1/11/2015 -

مخطط قائم من زمان
القاهرة: إميل أمين –
هل الماسونية وراء ما جرى ويجري في العالم العربي في السنوات الأربعة الماضية؟.
عن دار كنوز للنشر والتوزيع في القاهرة صدر هذا الكتاب لمؤلفه الدكتور يوسف حسن يوسف الكاتب والباحث السياسي المعروف، والذي يتناول فيه ايديولوجيات المنظمات السرية للسيطرة على العالم، من خلال حروب الماسونية التي تستخدم الاديان والثورات والصراعات القومية لاشعال العالم.يدعونا مؤلف الكتاب في أول الأمر إلى مراجعة بضعة سطور كتبها البريطاني الاشهر في فضح مؤامرات الماسونية والغرب «وليم غاي كار»، مؤلف الكتاب الشهير «احجار على رقعة الشطرمج عام 1958» .. ما الذي يقوله «كار» ويتسق مع احداث العالم العربي على نحو خاص في الاعوام الاخيرة؟.
قال «كار»: «اما الحرب العالمية الثالثة فقد قضى مخططها ان تنشب نتيجة للنزاع الذي يصيره النورانيون بين الصهيونية السياسية وبين قادة العالم الاسلامي، وبأن توجه هذه الحرب وتدار بحيث يقوم الاسلام والصهيونية (اسرائيل) بتدمير بعضهم البعض، وفي الوقت ذاته تقوم الشعوب الاخرى التي تجد نفسها منقسمة ايضا حول الصراع بقتال بعضها بعضا حتى تصل الى حالة من الاعياء المطلق الجسماني والروحي والاقتصادي..
ويضيف «كار» انني اتساءل مرة اخرى: هل يستطيع اي شخص حيادي سليم المنطق ان ينكر ان المؤامرات الخفية التي تجرى الان في الشرق الادنى والشرق الاوسط تلتقي جميعا في مخطط واحد منسق هدفه الوصول الى هذا الهدف الشيطاني؟
يؤكد مؤلف هذا الكتاب على ان المنظمات العالمية السرية التي تؤثر على مجريات الامور في العالم والتي تهيمن على الاقتصاد الكوني وتمتلكه هي التي تحكم العالم وليست الانظمة السياسية او العسكرية.
والماسونية من اقدم الجمعيات السرية التي عرفتها البشرية على الاطلاق.. الا ان منشأها مازال غامضا ومجهولا، وغايتها الحقيقية ما زالت سرا حتى على معظم اعضائها انفسهم.
ما الذي تهدف اليه الماسونية بحسب رؤية المؤلف؟
تهدف الماسونية الى القضاء على الاديان، والاخلاق الفاضلة، واحلال القوانين الوضعية، والنظم غير الدنيوية محلها.. حيث جاء في المحفل الماسوني الاكبر سنة 1922 ما نصه:»سوف نقوي حرية الضمير في الافراد بكل ما اوتينا من طاقة وسوف نعلنها حربا شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين».
والماسونية على هذا النحو في ظاهرها دعوة الى الحرية في العقيدة والتسامح في الرأي والاصلاح العام للمجتمعات، ولكنها في حقيقتها ودخيلة امرها دعوة الى الاباحية والانحلال وعوامل هرج ومرج وتفكك في المجتمعات، وانفصام لعرى الامم ومعاول هدم وتقويض لصرح الشرائع ومكارم الاخلاق وافساد وتخريب العمران.
ما الذي جعل الحديث عن الماسونية يعود بقوة الى الواجهة من جديد؟
بحسب صاحب الكتاب ان مستجدات سياسية عالمية واقليمية دفعت بموضوع الماسونية الى الواجهة، من ذلك سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، والسعي الامريكي للامساك بقرارات الشعوب ومصائرها تحت غطاء النظام العالمي الجديد او العولمة، وفي المنطقة العربية كان المستجد الابرز اتفاقات السلام مع اسرائيل.
هذه المعطيات ابرزت الى العلن ولاول مرة في الامة العربية بعض الماسون في محاولة لاظهار الماسونية بثوب الحملان بعد ان كان المنتمون اليها يتخفون ولا يجاهرون بعضويتهم، وذلك بسبب الموقف العالم الاسلامي والمسيحي العربي الذي يدين الماسونية ويحظرها، ويبين كيف انها موظفة في خدمة الاطماع الاسرائيلية.
يؤكد المؤلف ان جذور الماسونية يهودية صرفة من الناحية الفكرية ومن حيث اتضح انهم وراء الحركات الهدامة للاديان والاخلاق، وقد نجحت الماسونية بواسطة جمعية الاتحاد والترقي في تركيا في القضاء على الخلافة الاسلامية، وعن طريق المحافل الماسونية سعى اليهود في طلب ارض فلسطين من السلطان عبد الحميد الثاني ولكنه رفض، لكنها كانت وراء خلعه من موقعه التاريخي.
يفرد صاحب الكتاب مساحة واسعة في محاولة لتحليل وتفكيك ما جرى في مصر تحت ستار الربيع العربي وعلاقة الامر بالماسونية من خلال بعض الافراد لاسيما اولئك الذين كانوا يعملون في مجال الانترنت وتلقوا تدريبات خاصة باسقاط الانظمة في الولايات المتحدة الامريكية بنوع خاص.
