منذ أن عرفت البشرية الحروب، كان هدف تجريد الخصم من الروح المعنوية وإرادة القتال ماثلاً في كل صراع ، كما أنه اعتبر اقصر طريق لإيقاع الهزيمة به و فرض الإرادة عليه.
وهذا ما نسميه في عصرنا الحاضر باسم( الحروب النفسية) حيث كان تأثيرها في الحربين العالميتين تأثيراً رهيباً إلى حد أنه كانت تقرر مصير بعض المعارك.
وتعتبر الحرب النفسية اليوم من الأركان الأساسية للعمل السياسي والعسكري في جميع الدول المتقدمة ، وتعود سعة انتشارها في الواقع إلى التقدم الكبير الذي أحرزته العلوم النفسية والاجتماعية والسياسية في معرفة العوامل التي تؤثر على السلوك الإنساني سواء أكان الإنسان وحده أو منتظماً ضمن جماعة...كما دعمها التطور الواسع في تقنيات الاعلام باوجهها المتعددة..
وتعتمد القوى الغربية على الحرب النفسية في إخضاع الشعوب اعتمادا كبيرا ،ولاشك إن أمريكا قد سبقت العالم كله في هذا المجال، إذ جندت مئات الألوف من الأشخاص المدربين على أعمال التخريب و الحرب النفسية لبسط نفوذها بواسطة ما تسمى بوكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ، فمن تجسس ومقاومة تجسس،وعملاء،وأجهزة إليكترونية جبارة وأقمار صناعية تجسسية ..وما يصحبها من سيطرة اعلامية متطورة كل هذه الوسائل هي من مستلزمات الحرب النفسية التي يشهدها عصرنا اليوم في الحملة المستمرة التي تشنها أمريكا،هذه الحملة الجديدة التي تضرب على وتر ( النظام العالمي الجديد )في محاولة منها للسيطرة على العالم،بعد أنخلت لها الساحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وعدونا الإسرائيلي اليوم ،وهو العدو الذي جاء من الغرب ،حاملا معه ثقافته وعلمه وسيطرته، يخوض حربه معنا بالنار والحرب النفسية جنباً إلى جنب . فلقد اعتمد على الحرب النفسية كمنهج أساسي من مناهج عمله لتقويض معنويات الأمة العربية وشل مقاومتها لفرض الوجود وضرب المقاومة الفردية والجماعية والخنوع من الداخل للقوة الزائفة للغرب...
تعريف الحرب النفسية :
تنظر الدوائر الأمريكية إلى الحرب النفسية على أنها صراع إرادات، يديره القادة وفقاً لخطة إستراتيجية في الميادين الإعلامية والسياسية والعسكرية ، يتم تنفيذها على أسس نفسية مدروسة .
فهي في رأيها سلاح فعال يهدف إلى تحطيم إرادة الخصم والتعجيل بهزيمته .
ويعرف العالم الأمريكي (شفارتز) الحرب النفسية بأنها ((استخدام الصنوف المختلفة للحجج الحقيقية والمزورة والتي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية لسكان الخصم وجيشه ،وتخريب سمعة قياداته ونزع الثقة بإمكاناتهم .وهذا يعني في نهاية المطاف الضغط والتأثير على الرأي الاجتماعي عامة وآراء الناس المستقلين خاصة لتحقيق هذه الأهداف أو تلك)). كذلك فان الحرب النفسية هي استخدام الدعاية ضد عدو ما ، مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال الدعاية ،وهى الاستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول ومشاعر فئة معينة من الناس ، وهى تطبيق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وهي أيضاً حرب تغيير السلوك، وميدان الحرب النفسية هو الشخصية...وهذا جزء بالغ الاهمية... وهي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة دول في وقت الحرب أو وقت السلام لإجراءات إعلامية بقصد التأثير في آراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية معادية أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة ...
وعلى العموم فإن الحرب النفسية هي حرب أفكار وارادة تهدف للسيطرة على عقول الرجال وإذلال إرادتهم، وهي حرب أيديولوجية عقائدية،وهي أيضاً حرب أعصاب وحرب سياسة ودعاية وكلمات وإشاعات وهي حرب تزلزل العقول وتغير السلوك وتزيف الحقائق وتعد الاكمنة....
نظرية الحرب النفسية :
علينا ان نعلم اولا ان القوات المسلحة لها مصدران للقوة ... مصدر معنوي ومصدر مادي ، والمصدر المعنوي للقوة أهم بكثير من المصدر المادي، حتى يتم إحراز النصر يجب توجيه ضربات نفسية قوية إلى معنويات العدو باعتبارها مصدر القوة لديه،إن أفضل سلاح لتوجيه الضربات للعدو هو الحرب النفسية ، وأن أعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال ، واستهداف عقل وتفكير المقاتل بغرض تحطيم معنوياته والقضاء على رغبته وقدرته على القتال .
