسية، وتنقطع الدورة الشهرية عند النساء، ويكون الإنسان أكثر عرضة بعد الأربعين للإصابة بأمراض القلب وضغط الدم، وتضعف الذاكرة وقدراتها، ويزيد الوزن، ويترهل الجلد، وغير ذلك من التغيرات.
بعض هذه التغيرات يكون ملحوظاً وظاهراً والبعض الآخر غير ملحوظ، لكنها كلها تصيب الإنسان بالضعف والإرهاق والتعب.
أما التغيرات الاجتماعية، فمنها الإيجابي ومنها السلبي، وهي تتمثل برحيل الأبناء وهو ما يسمى متلازمة العش الخالي. فبعدما كان البيت يعُجّ بالأطفال ومليئاً بالأبناء، يصبح خالياً بعدما كبر الأبناء وتزوجوا واستقلوا، ويصبح الزوجان وحيدين كما كانا في بداية حياتهما معاً، الى جانب التغيرات النفسية والبيولوجية. وكل ذلك يصيب الإنسان في هذه المرحلة العمرية بالإرهاق والتعب والمرض، وبالتالي كنتيجة محتملة فإن نفسيته سوف تتأثر، فقد يصبح أكثر حساسية وتأثراً وقلقاً وخوفاً من الإصابة بالتقدم بالعمر، لا سيما إذا صاحب التغيير فقدان الدعم الاجتماعي والنفسي. وقد يمر الرجال بعد هذه السن بفترة غير متوازنة، يحاولون فيها إعادة عقارب الزمن إلى الوراء ويغرقون في تصرفات المراهقة لكي ينفوا تهمة الكبر ويثبتوا لمن حولهم، أن عروق الشباب ما زالت تنبض فيهم وأنهم أقوى من الشباب أنفسهم!
لكن البعض يبدأ تقويم حياته على مر العقود السابقة، فعلاء مثلاً ركّز بعد الأربعين على إيمانه بأهمية الثقة بالنفس وعدم السعي وراء الألقاب والمظاهر والقشور الزائفة وعدم ادّعاء المثالية والكمال، "تعلمت أن الحسد والغيرة مشاعر سلبية تنهك صاحبها وتعوّقه عن التقدم وتؤذي علاقاته مع الغير. كما أن الوعي هو الأكثر أهمية في الحياة، لذا على الإنسان الواعي أن ينسحب قدر الإمكان من كل ما يشوّش تفكيره ويزيل العقبات والمعوّقات بما يقوي التركيز على الأمور الخاصة. وتعلمت أيضاً أن أعيش اللحظة ولا أقلق كثيراً بشأن المستقبل". ويرى سلام أن الأعوام الماضية علمته أن "السعادة ليست شيئاً يمكن شراؤه أو نستطيع أن نجده عند شخص ما أو أن يهبنا إياه أحدهم، والعمل او الانخراط في الجماعات والاجتماعات والبقاء بين الناس لا يعني غياب مشاعر الوحدة، وأن يعيش المرء بمفرده لا يعني أنه وحيد. لذا، بدأت أتلمس السعادة في داخلي وفي ما يمكن أن أفعله لأرضي نفسي". أما سعيد فقد اكتشف بعد بلوغه الخامسة والأربعين، أن النجاح نظري ونسبي وظاهري سرعان ما يزول إذا لم يكن ثمة أساس صلب وواقعي، "اعتدت على التفكير أنني ناجح لأني أمتلك وظيفة رائعة تجعل أهلي وزوجتي وأصدقائي يفخرون بي. وكنت أعتقد أن منزلي الذي يضم غرف النوم المتعددة، والسيارة الحديثة، والساعة الفاخرة، والتلفزيون المتطوّر، كلها تعني النجاح. لكن، عوض الشعور بالاكتفاء الذاتي والنجاح أشعر بالإحباط وأحس أنه ينبغي علي القيام بشيء مختلف كي أشعر بالاكتفاء والرضى، كأن أعيش أحلامي ورغباتي وطموحاتي بعيداً عن المظاهر والقشور".

إرسال تعليق Blogger

 
Top