, , 3/08/2014 -

  قياس "السرعة" ونشأة الزمن

في هذا المقال أعرض عليكم اجابة للعديد من الأسئلة التي كان التفكير فيها في حد ذاته جنون ، والمحاولة في اجابة أسئلتها المطروحة كان دربا ً من دروب الخيال !.

فقد علمني " اقليدس " أنه لكي تتحقق من صحة النتائج ، يجب أولاً أن تتحقق من صحة الفروض ، لأنه بإنحراف الفروض تحيد النتائج وبصحة الفروض تصح النتائج. ؟

وفي هذا المقال والمقال التالي سأوضح ما هو الزمن وكيف نشأ وما أسباب نشأته ، وكذلك كيفية قياس السرعة ، ولكن لكي نفهم السرعة يجب علينا ان نتحقق من صحة فروض المرجع الذي تم نسبة السرعة اليه وهو الزمن.

فالزمن هو قيمة تـٌنسب اليها عدد من القيم والمعايير كالسرعة ويحمل الزمن في طياته المجهول ! ، ولكي نفهم الزمن يجب أن نفهم كيف نشأ ؟ وكيف استخدم لقياس قيم ومعايير أخري كالسرعة ؟

تـُعرف السرعة في يومنا هذا بأنها " مقدار التغير في المسافة بالنسبة للزمن " ووحدة السرعة هي م / ث ، ولكن هل هذة هي الوحدة الوحيدة لقياس السرعة أم هل يوجد وحدات أخري؟

للإجابة علي هذا السؤال يجب علينا أولا فهم طبيعة الزمن وكيف نشأ ؟ وما أسباب نشأته ؟ ، الي جانب معرفة التعريف العام والمجرد للسرعة.

السرعة ليس شرطا ً أن يكون تعريفها " مقدار التغير في المسافة بالنسبة للزمن " وليس شرطا ً أيضا ً أن تكون وحدتها هي م / ث ، ولكن السرعة بشكل عام هي " مقدار التغير في المسافة وذلك نسبة ً الي عدد الوحدات المرجعية ذات المعدل التكراري الثابت للأجزاء الأساسية المكونة لهذه القيمة المرجعية.

وهذا التعريف يعني أننا يجب أن ننسب التغير في المسافة المقطوعة الي قيمة أخري مرجعية ، وكلمة مرجعية تعني أن هذه القيمة لا تتأثر بأي عامل خارجي وبالتالي يجب أن يكون معدل تكرارها قيمة ثابتـة لكي تستخدم كمرجع ومعيار يـٌنسب له ، وهذا عن تعريف السرعة بشكل عام وأشمل ولنطلق علي هذا التعريف العام اسم " السرعة المجردة ".

أما لكي نفهم طبيعة الزمن وكيف نشأ و أسباب نشأته ، يجب علينا أن نستعرض الأمر من البداية ، وأعني بالبداية هنا التعامل مع السرعة بعقلية إنسان لا يعرف أي شئ عن مفهوم الزمن.

اذا أحضرنا هذا الشخص الذي لا يعرف أي شئ عن مفهوم الزمن واعطيناة تعريف السرعة وكلفناه بمهمة قياس سرعته ، وبدأ هذا الشخص في السير في الصحراء باحثا ًعن مرجعا ً ينسب اليه المسافة المقطوعة لكي يحصل علي سرعته ، وأثناء سيره سمع عواءاً لذئب ، وصوت هذا العواء مميزاً بالنسبة له عن بقية الأصوات التي يسمعها وسمع هذا الصوت العديد من المرات ، فقرر أن يتخذه مرجعاً ينسب اليه المسافة المقطوعة ليحصل علي سرعته.

ولكن لكي يكون عواء الذئب مرجعا ً ينسب اليه الخطوات المقطوعة يجب أن يكون معدل تكرار عواء الذئب قيمة ثابته ، وبالتالي يجب علي هذا الشخص إخضاع عواء الذئب للاختبار وذلك لفحص معدل تكرارة ، وهذا الاختبار يكون بحساب عدد الخطوات المقطوعة بين عوائين متتاليين وتكرار هذه العملية عدة مرات مع تدوين النتائج ، وبالطبع وحيث أن عواء الذئب عشوائي ، فستكون عدد الخطوات المقطوعة بين كل عوائين متتاليين قيمة غير ثابته ، وبالتالي يكون معدل مرور عواء الذئب قيمة غير ثابته ، وبالتالي لا يمكن النسبة الي عواء الذئب ، وما حدث هنا سيحدث مع أي معايير أخري ذات معدل مرور غير ثابت ، كالشعور بالجوع والعطش وأصوات الكائنات الحية ، الخ ... ، والتي لا يمكننا في النهاية النسبة اليها وذلك لأنها قيمة ليست مرجعية لأن معدل تكرارها قيمة غير ثابته ، والتي لو كان قيمة ثابته ، ستكون السرعة حينئذ هي عدد الخطوات المقطوعة علي عدد مرات تكرار هذه القيم المرجعية.