إذاً الشخصية هي ميدان الحرب النفسية، إن الأسلحة المادية ليست العامل الوحيد ولا الأخير في كسب الحرب، وليست الحرب مجرد سلاح ضد سلاح وإنما إرادة ضد إرادة .
إن الغرض من القتال ليس دائماً تدمير قوات العدو، ويمكن تحقيق الغرض دون أن يجري قتال على الإطلاق،إن في مقدور الجيوش أن تنتصر بواسطة الحرب النفسية بأقل عدد وعلى أرض غير مناسبة إذا مهد لها علم النفس الطريق بإضعاف معنويات العدو وبتقوية القوات الضاربة والجبهة الداخلية ...
أهداف الحرب النفسية:
يوجز (دفيسون) ، أحد الخبراء الأمريكيين في هذا المجال ، أهداف الحرب النفسية قائلا : "تهدف هذه الحرب الى التأثير على عواطف الجمهور لدى الخصم ، وتسميم أفكاره ، وزعزعة مواقفه ، إلى تبديل سلوكه حسب الاتجاه الذي يساعد على تحقيق أهداف الولايات المتحدة الأمريكية و مصلحتها عالميا"
وتقسم أهداف الحرب النفسية برأي الخبراء إلى قسمين:-
أ- الأهداف الإستراتيجية :
وهى أهداف كبرى رئيسية و حيوية بعيدة المدى، ترمى إلى تحقيق أغراض مخططة, يستغرق تحقيقها مدة زمنية طويلة قد تمتد إلى عشرات السنين .
ب- الأهداف التكتيكية :
وهى أهداف مؤقتة ، يتم وضعها بشكل تنسجم فيه مع أهداف الخطط و العمليات المرحلية المراد تنفيذها من قبل جهة ما ، كما و أنها تعد في الغالب مرافقة للأعمال الحربية ، وهذا ما يجعلها ذات طابع تأثيري مباشر . ومن أمثلتها المحاولات التي تبذل في ميدان المعركة لنشر اليأس و تهديم الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة المعادية بغية التعجيل بهزيمتها.
يمكن تلخيص أهداف الحرب النفسية عامة فيما يلي:
1- بث اليأس من النصر في نفوس القوات المعادية ، وذلك عن طريق : المبالغة في وصف القوة و في وصف الانتصارات و المبالغة في وصف الهزائم حتى يشعر العدو أنه أمام قوة لا يمكن أن تقهر ، وتوضيح أن كل مجهودات النهوض و التقدم في صفوف العدو ضائعة سدى، واستخدام مبدأ الحشد في عدد الطائرات و الدبابات ، والصواريخ، و التلويح بالتفوق العلمي والتكنولوجي.
2- تشجيع القوات المعادية على الاستسلام وذلك عن طريق ضرب عملاء في الداخل مهمتهم تفكيك الانتماء الحقيقي وتشويه القضايا الوطنية الحقيقية والدعاية لاهداف الغرب ومصداقيته الخادعة..
3- زعزعة إيمان العدو بمبادئه وأهدافه ذلك عن طريق: إثبات استحالة تحقيق هذه المبادئ و الأهداف و تصوير المبادئ والأهداف على غير حقيقتها ،وتضخم الأخطاء التي تقع عند محاولة تحقيق هذه المبادئ و الأهداف .
4_ إضعاف الجبهة الداخلية للعدو و إحداث ثغرات داخلها ، وذلك عن طريق: إظهار عجز النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عن تحقيق آمال الجماهير والضغط الاقتصادي على حكومة العدو حتى ينهار النظام الاقتصادي . وتشجيع بعض الطوائف على مقاومة الأهداف القومية والوطنية . تشكيك الجماهير في ثقتها بقيادتها السياسية وتشكيكها في قدرة قواتها المسلحة لمواجهة عدوها المشترك. وإيجاد التفرقة بين القوات المسلحة وباقي قطاعات الشعب المدنية في الجبهة الداخلية . والدس و الوقيعة بين طوائف الشعب المختلفة .
5_ تفتيت وحدة الجبهة القومية المعادية وذلك عن طريق : التشكيك في أهداف التعاون بين أعضاء هذه الجبهة وإثارة مخاوف أعضاء الجبهة من بعضها البعض.
الحرب النفسية وتوجيهها :
توجه الحرب النفسية لشل معنويات العدو وتثبيط عزيمته على القتال وإلقاء الرعب في قلبه، ودفعه إلى الاستسلام ، والحرب النفسية حرب شاملة توجه إلى القوات المسلحة وتمتد إلى الجبهة الداخلية، إلى الشعب كله عسكريين ومدنيين، وهى حرب متصلة في زمن الحرب والسلم على السواء إنها تشن قبل الحرب الفعلية لتحطيم معنويات العدو وتغلغل الحرب النفسية في جميع نواحي الحياة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنواحي التربوية و تقوم الحرب النفسية على الهجوم و الدفاع في وقت واحد وهي تستخدم على أوسع النطاق في الحرب الخاطفة ...
