, , 4/29/2015 -

 

كان هناك عالم وفيلسوف يوناني قديم إسمه ديموكريتاس. ولد ديموكريتاس حوالي سنة 460 قبل الميلاد, وكانو يسمونه الفيلسوف الضحوك. لقد فهم ديموكريتاس أن الحياة مؤلفة من وجهين, المادية واللامادية.
بعد أن ركز هذا العالم على العالم المادي, إستنتج أن "الذرة" هي جوهر المادة أو أصغر وحدة فيها. وفيما كان مركزاً ومنغمساً في أبحاثه عن المداميك الأساسية للعالم الفيزيائي, تحول نظره عن العالم الخفي للطاقة أو الروح, مما أدى الى التخلي عن أفكاره اللامادية والتركيز على المادة وحدها.
هذه كانت بداية العلوم الحديثة والطبية. وهكذا, بعد ديموكريتاس بألاف السنين, أصبح التركيز على شتى العلوم المادية بلا منازع, وأصبح العلماء يجدون صعوبة في إستيعاب وفهم الأمور الروحية, أو الإبداعية, أو فهم النظام الكوني بأبديته.
لقد إستطاعوا العلماء أن يروا كل ما هو من عالم الملموس والمحسوس, أو بكلام آخر, كل ما إستطاعوا وزنه أو قياسه بالغرامات - السنتيمترات – الدقائق والخ. ففي كل الأحوال, إذا لم نستطع فهم العالم الخفي للطاقة أو الأرواح, لن يمكننا معرفة الأسرار الحقيقية أو المعنى الحقيقي للحياة ككل.

إستطاع العلماء فهم المواد الصلبة – الغازات – وبعض التموجات, فقط لإنهم إستطاعوا إدراك الأشياء التي لمسوها أو قاموا بقياسها بواسطة أجهزتهم. ولكن هناك أشياء أبعد من هذا, وأبعد من هذه النظرة العلمية للعلوم الحديثة. فكثير من العلماء لا يؤمنون بأي وجود لهذه العلوم الخفية. فإن هذا الرأي يرتكز على نظرة ضيقة للحياة التي لا يمكن أن تؤدي الى سعادة فردية وحقيقية, أو لصحة وسلام عالمي.
فلو إستطاع ديموكريتاس وتلامذته رؤية الصورة كاملةً, أو كانت لديهم نظرة أقل آحادية, لوصلوا الى معرفة هذان الوجهان اللذان هما جوهر واحد لحياة واحدة وموحدة, وأن كل شيء موصولاً ببعضه البعض لكان تأثيرهم على العلوم الحديثة في عالمنا هذا مختلفاً.
ولكن بالرغم من كل هذا, وبعد عدة ألاف من السنين, وفي قمة الحضارة المادية هذه, توصل العلم الفيزيائي للذرة الى الإستنتاج بأن المادة تساوي الطاقة, إنطلاقاً من مختلف العناصر, الى الذرة, وأخيراً الى الإليكترونات والبروتونات, وغيره من الجزيئيات الذرية التي إكتشفت وحللت مؤخراً.
وعندما تم مراقبة الإليكترونات بدقة, لوحظ أنها مؤلفة من الطاقة, لأنها بالفعل كتلات من الطاقة وليست صلبة على الإطلاق. فالأشياء المادية ليست إلا كتل من الطاقة تتذبذب وتموج وتتغير باستمرار. والأكثر من ذلك, إن المادة تتكثف باستمرار من الطاقة لتتحلل مجدداً وتعود الى طاقة.

إن العالم اللامادي أكبر بكثير من العالم المادي. فكل شيء حي من نباتات, حيوانات, وبشر, هي تحولات طاقة, كما هو الحال مع المواد الغير عضوية.

عندما ننظر الى الحياة من خلال هذا المفهوم, فإنه بالتأكيد سيسهل علينا فهم العالم المادي, وفهم حقيقة جسم الإنسان والعيش بصحة وسلام على سطح هذه الأرض. ولكننا إذا أردنا أن نعتبر أن الحياة ليست إلا مركبات من ذرات ومثقال ذرات, فسيكون من الصعب علينا العيش بسعادة ومعرفة الحقيقة المطلقة لوجودنا وقدرنا.

بالرغم من هذا الإهتمام الكبير الذي توليه هذه الحضارات العصرية للأمور المادية, فالإنسانية عرفت تخمةً من الأكاذيب تخطوا بها البشر عالمهم الفكري والروحي. فمن ألاف السنين, إكتشف الإنسان القديم الصلة بين الحياة والطاقة, بين الفيزياء والروح, بين العقل والجسد. حيث كانت نظرتهم العالمية مرتكزة على الوعي للقوة الكونية التي إبتدعت الحياة, وعلى مفهومهم الذي أصبح الآن شيئاً مؤكداً علمياً. إن إلتقاء هاتين الرؤيتين المتواجهتين والمكملتين لبعضهما البعض سوف يقودنا الى مستقبل حيث تكون الإنسانية مواكبة لمفاهيم حياتيةٍ أكثر كونيةً.

, ,

إرسال تعليق Blogger

 
Top