كثيرًا ما يدفع الأطفال والديهم إلى اليأس على مائدة الطعام، فعادة ما تُقابل المحاولات لتقديم المأكولات الصحية بالرفض التام والمقاطعة من قبل الأبناء، وقد يصل الأمر إلى إصابة الآباء والأمهات بحالة من التشنج والغضب. ولا تساعد الشدة كثيرًا في هذه الحالات، فالتهديد لا يؤدي إلى أي نتيجة. لذلك ينصح توماس إلروت، مدير معهد "علم النفس الغذائي" في جامعة جوتينجن الألمانية، بالتزام الهدوء. ويقول في حوار مع موقع جريدة "دي فيلت" الألمانية: "حاسة التذوق تتغير وتتطور مع الوقت".
ورغم أن علم الوراثة والتطور له دوره في التأثير على حاسة التذوق لدينا، لكن هناك عوامل كثيرة أيضًا تؤثر على إقبالنا على مأكولات معينة، ولذلك فيمكن للآباء التأثير إيجابيًا على عادات أبنائهم الغذائية. ويضيف: "هناك عوامل كثيرة أخرى تؤثر على حاسة التذوق مثل شكل الطعام ودرجة حرارته ورائحته وملمسه، وحتى الصوت الذي يصدره خلال عملية مضغه مثل قرمشة رقائق البطاطس"، موضحًا أن عملية تناول الطعام هي "مغامرة وتجربة متكاملة"، وأن "المخ يربط كل الذكريات معًا لتعطيه فكرة إيجابية أو سلبية عن طبق ما"، لذلك فكثيرًا ما نحب أطباقا معينة لمجرد أننا تناولناها أثناء عطلة ممتعة على البحر.
ويحذر إلروت في هذا السياق من إجبار الأطفال على تناول أطباق معينة أو محاولة تشجيعهم تحت شعار "أنها صحية"، لأن ذلك قد يُولّد لديهم الشعور بأن كل ما هو صحي هي الأطعمة التي لا يحبونها. وينصح بتقديم هذه الأطعمة بشكل شهي، والأهم هو مشاركة الأطفال الأكل لأنهم يرون في آبائهم وأمهاتهم "القدوة" ويريدون أن يصبحوا مثلهم.
من جهتها، توضح أنيت هيلبيغ، المتخصصة في علوم التغذية في "مركز أبحاث الغذاء للأطفال" في مدينة دورتموند الألمانية، أن الإنسان يمكنه التمييز بين الحلو والمر والمالح والحمضي. كما تضيف لموقع "دي فيلت" أن هناك الكثير الذي يعود للطبيعة والتطور، "حيث أن كثيرًا من الثمار المرة سامة، وبالتالي فالإنسان لا يفضل الطعم المر، وقد كانت هذه هي الوسيلة لاختيار الثمار الجيدة للأكل، أما الثمار الحلوة فهي دائمًا جيدة"، وبالتالي فتفضيل الأطفال للطعم الحلو والسكريات "أمر طبيعي"، لكنها تضيف أنه بإمكاننا تغيير الأمر مضيفة: "أننا نحب ما نتعود على أكله"، ولذلك نجد هناك اختلافات كبيرة بين الشعوب المختلفة فيما يفضلونه من أطعمة.
وتضيف الباحثة أن الأم يمكنها منذ بداية الحمل "التأثير على ما يفضله أبناؤها من مأكولات"، ذلك أنهم بالفعل يبدءون في تعلم المذاقات المختلفة بناء على ما تأكله الأم أثناء فترة الحمل والرضاعة.
س.ك/ ش.ع
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
إرسال تعليق Blogger Facebook