اما على الجبهة الداخلية فتأخذ عدة صور منها:
آ) الوجود النفسي لقادة الأمة:
تمثل شخصية القائد في مجتمعاتنا التي يحكم فيها الفرد حكما مطلقا في كثير من الأحيان أهمية كبيرة للتأثير من خلاله على الجمهور في مجتمعه، وبذا ستضع القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد مسألة التعامل مع وجوده النفسي كرمز للقيادة والتقليد هدفاً رئيسياً من خلال التوجه إلى أفكاره وآرائه وأساليبه القيادية بالنقد والتحريف، وتشويه الحقائق لمن لا يكون مرغوبا من قبلهم... في محاولة للفصل بينه وبين جماهيره جهد الإمكان. وبالدعم والتورية والتعزيز لمن يمثل فلسفتهم في محاولة لزيادة أواصر العلاقة معه بقصد الإيهام والتسويف والاستسلام...او او دعم قيادة تضمن كراهيتها وعدم فعاليتها من قبل جموع المواطنين فيصل من هم ليسوا باهل للقيادة في الدول التي تم اسقاط انظمتها وتحويلهم لوكلاء مع فضح وكالتهم بين الحين والاخر في صورة تسريبات معلوماتية...وفي نفس الوقت تدعم تلك المنظومة الطرف المواجه له ايضا..لاننا كما وضحنا من قبل ان اساس القوة لدى النظام العالمي الجديد الذي يتخذ من الشكل الهرمي رمزا هو ان تتملك مقاليد القوة والقوة المضادة لها وهذا ما يكفل بقاءك وسلطتك..
ب) طبيعة الفكر الإسلامي الحنيف:
بعد انتهاء الشيوعية كفلسفة لإدارة المجتمعات البشرية، أُعلن في الغرب وبأكثر من مناسبة أن الخطر الماثل للعيان لما بعد الشيوعية سيكون الإسلام الذي يحاول كثير من دعاته إثبات ملاءمته لكل شعوب العالم، وبذا سيكون الاتجاه المعاكس لهذه المحاولة خطوات لتشويه بعض تطبيقات الإسلام في مجريات الحياة من خلال التشجيع غير المباشر للتطرف والمغالاة، وتعميق الطائفية، ودعم التيارات القومية التي تعطي في مجملها صورة مشوهة للإسلام والمسلمين في آن معا.
ج) عزل المجتمع العربي عن الإسلامي:
المجتمعات العربية عمق استراتيجي للإسلام، والعكس صحيح أيضا إذ تشكل غالبية بلاد المسلمين عمقا للعرب، حيث تتقارب بينهم المشاعر والتطلعات والأهداف للعيش حياة أفضل قيميا، والتقائهم المفترض سيشكل قوة غير مرغوب فيها وفق النظام العالمي الجديد، وبذا ستتركز الجهود لتكوين أهداف مختلفة وتطلعات مختلفة لهم، ونقاط خلاف متعددة بينهم حتى تصل القناعات إلى مستوى التفرد بالرأي من أجل سلامة البقاء الذاتي.
د) إرباك أداء الإنسان العربي والإسلامي:
الإنسان أينما وجد فهو عماد النظام وأساس نجاح تجربته، وأداؤه المخلص الكفء معيار لتطور النظام وتقدمه، وإذا ما كان الأمر كذلك سيكون موضوع كفاءة العمل والرغبة بالإنجاز وجدية التعامل مع المهام والواجبات الوطنية للإنسان العربي المسلم اتجاهاً محسوباً للسلاح النفسي المعادي الذي سيتوجه إلى التشجيع غير المباشر للشعور بالنقص والاعتقاد بعدم الكفاءة وقلة الثقة بالنفس بين المواطنين لخلق فرص إحباط وخواء نفسي تبعدهم عن المساهمة في بناء الوطن الجديد وممارسة دورهم في الحكم، وتكوين المجتمع الصحيح.
هـ) تجهيل المجتمع العربي والإسلامي:
المتعلمون على وجه العموم أكثر قدرة لفهم مسئوليتهم الوطنية، وأكثر كفاءة لإدارة شؤون أنفسهم والآخرين، وأوسع مجالاً لإدراك غاية الآخرين وأهدافهم المبيتة بين السطور، وأحسن أداء في الدفاع عـن وطنهم ومكتسباتهم وهذه معطيات أدخلتها الأطراف المقابلة في حساباتها منذ أول تعامل لهم مع العرب والمسلمين، ومازالوا على هذا النهج سائرين، وبذلك سيستمرون بالتركيز على أمور تبعدهم - المتعلمين - جهد الإمكان عن اهتماماتهم الوطنية وفق برامج تزيد من احتمالات الجهل بالقضايا الأساسية المهمة، ومحاولة إلهائهم جهد الإمكان بأخرى بعيدة نسبيا، كذلك ستحاول على وفق برامج أخرى زرع بعض الأفكار والاهتمامات الغربية كبديل للأخرى الإسلامية، بالإضافة إلى التشجيع على هجرة العقول من المنطقة.
