كثيرة هى التحذيرات اليوم التى تؤكد خطر استهلاك المضادات الحيوية من قبل الناس من دون توصيات طبية مختصة، فبحسب تقارير علمية فإن مضادات الجراثيم هى المسؤول الأول عن حالة مقاومة البكتيريا والفيروسات التى تصيب الإنسان والتى قد تتسبب فى مقتله، خصوصاً فى الدول الفقيرة التى تأخذ المضادات الحيوية بجرعات ضعيفة، دون أن تستثنى الدول الغنية التى تستهلك هذه المضادات بكثرة.
فهذه الأنماط الاستهلاكية تجعل هذه الأدوية تفقد فعاليتها وتعزز قدرات الأمراض والالتهابات الناتجة عن هذه البكتيريا والفيروسات، والتى ستكون قاتلة خلال الأعوام الـ10 المقبلة.
- تزايد الوفيات
تكمن خطورة هذه المعلومات أن هذه الآفة، تحولت لظاهرة انتشرت فى كل مناطق العالم تقريباً، فهى متواجدة فى كل من: أفريقيا، أستراليا، النمسا، اليابان، النرويج، فرنسا، بريطانيا، السويد، وسلوفانيا.
فمقدرة الأمراض على مقاومة هذه المضادات تتسبب فى وفاة أعداد كبيرة من المرضى، خصوصاً بالنسبة إلى مرضى نقص المناعة الإيدز والملاريا.
ومن هذا المنطلق حذرت منظمة الصحة العالمية أطباء وفنييى الصيدلة فى أنحاء العالم من كثرة صرف المضادات الحيوية ارتجالياً من دون وجود وصفات طبية موقعة ومختومة من منشآت صحية معتمدة، ولكن لا تزال ظاهرة صرف تلك المضادات الحيوية مستمرة دون وجود وصفات، وكل ذلك من دون استشعار للخطر الذى قد يسببه صرف ذلك العلاج.
حول هذا الموضوع يقول الدكتور إياد المدهون: هناك دول عربية فرضت قوانين تمنع صرف أى مضاد حيوى دون وجود وصفة طبية وفى مقدمتها قطر، ونحمد الله أننا نعد فى وضع جيد فيما يتعلق بمقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
- استشارة الصيادلة
وكشفت أخيراً دراسة علمية ميدانية شملت عدداً من الصيدليات الأهلية فى مدينة الرياض لمعرفة توجهات مرتادى تلك الصيدليات تجاه التداوى بالمضادات الحيوية أن نحو 47% من رواد تلك الصيدليات يقومون بشراء مضادات حيوية من تلقاء أنفسهم بناء على معرفة أو استخدام سابق أو عن طريق استشارة الصيادلة العاملين فى تلك الصيدليات، بينما أكدت منظمة الصحة العالمية أنه يجب استخدام المضاد الحيوى فى حالة الضرورة فقط حتى الشفاء كاملاً، وغالباً ما تكون فى الإصابات البسيطة من 5 أيام إلى 7 أيام، حتى لا يحدث عند الميكروب مناعة من الدواء المستخدم، مع مراعاة مدة تأثير الجرعة فالبعض يكون كل 6 ساعات والبعض كل 8 ساعات.
ومن نتائج دراسة حديثة أطلقها الدكتور توفيق النجار، رئيس قسم الصيدلة الإكلينيكية، والدكتور يوسف عبده، وكيل كلية الصيدلة لشؤون الأكاديمية بجامعة الملك سعود، بالتعاون مع الباحث الصيدلى ماجد محمد الجار الله، اتضح أن التهابات الجهاز التنفسى العلوى هى السبب الأول لشراء المضادات الحيوية بأكثر من 75%، وأن ما يقارب 61% من المضادات المصروفة كانت من طائفة البنسلينيات ومشتقاتها، وبعضها قد لا تصرف إلا فى الحالات المرضية المتقدمة.
- اختلال نظام للجسم
وتؤكد الصيدلانية الدكتورة إيناس القدومى أن هناك توازناً دقيقاً بين عدد كبير من البكتيريا الموجودة داخل الجهاز الهضمى التى تحمى من العدوى، كما يوجد عدد من البكتيريا الجيدة فى المهبل والجلد التى تلعب دوراً فى توفر الحماية ضد البكتيريا السيئة (التى تسبب العدوى) وضد الالتهابات الفطرية، لذلك فالإفراط فى استخدام المضادات الحيوية، خاصة واسعة الطيف، يتسبب فى اختلال النظام الطبيعى للجسم ويزيد من خطر الإصابة الممرضة (المسببة للأمراض) من البكتيريا، الفطريات، الفيروسات أو الطفيليات، لافتة إلى أن الإكثار من المضادات الحيوية ليس وحده المضر بل أيضاً عدم إكمال الجرعة المنصوص عليها عند البدء فيه، مؤكدة أن معظم الناس يتوقفون عن استخدام المضادات الحيوية أو لا ينتظمون بتناول الدواء عند الشعور بالتحسن، ما ينتج عنه موت بعض البكتيريا المسببة للعدوى بينما البكتيريا التى قد تكون مقاومة للمضاد الحيوى بشكل بسيط تزداد فرصتها بالبقاء، ليس هذا فقط بل تقوم البكتيريا بتغيرات في بنيتها لتقاوم هذا المضاد في المستقبل.
جاء فى تقرير منظمة الصحة العالمية أنه بالنظر إلى المقاومة التى تظهرها الجراثيم للأدوية المستخدمة فى محاربتها، بما فيها المضادات الحيوية، فقد تبين أن خطر تولد جيل من الميكروبات مقاوم للأدوية لم يعد مجرد تنبؤ بما سيحدث في المستقبل، ولكنه يحدث الآن فى أى إقليم من أقاليم العالم، وبإمكانه أن يمس أى فرد، فى أى سن، وفى أى بلد. وتحدث مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية حين تطرأ تغيرات على هذه البكتيريا، فتصبح المضادات الحيوية عديمة المفعول لدى من يحتاجونها لعلاج العدوى والالتهابات، حيث أشار التقرير إلى وجود كثيف للجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية على نطاق إقليم شرق المتوسط.
إرسال تعليق Blogger Facebook