ولكن قد يصادف هذا الشخص قيم أخري يمكن النسبة اليها كـ " تعاقب الليل والنهار " والتي معدل تكرار الاجزاء الأساسية المكونة لها - اليوم والشهر والسنة - قيما ً ثابته لاتتغير ، ويمكنه حينئذ النسبة اليها ، وستكون وحدة السرعة حينئذ علي سبيل المثال " كم / يوم " ، واليوم هنا غير مقصود به وحدة زمنية علي الاطلاق وسأوضح هذا بالتفصيل في المقال القادم.

ولكن هل الـ م / ث هي الوحدة الوحيدة لقياس السرعة ، أم هل يوجد وحدات أخري !؟ ولا أعني بالوحدات الأخري هنا كم / ث ، أو م / دقيقة ، ولكن ما أعنيه بالتحديد هو " هل يمكننا قياس السرعة بوحدات مثل " متر / كجم " ، أو " 1 / متر مربع " ، أو " بدون وحدات " ؟؟ " ، قد يكون بالنسبة لك مستحيلا ً ، ولكني سأجيب علي هذا السؤال ، وقبل أن تقرأ اجابتي عليك محاولة الاجابة علي هذا السؤال بنفسك.

الاجابة علي هذا السؤال ليست نابعة ً من تحويل الوحدات ولكنها نابعه من تحويل المرجع الذي يـٌنسب اليه ، فلن أتعامل مع الزمن هنا ، وسأتعامل بعقلية الشخص الذي لا يعرف أي شئ عن الزمن.

اذا وجد هذا الشخص صنبورا ً من المياة وأراد النسبة الي المياة الساقطة من الصنبور ، فهنالك ثلاثة حالات :

الحالة الأولي : التعامل مع المياة كوزن

اذا أحضر هذا الشخص إناءا ً ووضعه أسفل الصنبور وعند بدء حركته قام بفتح الصنبور لتتساقط المياة داخل الإناء وقطع عدد من الخطوات المعينة وعند الانتهاء من الحركة أغلق الصنبور ، وأخذ كمية الماء بالإناء ووزنها بالكجم ، حينئذ ستكون السرعة هي عدد الخطوات المقطوعة مقسمومة علي عدد كيلوجرامات المياة التي سقطت بالاناء أثناء حركته ، وستكون وحدة السرعة هي خطوة / كجم ، ولو كانت الخطوة تساوي مترا ً ، ستكون وحدة السرعة هي متر / كجم.

الحالة الثانية : التعامل مع المياة كحجم

اذا تم إجراء نفس خطوات الحالة السابقة ولكن هنا لن نحسب وزن الماء الساقط ولكن سنحسب حجمه ، حينئذ ستكون السرعة هي عدد الخطوات المقطوعة مقسمومة علي عدد المترات المكعبة التي سقطت بالإناء أثناء حركته ، وستكون وحدة السرعة هي خطوة / م ، ولو كانت الخطوة تساوي مترا ً ، ستكون وحدة السرعة هي متر / متر مكعب = 1/ متر مربع .

الحالة الثالثة : التعامل مع المياة كطول

اذا وضعنا أنبوبا مدرجا ً في فتحة الصنبور ، وحينما بدأ الحركة قام بفتح الصنبور ، وبالتالي أثناء قطع هذا الشخص خطواته ، ستقطع المياه الخارجة من الصنبور الي الأنبوب عدد من الأمتار المعروفة وفقا ً للتدريج علي الأنبوب ، حينئذ ستكون السرعة هي عدد الخطوات المقطوعة مقسمومة ًعلي عدد المترات التي وصلت اليها المياة بالأنبوب أثناء حركته ، وستكون وحدة السرعة هي خطوة / متر ، ولو كانت الخطوة تساوي مترا ً ، ستكون وحدة السرعة هي متر / متر = 1 ، وحينئذ ستكون السرعة بدون أي وحدات أو أبعاد أي ستكون Dimensionless .

وبالتالي يجب علينا أن لا نـٌحـَجـِر عقولنا حول مفهوم واحد عن السرعة أو حول وحدة وحيدة عن السرعة ولكن علينا أن نـُحَيـِد عقولنا عن المتعارف عليه لنصل في النهاية الي استنتاج ما هو متعارف عليه وهو السرعة.

الهدف من المقال :

- ايضاح فكرة أن السرعة ليس شرطا أن تكون مقدار التغير في المسافة بالنسبة للزمن ولكنه مقدار التغير في المسافة وذلك نسبة ً الي عدد الوحدات المرجعية ذات المعدل التكراري الثابت التي يتم النسبة اليها ، وهنا من الممكن أن نعتبر هذا المرجع هو الزمن ، ولكن سيكون الزمن هنا خبرا ً لمبتدأ وهو المرجع ، أي أن الزمن هو مرجع وليس المرجع هو الزمن كما كنا نعتقد سابقا ً.

- معرفة معني كلمة مرجع يـُنسب اليه قيم ومعايير أخري ، فالزمن سيتم تعريفة علي أنه مرجع يـٌنسب اليه ، ولن يتم تعريفة بعد اليوم علي أنه الزمن.

- الأهم هو أنني سأستخدم ما ذكرته سابقا لايضاح أن الزمن هو قيمة مطلقة في مقالي القادم بأذن الله ، وهو ما يتنافي مع النظرية النسبية التي تزعم - من وجهه نظري - أن الزمن نسبي. 

منقول من

أصدقاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا

, ,

إرسال تعليق Blogger

 
Top