و) إثارة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة:
الضغط مفهوم يعبر عن الأحداث البيئية والنفسية التي يفسرها الفرد على أنها تهديداً أو تحديا لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها مع الفشل في التعامل معها إلى إضعاف وظائف الإنسان وإرهاقه وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس، وهي حالة تستثير في محصلتها النهائية سلوكاً غير اعتيادي وأداءً بمستوى متدن في عموم المواقف الحياتية، وهذا ما سيلجأ إليه الطرف المقابل في محاولاته للضغط على مجتمع المنطقة سياسياً واقتصادياً عن طريق الإعلام والفضائيات وبرامجها الموجهة ذات الطابع التشويهي وبوسائل متعددة، وحجج مختلفة.
ز) استهداف العقل الفاعل للشباب:
الشباب غاية الأمة ووسيلتها وقوتها الضاربة في الدفاع عن إنجازاتها، فصحتهم البدنية والنفسية وسلامة تفكيرهم تعزيز لتلك القوة وهي الجوانب التي سيحاول الطرف الآخر تأمين الخرق المناسب في بعض أركانها لتحوير تكوينها بوسائل عدة بينها على سبيل المثال نشر تعاطي المخدرات التي تهيئ متعاطيها لتقبل الغزو الفكري السلبي بعيداً عن الإحساس بالمواطنة ومسئولياتها الجسام، ونشر الفساد بطرق منها بث البرامج ذات الطابع الاجتماعي الموجه بأسلوب يسئ إلى القيم الاجتماعية والدينية السائدة، وغيرها..
ح) دعم فاعلية التطرف الديني السياسي:
واجهت بعض مناطق العالم بشكل عام والوطن العربي والإسلامي على وجه الخصوص أحداث وتحديات ليست قليلة بدأت مع نهاية الستينات واستمرت حتى وقتنا الراهن فكونت إحساساً بفشل بعض الأيديولوجيات السائدة والنظم السياسية القائمة في حل مشاكل الإنسان وتلبية طموحاته، وهو فراغ نفسي دفع كثير من المتألمين إلى محاولة ملئه بالتوجه إلى الدين بشكل مغالى فيه طلباً للخلاص والحلول البديلة، وكاستجابة لذلك قوي الدين السياسي عملاً وتنظيماً، بمستويات حاول الغرب استغلالها بدعم بعض أطرافه غير الرصينة دعما مباشرا بغية توجيه تطرفه على وفق حسابات تؤمن مصالحهم (الغرب) وقد حققوا نجاحاً ملموساً في أماكن عدة من المنطقة، وهذا أمر يشجع على الدفع باتجاه تركيز الدعاية والبرامج الثقافية والمعلوماتية والدينية الخاصة بقصد التشويه المنظم للحقائق، وبما يخدم الجانب المعاكس لمعطيات الدين الإسلامي.
ط) تدمير النظام القيمي:
تعيش العديد من المجتمعات وبينها العربية والإسلامية نوعاً معقولا من التجانس والاستقرار النسبي في ضوء نظمها القيمية وضوابطها الاجتماعية، فهناك على سبيل المثال الصدق والأمانة والإيثار والتكافل والشعور بالمواطنة وصيانة المال العام والإخلاص في العمل … الخ من القيم والمعايير التي يؤدي خرقها إلى اضطراب المجتمع وضعف قدرته على الصمود والتحدي، وهذا هدف لا يغيب عن بال الأطراف الأخرى ومخططي الحرب النفسية من خلال البرامج الموجهة في هذا المجال .
ي) تعميم مشاعر الإحباط في المجتمع:
فشل الإنسان في إشباع حاجاته الضرورية - بيولوجية كانت أم نفسية - وتكرار ذلك الفشل يؤدي إلى الشعور بالإحباط وهي حالة نفسية تستثير العدوان الذي عادة ما يوجه داخل الإنسان حيث الرغبة في إيذاء الذات والعزلة والاكتئاب، أو نحو الخارج أي إلى الآخرين أشخاصاً كانوا أو مؤسسات ودوائر حكومية؛ حيث الميل إلى التخريب المادي المباشر مثل التجاوز على الممتلكات العامة وغيرها من أعمال متنوعة. والتخريب النفسي غير المباشر مثل عدم الإخلاص في العمل وتجنب تحمل المسئولية ووضع العراقيل أمام تقدم الآخرين. وغيرها من فعاليات تغري البعض لوضعها أهدافاً لحربهم النفسية الموجهة للمنطقة.
ولمواجهة تلك الحرب نحن نحتاج للخبراء والمتخصصون بالفعل والى منظومة عاقلة مخلصة واعية منتمية تدرك هذا السلاح واساليب علاجه الحقيقية لانه اكثر سلاح تدميري فعلي...والدليل..روح الانهزامية التي نستشعرها جميعا في الوقت الحالي حتى اظهرت الضغوط اسوأ ما بنا جميعا..والمحصلة هي فقط تحقيق اهداف اعدائنا منا...وبأيدينا..