ويعطي مثالا بذلك الشاب المصري (و. غ) الذي كان يعمل في الامارات العربية المتحدة وزوجته امريكية وكيف انه فجأة وبسرية تامة دون ان يخبر زملاءه في العمل ودون حتى ان يتصل بوالده الذي كان يعمل في السعودية ويخبره انه ذاهب الى مصر للاشتراك في المظاهرات التي نشبت ضد النظام السابق، ما يبدو معه ان المهمة كانت سرية للغاية لدرجة انه لم يقل لاحد ما يرسم علامات استفهام حول دوره في تلك الثورة.
وما يحير فعلا هو ان هذا الشاب قد تم دفعه بقوة لاشهاره في وسائل الاعلام الاجنبية والعربية والمحلية في ظرف اسبوع واحد فقط فتحول من شخص لا يعرفه احد الى شخص تتكلم عنه جميع وسائل الاعلام الامريكية وغير الامريكية وتبحث عنه الجهات والشركات والمؤسسات ثم دفعه بعد ذلك الى مسرح الاحداث واعطاؤه الميكروفون بعد نجاح الثورة .
ولعل ما يربط بين هذا الشاب وبين تلك الجماعات الالوان التي كان دائما يرتديها، لاسيما اللون البنفسجي او الارجواني وهو خليط بين اللون الاحمر والازرق، وهو بالنسبة للماسونية علامة اتحاد الاشقاء لانه يتكون من الالوان المعتمدة لما يسمى ماجستير اللودج الماسوني، وهما اي اللونين معتمدين من ابطال القوس الملكي الذي هو ضروري ومكون لما يعرف في عصرنا اليوم بدرجة الماجستير الماسوني المشوه، ولهذا السبب اعتمد اللون البنفجسي كلون مناسب للعلامة في الماضي.
يلفت النظر ان هذا الشاب عينه كان يعمل في شركة جوجل وقد تلقى تدريباته في مقر الشركة الرئيسي في الولايات المتحدة الامريكية، وبالمناسبة فاننا نجد جوجل نفسها تستخدم نفس اللون في اكبر برنامج يستخدمه الملايين من الناس انه: الجي ميل. وعلامة الماسونية الكبرى في واقع الحال هي حرف الـ G
الوان اخرى كان يرتديها هذا الشاب عينه ومنها الاخضر، وهو يشير الى اللون الثابت للاشجار دائمة الخضرة والشجيرات وهكذا دواليك، وفي النظام الماسوني للرموز فان اللون الرمزي يعني الثبات الخالد لكل ما هو معروف وحقيقي، وتم استنباط هذا المفهوم من القدماء وخاصة القدماء المصريين. فعلى سبيل المثال عند المصريين كانت الالهة بتاح المصورة بانها اللحم الاخضر ايضا، وكذلك الالهة باشت حافظة الالوهية، وكذلك الالهة توت المقربين من الرجال في المذاهب المقدسة الحقيقية وكلاهما ملون بلون اللحم الاخضر، ولذلك يتمسك الماسوني مرة اخرى ودائما بالمفاهيم المصرية ويختارون لها رمز خلود الروح.
هكذا كان اختيار اللون الاخضر للشاب المصري مرتبط بكونه مصري كما ان الماسونية اختارت اللون المناسب له طبقا للمفاهيم المصرية.
اما اكثر ما يربط هذه الالوان بعضها ببعض انها نفس الالوان التي كان يرتديها ثوار جورجيا عام 2008، وظهور الالوان البرتقالية والبنفجسية والخضراء فيما اطلق عليه ثورة الالوان والتي حركتها الايادي الغربية من اجل حصار روسيا القيصرية المسيحية العائدة من مواجهة الشيوعية بعد سبعة عقود ونيف. هل من صحة مطلقة لما يقول به المؤلف لاسيما في شأن علاقة الماسونية بالمنظمات السرية التي تتلاعب مؤخرا بالعالم؟
الكتاب يقع في نحو 300 صفحة مليئة بالاسرار عما جرى ويجري في منطقتنا العربية وفي العالم من حولنا، لاسيما فيما يخص الحكومة السرية التي تحكم العالم وهي حكومة بلا دستور، والقوانين التي تتبعها هي القوانين التي تصنعها.. هكذا قال اهل السياسة والخبرة قديما وحديثا.
والبعض يرفض فكرة وجود المنظمات السرية التي تسيطر على العالم من وراء الستار، ويرفضون بالتالي فكرة وجودها.. الا ان ما يجري مؤخرا يشير الى الايدي الخفية التي تحكم العالم بالسر وتسعى الى هدف واحد وان تعددت اسماؤها عبر السنين.
لعلنا قد وصلنا في زماننا هذا الى هذا الهدف وهو الاعلان عن دولة القطب الواحد والحكومة العالمية التي يترأسها الرجل الذي ينكر البعض وجوده.
ما يجري في العالم العربي من ظهور جماعات مثل داعش بدون أب ولا نسب يجعلنا نوقن بان الايادي الخفية تحرك العالم بالفعل.. لقد حذر الكثيرون على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم من هذه الحكومة الخفية وصدرت العديد من المؤلفات تحمل عنوان الحكومة الخفية ومن اشهرها كتاب الحكومة الخفية للمؤلفين «ديفيد وانر» وتوماس ب. روس، في اوائل الستينات، وحاولت المخابرات المركزية الامريكية ان تحد من انتشاره، وايضا كتاب حكومة اليد الخفية او حكومة العالم الخفية لسبيروفتش الذي لقي مصرعه جراء كتابه هذا على ايدي الماسونية العالمية.
ولا شك ان اكتشاف المنظمات السرية السياسية والاقتصادية لا يأتي الا بعد انتهاء دورها او وقوع بعض اوراقها في ايدي بعض المغامرين الذين يغامرون بنشرها ومن ثم يتعرضون للموت في النهاية.

إرسال تعليق Blogger

 
Top