2/20/2014 -
 في سن الـ 50 ... "هواجسٌ وبدايات" !
"خمسيني"، "خمسينية"... لطالما اعتُبرت هذه الكلمات إهانة للمرأة والرجل معاً، ومرادفاً لتعبير "متقدّم في السنّ". الرجل الخمسيني أو المرأة الخمسينية في مجتمعنا، شخصٌ قد يعتبر أن مرحلة التقاعد اقتربت. فهي تزوجت، أنجبت، ربّت أولادها وزوّجتهم، وقضت واجباتها في هذه الحياة. الأمر نفسه ينطبق على الرجل. ونتيجة هذه النظرة الإجتماعيّة، يَمتنع الرجل الخمسيني – وقبله المرأة الخمسينية في مجتمعنا الذكوري - عن الإستمتاع بالحياة!
جان البالغ من العمر 57 عاماً، نسي المرّة الأخيرة التي خرج فيها مع زوجته بعد زواج أولادهما. "كنا نُخرج الأولاد في نزهة يوم الأحد. بعدما كبروا وانشغل كلّ منهم في حياته، ندرت اللقاءات العائلية وتوقفت النزهات كلياً". ويضيف: "كنا نخرج من أجل الأولاد، أما اليوم فلماذا نخرج أنا وزوجتي وحدنا؟ خلص كبرنا".
تقاعد جان الباكر من الحياة قابله إستسلام مطلق وإستقالة لا رجوع عنها من زوجته ماري، البالغة من العمر 53 عاماً، والتي تختصر نفسها في دور الزوجة والأم، متناسية كونها إمرأة في الدرجة الأولى (وخصوصاً انها في تلك الفترة كانت قد وصلتْ إلى مرحلة إنقطاع الطمث). "أنا مكتفية بما عشته في الاعوام الخمسين الماضية. أنجزتُ معظم المهمات المطلوبة مني كإمرأة في هذا المجتمع. أما اليوم، فدوري الوحيد فهو مساعدة أولادي وعائلاتهم حين يحتاجون إليّ".
تفكير جان وماري هذا، شبيه بتفكير الكثير من الأزواج في لبنان، وهو نتيجة الثقافة السائدة في المجتمع. غير أن هذا التفكير ليس تفكيراً صحيّاً وسليماً، وقد يصل بهم إلى حالة إكتئاب وإحباط وهو ما يسمى بأزمة "منتصف العمر"، أي فترة الخمسينيات. هذا ما أكدته دراسة أميركية - بريطانية مشتركة أجريت على 80 أمّاً، وامتدّت على فترة 35 عاماً. وأكدت أن إكتئاب منتصف العمر حالة يمرّ بها أي شخص (رجل كان أو إمرأة) في أي مجتمع وثقافة ترعرع فيها.
غير أن الدراسة التي نُشرت في مجلة "العلوم الإجتماعية والطبيّة"، تُطمئن إلى أن هذه المرحلة تمرّ سريعاً لتعود السعادة إلى حياة الشخص. وفي محاولة لتوضيح النتيحة التي توصلت إليها الدراسة، اعتبرت هذه الأخيرة أن سعادة الإنسان على شكل U فتكون في أوجها في أعمار صغيرة، لتنحدر تدريجاً إلى أدنى متسوياتها في مرحلة منتصف العمر (50 سنة) لتعود إلى الإرتفاع بعد مرور تلك الفترة.
وإذا كانت الدراسة تعطي نتائج عامة، غير أنها توضح أن ردّة فعل الشخص ومعايشته لتلك الفترة من حياته، تختلف من فرد إلى آخر نتيجة عوامل متعدّدة. وبعد مرور تلك المرحلة، يتكيّف الشخص مع التبدلات الجديدة في حياته، ومع التغيرات النفسيّة والصحيّة والشكليّة التي حصلت معه، فيعود إلى الإستمتاع بالحياة من وجهة نظر مختلفة.
ولتأكيد نتائج هذه الدراسة، أجرت الشركة البريطانية العالمية للبحوث والإحصاءات Harris Interactive، إستطلاعاً على 2242 شخصاً، سألتهم فيه ما يلي: "إذا إستطعت البقاء في فترة عمريّة محددة والعيش فيها كلّ حياتك، أي عمر تختار". فجاءت أجوبة معظمهم: "العمر المثالي هو الـ50".
سيدي وسيدتي، إذا كنتما في مطلع الخمسينات أو في آخرها، إليك بعض النصائح التي عليك التمعّن فيها للإستمتاع أكثر بالحياة:

- الحياة قصيرة وقد مرّ نصفها، لماذا هدر النصف الثاني بعد انتهاء فترة التعب في الدرس أولاً ومن ثمّ مع الأولاد. والآن حان الوقت للتركيز على نفسك دون الوقوع في فخّ الأنانية.

- في هذا العمر، لديك خبرك أكثر في الحياة، ونظرة مختلفة أكثر واقعية ونضج.

- إستقلاليةّ الشخص في هذا العمر تصبح أكبر. وهو لم يعد بحاجة إلى موافقة والديه للخروج كما كان يفعل سابقاً، ولم يعد مرتبطاً بالاولاد، ولا يتخطىبالتأكيد أعرافاً ومبادىء يحدّدها المجتمع ويحاكم عليها.

- في الخمسين، خفّف التركيز على التفاصيل، وركزّ إهتمامك على الأحاديث البارزة التي عليك ألا تفوت فرصة للإفادة منها وعيشها. وهي قد تأتي مرّة واحدة.

- حان الوقت لتخطي الاعراف الإجتماعية والحواجز التي وضعت أمامك في الاعوام الماضية. وتأكدّ أن لحظات السعادة التي حَرمت نفسك منها بهدف إرضاء المجتمع، لن يعوّضها احد عليك. لذا، عوّضها لنفسك بنفسك قبل فوات الاوان!

- ما زال قلبك ينبض ودماغك يعمل بشكل جيد، فلماذا تستسلم فيما الوقت مناسب لصرف ما كسبته وادخرته خلال الاعوام الخمسين الماضية. الآن، الوقت بات مناسباً للسفر وإكتشاف أماكن جديدة. فكّ الرابط بينك وبين أولادك... وإستعد إستقلاليتك!

- إياك إتخاذ قرار "إعتزال الحياة"! واجعل من النصف الثاني نصفاً أنضج، أكثر متعة، أكثر فرحاً، وأقلّ تعقيداً وهموماً!

إرسال تعليق Blogger

 
Top