وهذا ما نسميه في عصرنا الحاضر باسم( الحروب النفسية) حيث كان تأثيرها في الحربين العالميتين تأثيراً رهيباً إلى حد أنه كانت تقرر مصير بعض المعارك.
وتعتبر الحرب النفسية اليوم من الأركان الأساسية للعمل السياسي والعسكري في جميع الدول المتقدمة ، وتعود سعة انتشارها في الواقع إلى التقدم الكبير الذي أحرزته العلوم النفسية والاجتماعية والسياسية في معرفة العوامل التي تؤثر على السلوك الإنساني سواء أكان الإنسان وحده أو منتظماً ضمن جماعة...كما دعمها التطور الواسع في تقنيات الاعلام باوجهها المتعددة..
وتعتمد القوى الغربية على الحرب النفسية في إخضاع الشعوب اعتمادا كبيرا ،ولاشك إن أمريكا قد سبقت العالم كله في هذا المجال، إذ جندت مئات الألوف من الأشخاص المدربين على أعمال التخريب و الحرب النفسية لبسط نفوذها بواسطة ما تسمى بوكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ، فمن تجسس ومقاومة تجسس،وعملاء،وأجهزة إليكترونية جبارة وأقمار صناعية تجسسية ..وما يصحبها من سيطرة اعلامية متطورة كل هذه الوسائل هي من مستلزمات الحرب النفسية التي يشهدها عصرنا اليوم في الحملة المستمرة التي تشنها أمريكا،هذه الحملة الجديدة التي تضرب على وتر ( النظام العالمي الجديد )في محاولة منها للسيطرة على العالم،بعد أنخلت لها الساحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وعدونا الإسرائيلي اليوم ،وهو العدو الذي جاء من الغرب ،حاملا معه ثقافته وعلمه وسيطرته، يخوض حربه معنا بالنار والحرب النفسية جنباً إلى جنب . فلقد اعتمد على الحرب النفسية كمنهج أساسي من مناهج عمله لتقويض معنويات الأمة العربية وشل مقاومتها لفرض الوجود وضرب المقاومة الفردية والجماعية والخنوع من الداخل للقوة الزائفة للغرب...
تعريف الحرب النفسية :
تنظر الدوائر الأمريكية إلى الحرب النفسية على أنها صراع إرادات، يديره القادة وفقاً لخطة إستراتيجية في الميادين الإعلامية والسياسية والعسكرية ، يتم تنفيذها على أسس نفسية مدروسة .
فهي في رأيها سلاح فعال يهدف إلى تحطيم إرادة الخصم والتعجيل بهزيمته .
ويعرف العالم الأمريكي (شفارتز) الحرب النفسية بأنها ((استخدام الصنوف المختلفة للحجج الحقيقية والمزورة والتي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية لسكان الخصم وجيشه ،وتخريب سمعة قياداته ونزع الثقة بإمكاناتهم .وهذا يعني في نهاية المطاف الضغط والتأثير على الرأي الاجتماعي عامة وآراء الناس المستقلين خاصة لتحقيق هذه الأهداف أو تلك)). كذلك فان الحرب النفسية هي استخدام الدعاية ضد عدو ما ، مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال الدعاية ،وهى الاستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول ومشاعر فئة معينة من الناس ، وهى تطبيق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وهي أيضاً حرب تغيير السلوك، وميدان الحرب النفسية هو الشخصية...وهذا جزء بالغ الاهمية... وهي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة دول في وقت الحرب أو وقت السلام لإجراءات إعلامية بقصد التأثير في آراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية معادية أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة ...
وعلى العموم فإن الحرب النفسية هي حرب أفكار وارادة تهدف للسيطرة على عقول الرجال وإذلال إرادتهم، وهي حرب أيديولوجية عقائدية،وهي أيضاً حرب أعصاب وحرب سياسة ودعاية وكلمات وإشاعات وهي حرب تزلزل العقول وتغير السلوك وتزيف الحقائق وتعد الاكمنة....
نظرية الحرب النفسية :
علينا ان نعلم اولا ان القوات المسلحة لها مصدران للقوة ... مصدر معنوي ومصدر مادي ، والمصدر المعنوي للقوة أهم بكثير من المصدر المادي، حتى يتم إحراز النصر يجب توجيه ضربات نفسية قوية إلى معنويات العدو باعتبارها مصدر القوة لديه،إن أفضل سلاح لتوجيه الضربات للعدو هو الحرب النفسية ، وأن أعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال ، واستهداف عقل وتفكير المقاتل بغرض تحطيم معنوياته والقضاء على رغبته وقدرته على القتال .
إذاً الشخصية هي ميدان الحرب النفسية، إن الأسلحة المادية ليست العامل الوحيد ولا الأخير في كسب الحرب، وليست الحرب مجرد سلاح ضد سلاح وإنما إرادة ضد إرادة .
إن الغرض من القتال ليس دائماً تدمير قوات العدو، ويمكن تحقيق الغرض دون أن يجري قتال على الإطلاق،إن في مقدور الجيوش أن تنتصر بواسطة الحرب النفسية بأقل عدد وعلى أرض غير مناسبة إذا مهد لها علم النفس الطريق بإضعاف معنويات العدو وبتقوية القوات الضاربة والجبهة الداخلية ...
أهداف الحرب النفسية:
يوجز (دفيسون) ، أحد الخبراء الأمريكيين في هذا المجال ، أهداف الحرب النفسية قائلا : "تهدف هذه الحرب الى التأثير على عواطف الجمهور لدى الخصم ، وتسميم أفكاره ، وزعزعة مواقفه ، إلى تبديل سلوكه حسب الاتجاه الذي يساعد على تحقيق أهداف الولايات المتحدة الأمريكية و مصلحتها عالميا"
وتقسم أهداف الحرب النفسية برأي الخبراء إلى قسمين:-
أ- الأهداف الإستراتيجية :
وهى أهداف كبرى رئيسية و حيوية بعيدة المدى، ترمى إلى تحقيق أغراض مخططة, يستغرق تحقيقها مدة زمنية طويلة قد تمتد إلى عشرات السنين .
ب- الأهداف التكتيكية :
وهى أهداف مؤقتة ، يتم وضعها بشكل تنسجم فيه مع أهداف الخطط و العمليات المرحلية المراد تنفيذها من قبل جهة ما ، كما و أنها تعد في الغالب مرافقة للأعمال الحربية ، وهذا ما يجعلها ذات طابع تأثيري مباشر . ومن أمثلتها المحاولات التي تبذل في ميدان المعركة لنشر اليأس و تهديم الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة المعادية بغية التعجيل بهزيمتها.
يمكن تلخيص أهداف الحرب النفسية عامة فيما يلي:
1- بث اليأس من النصر في نفوس القوات المعادية ، وذلك عن طريق : المبالغة في وصف القوة و في وصف الانتصارات و المبالغة في وصف الهزائم حتى يشعر العدو أنه أمام قوة لا يمكن أن تقهر ، وتوضيح أن كل مجهودات النهوض و التقدم في صفوف العدو ضائعة سدى، واستخدام مبدأ الحشد في عدد الطائرات و الدبابات ، والصواريخ، و التلويح بالتفوق العلمي والتكنولوجي.
2- تشجيع القوات المعادية على الاستسلام وذلك عن طريق ضرب عملاء في الداخل مهمتهم تفكيك الانتماء الحقيقي وتشويه القضايا الوطنية الحقيقية والدعاية لاهداف الغرب ومصداقيته الخادعة..
3- زعزعة إيمان العدو بمبادئه وأهدافه ذلك عن طريق: إثبات استحالة تحقيق هذه المبادئ و الأهداف و تصوير المبادئ والأهداف على غير حقيقتها ،وتضخم الأخطاء التي تقع عند محاولة تحقيق هذه المبادئ و الأهداف .
4_ إضعاف الجبهة الداخلية للعدو و إحداث ثغرات داخلها ، وذلك عن طريق: إظهار عجز النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عن تحقيق آمال الجماهير والضغط الاقتصادي على حكومة العدو حتى ينهار النظام الاقتصادي . وتشجيع بعض الطوائف على مقاومة الأهداف القومية والوطنية . تشكيك الجماهير في ثقتها بقيادتها السياسية وتشكيكها في قدرة قواتها المسلحة لمواجهة عدوها المشترك. وإيجاد التفرقة بين القوات المسلحة وباقي قطاعات الشعب المدنية في الجبهة الداخلية . والدس و الوقيعة بين طوائف الشعب المختلفة .
5_ تفتيت وحدة الجبهة القومية المعادية وذلك عن طريق : التشكيك في أهداف التعاون بين أعضاء هذه الجبهة وإثارة مخاوف أعضاء الجبهة من بعضها البعض.
الحرب النفسية وتوجيهها :
توجه الحرب النفسية لشل معنويات العدو وتثبيط عزيمته على القتال وإلقاء الرعب في قلبه، ودفعه إلى الاستسلام ، والحرب النفسية حرب شاملة توجه إلى القوات المسلحة وتمتد إلى الجبهة الداخلية، إلى الشعب كله عسكريين ومدنيين، وهى حرب متصلة في زمن الحرب والسلم على السواء إنها تشن قبل الحرب الفعلية لتحطيم معنويات العدو وتغلغل الحرب النفسية في جميع نواحي الحياة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنواحي التربوية و تقوم الحرب النفسية على الهجوم و الدفاع في وقت واحد وهي تستخدم على أوسع النطاق في الحرب الخاطفة ...
اما على الجبهة الداخلية فتأخذ عدة صور منها:
آ) الوجود النفسي لقادة الأمة:
تمثل شخصية القائد في مجتمعاتنا التي يحكم فيها الفرد حكما مطلقا في كثير من الأحيان أهمية كبيرة للتأثير من خلاله على الجمهور في مجتمعه، وبذا ستضع القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد مسألة التعامل مع وجوده النفسي كرمز للقيادة والتقليد هدفاً رئيسياً من خلال التوجه إلى أفكاره وآرائه وأساليبه القيادية بالنقد والتحريف، وتشويه الحقائق لمن لا يكون مرغوبا من قبلهم... في محاولة للفصل بينه وبين جماهيره جهد الإمكان. وبالدعم والتورية والتعزيز لمن يمثل فلسفتهم في محاولة لزيادة أواصر العلاقة معه بقصد الإيهام والتسويف والاستسلام...او او دعم قيادة تضمن كراهيتها وعدم فعاليتها من قبل جموع المواطنين فيصل من هم ليسوا باهل للقيادة في الدول التي تم اسقاط انظمتها وتحويلهم لوكلاء مع فضح وكالتهم بين الحين والاخر في صورة تسريبات معلوماتية...وفي نفس الوقت تدعم تلك المنظومة الطرف المواجه له ايضا..لاننا كما وضحنا من قبل ان اساس القوة لدى النظام العالمي الجديد الذي يتخذ من الشكل الهرمي رمزا هو ان تتملك مقاليد القوة والقوة المضادة لها وهذا ما يكفل بقاءك وسلطتك..
ب) طبيعة الفكر الإسلامي الحنيف:
بعد انتهاء الشيوعية كفلسفة لإدارة المجتمعات البشرية، أُعلن في الغرب وبأكثر من مناسبة أن الخطر الماثل للعيان لما بعد الشيوعية سيكون الإسلام الذي يحاول كثير من دعاته إثبات ملاءمته لكل شعوب العالم، وبذا سيكون الاتجاه المعاكس لهذه المحاولة خطوات لتشويه بعض تطبيقات الإسلام في مجريات الحياة من خلال التشجيع غير المباشر للتطرف والمغالاة، وتعميق الطائفية، ودعم التيارات القومية التي تعطي في مجملها صورة مشوهة للإسلام والمسلمين في آن معا.
ج) عزل المجتمع العربي عن الإسلامي:
المجتمعات العربية عمق استراتيجي للإسلام، والعكس صحيح أيضا إذ تشكل غالبية بلاد المسلمين عمقا للعرب، حيث تتقارب بينهم المشاعر والتطلعات والأهداف للعيش حياة أفضل قيميا، والتقائهم المفترض سيشكل قوة غير مرغوب فيها وفق النظام العالمي الجديد، وبذا ستتركز الجهود لتكوين أهداف مختلفة وتطلعات مختلفة لهم، ونقاط خلاف متعددة بينهم حتى تصل القناعات إلى مستوى التفرد بالرأي من أجل سلامة البقاء الذاتي.
د) إرباك أداء الإنسان العربي والإسلامي:
الإنسان أينما وجد فهو عماد النظام وأساس نجاح تجربته، وأداؤه المخلص الكفء معيار لتطور النظام وتقدمه، وإذا ما كان الأمر كذلك سيكون موضوع كفاءة العمل والرغبة بالإنجاز وجدية التعامل مع المهام والواجبات الوطنية للإنسان العربي المسلم اتجاهاً محسوباً للسلاح النفسي المعادي الذي سيتوجه إلى التشجيع غير المباشر للشعور بالنقص والاعتقاد بعدم الكفاءة وقلة الثقة بالنفس بين المواطنين لخلق فرص إحباط وخواء نفسي تبعدهم عن المساهمة في بناء الوطن الجديد وممارسة دورهم في الحكم، وتكوين المجتمع الصحيح.
هـ) تجهيل المجتمع العربي والإسلامي:
المتعلمون على وجه العموم أكثر قدرة لفهم مسئوليتهم الوطنية، وأكثر كفاءة لإدارة شؤون أنفسهم والآخرين، وأوسع مجالاً لإدراك غاية الآخرين وأهدافهم المبيتة بين السطور، وأحسن أداء في الدفاع عـن وطنهم ومكتسباتهم وهذه معطيات أدخلتها الأطراف المقابلة في حساباتها منذ أول تعامل لهم مع العرب والمسلمين، ومازالوا على هذا النهج سائرين، وبذلك سيستمرون بالتركيز على أمور تبعدهم - المتعلمين - جهد الإمكان عن اهتماماتهم الوطنية وفق برامج تزيد من احتمالات الجهل بالقضايا الأساسية المهمة، ومحاولة إلهائهم جهد الإمكان بأخرى بعيدة نسبيا، كذلك ستحاول على وفق برامج أخرى زرع بعض الأفكار والاهتمامات الغربية كبديل للأخرى الإسلامية، بالإضافة إلى التشجيع على هجرة العقول من المنطقة.
و) إثارة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة:
الضغط مفهوم يعبر عن الأحداث البيئية والنفسية التي يفسرها الفرد على أنها تهديداً أو تحديا لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها مع الفشل في التعامل معها إلى إضعاف وظائف الإنسان وإرهاقه وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس، وهي حالة تستثير في محصلتها النهائية سلوكاً غير اعتيادي وأداءً بمستوى متدن في عموم المواقف الحياتية، وهذا ما سيلجأ إليه الطرف المقابل في محاولاته للضغط على مجتمع المنطقة سياسياً واقتصادياً عن طريق الإعلام والفضائيات وبرامجها الموجهة ذات الطابع التشويهي وبوسائل متعددة، وحجج مختلفة.
ز) استهداف العقل الفاعل للشباب:
الشباب غاية الأمة ووسيلتها وقوتها الضاربة في الدفاع عن إنجازاتها، فصحتهم البدنية والنفسية وسلامة تفكيرهم تعزيز لتلك القوة وهي الجوانب التي سيحاول الطرف الآخر تأمين الخرق المناسب في بعض أركانها لتحوير تكوينها بوسائل عدة بينها على سبيل المثال نشر تعاطي المخدرات التي تهيئ متعاطيها لتقبل الغزو الفكري السلبي بعيداً عن الإحساس بالمواطنة ومسئولياتها الجسام، ونشر الفساد بطرق منها بث البرامج ذات الطابع الاجتماعي الموجه بأسلوب يسئ إلى القيم الاجتماعية والدينية السائدة، وغيرها..
ح) دعم فاعلية التطرف الديني السياسي:
واجهت بعض مناطق العالم بشكل عام والوطن العربي والإسلامي على وجه الخصوص أحداث وتحديات ليست قليلة بدأت مع نهاية الستينات واستمرت حتى وقتنا الراهن فكونت إحساساً بفشل بعض الأيديولوجيات السائدة والنظم السياسية القائمة في حل مشاكل الإنسان وتلبية طموحاته، وهو فراغ نفسي دفع كثير من المتألمين إلى محاولة ملئه بالتوجه إلى الدين بشكل مغالى فيه طلباً للخلاص والحلول البديلة، وكاستجابة لذلك قوي الدين السياسي عملاً وتنظيماً، بمستويات حاول الغرب استغلالها بدعم بعض أطرافه غير الرصينة دعما مباشرا بغية توجيه تطرفه على وفق حسابات تؤمن مصالحهم (الغرب) وقد حققوا نجاحاً ملموساً في أماكن عدة من المنطقة، وهذا أمر يشجع على الدفع باتجاه تركيز الدعاية والبرامج الثقافية والمعلوماتية والدينية الخاصة بقصد التشويه المنظم للحقائق، وبما يخدم الجانب المعاكس لمعطيات الدين الإسلامي.
ط) تدمير النظام القيمي:
تعيش العديد من المجتمعات وبينها العربية والإسلامية نوعاً معقولا من التجانس والاستقرار النسبي في ضوء نظمها القيمية وضوابطها الاجتماعية، فهناك على سبيل المثال الصدق والأمانة والإيثار والتكافل والشعور بالمواطنة وصيانة المال العام والإخلاص في العمل … الخ من القيم والمعايير التي يؤدي خرقها إلى اضطراب المجتمع وضعف قدرته على الصمود والتحدي، وهذا هدف لا يغيب عن بال الأطراف الأخرى ومخططي الحرب النفسية من خلال البرامج الموجهة في هذا المجال .
ي) تعميم مشاعر الإحباط في المجتمع:
فشل الإنسان في إشباع حاجاته الضرورية - بيولوجية كانت أم نفسية - وتكرار ذلك الفشل يؤدي إلى الشعور بالإحباط وهي حالة نفسية تستثير العدوان الذي عادة ما يوجه داخل الإنسان حيث الرغبة في إيذاء الذات والعزلة والاكتئاب، أو نحو الخارج أي إلى الآخرين أشخاصاً كانوا أو مؤسسات ودوائر حكومية؛ حيث الميل إلى التخريب المادي المباشر مثل التجاوز على الممتلكات العامة وغيرها من أعمال متنوعة. والتخريب النفسي غير المباشر مثل عدم الإخلاص في العمل وتجنب تحمل المسئولية ووضع العراقيل أمام تقدم الآخرين. وغيرها من فعاليات تغري البعض لوضعها أهدافاً لحربهم النفسية الموجهة للمنطقة.
ولمواجهة تلك الحرب نحن نحتاج للخبراء والمتخصصون بالفعل والى منظومة عاقلة مخلصة واعية منتمية تدرك هذا السلاح واساليب علاجه الحقيقية لانه اكثر سلاح تدميري فعلي...والدليل..روح الانهزامية التي نستشعرها جميعا في الوقت الحالي حتى اظهرت الضغوط اسوأ ما بنا جميعا..والمحصلة هي فقط تحقيق اهداف اعدائنا منا...وبأيدينا..
إرسال تعليق Blogger Facebook